صناديق الاقتراع في هولندا تقيس شعبية اليمين المتطرف

احتساب الأصوات يدوياً تفادياً لهجمات إلكترونية

ناخبة هولندية تدلي بصوتها بالانتخابات التشريعية في لاهاي أمس (أ.ف.ب)
ناخبة هولندية تدلي بصوتها بالانتخابات التشريعية في لاهاي أمس (أ.ف.ب)
TT

صناديق الاقتراع في هولندا تقيس شعبية اليمين المتطرف

ناخبة هولندية تدلي بصوتها بالانتخابات التشريعية في لاهاي أمس (أ.ف.ب)
ناخبة هولندية تدلي بصوتها بالانتخابات التشريعية في لاهاي أمس (أ.ف.ب)

أدلى الهولنديون الذين أصبحت بلادهم محورا للقضايا المرتبطة بالهوية وتخللتها أزمة دبلوماسية مع تركيا، بأصواتهم أمس في انتخابات تشريعية ستشكل اختبارا للتيار الشعبوي قبل عمليات اقتراع مماثلة في أوروبا.
فبعد ارتفاع شعبية تيارات اليمين المتطرف والمعادية للمهاجرين، تتوجه الأنظار إلى حزب النائب اليميني المتطرف المعادي للإسلام غيرت فيلدرز الذي تراجع في استطلاعات الرأي الأخيرة بعد تقدم استمر أشهرا.
وأدلى فيلدرز بصوته في مدرسة في إحدى ضواحي لاهاي، أمام عدد كبير من الصحافيين. وقال: «أيا كانت نتيجة انتخابات اليوم، الأمور لن تبقى على حالها وهذه الثورة الوطنية موجودة لتبقى». وأضاف: «أعتقد أن الأحداث في الولايات المتحدة وربما في دول أوروبية أخرى تدل على أن الناس الطبيعيين يريدون أن يكونوا أصحاب السيادة في بلدانهم».
وفي الجانب الآخر من لاهاي، أدلى رئيس الحكومة مارك روتي بصوته. وقد تبادل بعض الكلمات مع تلاميذ كانوا يهتفون له، ووعدهم بأن «يصوت يوما لهم». وقال للصحافيين إن «هذه الانتخابات حاسمة لهولندا»، مضيفا أنها «فرصة لتمنع ديمقراطية مثل تلك التي نطبقها تأثير الدومينو الشعبوي السيئ».
وفي صف الانتظار في المركز حيث أدلى فيلدرز بصوته، قالت إيستر وانت (52 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن فيلدرز «رجل مزعج». وأضافت: «لا أريد أن أعيش في عالم يهيمن عليه اليمين الشعبوي لذلك قمت بالتصويت ضده».
وأمام لجنة للتصويت في بلدية سلوتن مير، غرب العاصمة أمستردام، رصدت «الشرق الأوسط» آراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم. وقال ناخب من أصول تركية في العقد الثالث من عمره وبرفقته طفله الصغير لم يتعد ثلاثة أعوام: «جئت لأمارس دوري في التصويت بالانتخابات، واخترت مرشحة تركية». فين حين قال رجل في الخمسين من عمره، وهو من أصول مغاربية: «صوت لحزب العمال، لأنه يضم أشخاصا من أصول عربية وإسلامية ويعملون لمصلحة المسلمين في هولندا». من جهته، رأى ناخب في الستين من عمره أن «الطقس الجميل سيساعد على مشاركة أعداد كبيرة، وأنا صوت للحزب الاشتراكي لقناعتي بأن برنامج الحزب يلبي طموحاتي. وأتمنى أن لا ينجح فيلدرز المتشدد».
من جهتها، قالت عائشة غول كليتش، مرشحة من حزب «دنك» الهولندي إن «حزبنا تأسس قبل عامين ولدينا نائبان في البرