حديث إسرائيل عن السلام قبل حرب 1967 كان خدعة

بعد 50 عاماً عليها * وزارة الأمن الإسرائيلية تنشر إفادة رئيس الاستخبارات

حديث إسرائيل عن السلام قبل حرب 1967 كان خدعة
TT

حديث إسرائيل عن السلام قبل حرب 1967 كان خدعة

حديث إسرائيل عن السلام قبل حرب 1967 كان خدعة

بمناسبة الذكرى الخمسين لحرب الأيام الستة، سمحت وزارة الأمن الإسرائيلية، بنشر الإفادة التي أدلى بها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية خلال الحرب، الجنرال أهارون ياريف، أمام قسم التأريخ في الجيش الإسرائيلي، عن أيام ما قبل نشوب الحرب، ويظهر فيها بوضوح، أن القيادات السياسية في إسرائيل لم تكن معنية آنذاك بالحرب، ولكنها لم تكن معنية أيضا بالسلام، وما قالته في هذا الشأن كان «خديعة»، وبلغته «خديعة حرب شرعية».
وقال ياريف في إفادته: «خلال فترة الانتظار قبل الحرب، كان هناك كثير من اليهود الذين سألوا: لماذا يجب تجنيد قوات الاحتياط في الجيش؟ فقد يستفز هذا العرب». وقلنا آنذاك: «فلنجنده أولا وبعد ذلك نستعد. وقلت ليتسحاق (يقصد رئيس أركان الجيش يومها، إسحاق رابين)، لماذا تشعر بالقلق؟ أنت تملك حرية العمل بواسطة التجنيد. إذا شئت فكك قوات الاحتياط، وإن لم تشأ - لا تفكك. الآن أنت في وضع جيد».
وتطرق ياريف بعد ذلك، إلى النقاش التاريخي الذي جرى بعد انتهاء الحرب، فقال: «في 12 يونيو (حزيران) 1967، في مكتب وزير الدفاع، موشيه ديان، نوقشت مسيرة ما بعد الحرب. لقد أراد (ديان) أن يدير الجيش الأمور. لقد قلنا منذ ذلك الوقت إن السلام لن يتحقق». وحسب ياريف فإن «الهدف الذي تم تحديده في نهاية الحرب كان توسيع منطقة نفوذ الدولة. الحديث عن السلام كان (خدعة) وليس (هدفا)». وتفسير هذا الهدف كان «تحسين الوضع الاستراتيجي أيضا في الحرب، وأيضا من خلال حماية مكانة القدس العبرية، والأمن الجارف، وحماية مصادر المياه، وضمان مناطق معيشة أخرى، بالقدر الممكن من دون إضافة عرب أو إضافة الحد الأدنى منهم، السلام والمفاوضات المباشرة، خدعة وليست هدفا».
ويقول ياريف في إفادته المسجلة، إن الاستخبارات تكهنت بأن الرئيس المصري جمال عبد الناصر لا ينوي مهاجمة إسرائيل خلال فترة الانتظار التي سبقت الحرب، لكن رئيس الأركان في حينه، يتسحاق رابين، استصعب تقبل ذلك: «لقد أزعج هذا الأمر رابين طوال الوقت. منطقه المنهجي لم يستوعب خطوة ناصر». وعندما سئل ياريف عن موعد اتخاذ القرار بفتح جبهة الحرب، أجاب: «جرى نقاش لدى رئيس الحكومة (ليفي أشكول) وتبلور خلاله الرأي بأنه يجب فتح (جبهة) الحرب... لم تكن هناك معايير عسكرية (في اتخاذ القرار) وإنما سياسية فقط». وحول قرار احتلال البلدة القديمة من القدس، قال ياريف: «لقد قال وزير الدفاع ديان بالابتعاد عن احتلال البلدة القديمة»؛ لأن «فيها أماكن مقدسة، وهذا سيسبب مشكلة مع العالم وما أشبه... ما الذي سبب التغيير؟ أعتقد ببساطة، أن التطورات الميدانية (هي السبب)».
وبالنسبة لهضبة الجولان السورية، قال الجنرال ياريف، إن نقاشا حادا جرى في الثامن من يونيو، حول الموضوع، ولم يكن وزير الدفاع مستعدا لاحتلال الهضبة لثلاثة أسباب: الروس، والأمم المتحدة، والخسائر: «خرجنا جميعا في حالة مزاجية سيئة، وبشعور أننا ننهي الحرب من دون أن يتم استكمال العمل... عندها قرأت في الصباح أن وزير الدفاع غير رأيه». وحسب ياريف، فقد فكر ديان وفكر، ثم فكر، وجاء في الصباح ووجد سببا لتغيير القرار. لقد قال إن هناك نبأ حول انهيار المنظومة المصرية. قلت: «ليس لدي نبأ كهذا»... بعد ذلك سمعت ديان يقول إنه يجب تبليغ رئيس الحكومة بأننا «تلقينا نبأ من شعبة الاستخبارات بأن المنظومة في سيناء تنهار». قلت: «موشيه، إنها لا تنهار»، فقال: «قل إنه من الأنباء التي تسلمتها من شعبة الاستخبارات استنتج أن المنظومة تنهار».
وحسب ياريف، فقد أصدر ديان ثلاثة توجيهات بشأن قناة السويس: تدمير الجيش المصري، وعدم الدخول إلى القطاع (غزة)، وعدم الوصول إلى القنال. «لماذا؟ إنه لم يقل، لكنني أفسر: القنال تعتبر مسألة دولية، ولا يريد التورط... غزة عش دبابير».
وفي مجموعة أخرى من الوثائق الإسرائيلية في أرشيف الجيش الإسرائيلي، التي أفرج عنها أمس، أيضا، بمناسبة مرور 50 عاما على حرب 1967، جاء أن سياسة تهجير الفلسطينيين وتدمير بيوتهم، كانت بمثابة أدوات عقابية منذ الأيام الأولى للاحتلال، وإن اختلفت الذرائع والمبررات. وكشفت وثيقة سرية مؤرخة باليوم الخامس عشر من يونيو 1967، في وزارة الخارجية الإسرائيلية، قرارا بتهجير عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وذلك كعقاب جماعي على زرع لغم يستهدف قوات الأمن الإسرائيلية. وعلم أنه تم توثيق الحادثة في أعقاب زيارة مسؤولين في الخارجية إلى غزة. وقام بتوثيقها المسؤول في وزارة الخارجية أفنر أرزي، الذي شغل لاحقا منصب قنصل إسرائيلي في ميلانو وإسطنبول.
ويتحدث أرزي في الوثيقة، عن الزيارة التي جرت في 14 يونيو في قطاع غزة، بعد أيام معدودة من انتهاء الحرب. ويصف لقاءه مع الحاكم العسكري لغزة، حيث جرى الحديث عن أحداث الأيام الأخيرة منذ احتلال القطاع. ويتضح منها أنه «في 12 أو 13 يونيو انفجر لغم في محيط غزة. وبينت التحقيقات أنه تم زرع اللغم قبل وقت قصير من انفجاره، وقاد تتبع الآثار إلى عدد من البيوت في مخيم اللاجئين الطرابشة، وطلب من سكان كل البيوت الإشارة إلى من قاموا بزرع اللغم. وبعد فترة من الزمن ظهر 110 أشخاص عرفوا أنفسهم جنودا في جيش التحرير الفلسطيني، وألقوا بالتهمة على عاتقهم بشكل جماعي»، بحسب الوثيقة. وتشير الوثيقة إلى أنهم «لم يصغوا للإلحاح بالإشارة إلى من قام بفعل ذلك. ومنحت لهم 3 ساعات للكشف عن المنفذين، وإلا ستتم معاقبتهم جميعا. ولما لم يستجيبوا لذلك مع انتهاء المهلة، تقرر نقلهم إلى سيناء، وتركهم هناك لمصيرهم. ويبدو أنه تم تنفيذ العقوبة، كما قام الجيش بتفجير 8 منازل كانت الآثار تقود إليها».
وجاء في الوثيقة: «توجه الحكم العسكري إلى سكان مخيمات اللاجئين في القطاع، وطلب منهم تسليم كل السلاح الموجود بحوزتهم، ولم تتم الاستجابة للطلب؛ ولذلك توجه الحكم العسكري إلى ممثل الأونروا في المكان، وطلب منه الإعلان عن مخزن يستطيع من كان بحوزته سلاح أن يضعه فيه في ساعات الليل من دون إجراء تحقيق معه، ومن دون أن يكشف نفسه. على أمل في أن تنجح هذه الطريقة. وانطلاقا من فرضية أن جزءا من عناصر الجيش المصري قد اختبأوا في البيوت في مخيمات اللاجئين، فقد تم توجيه نداء لكل سكان المخيمات بتسليم هؤلاء الجنود، ولكن لم تكن هناك أي استجابة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».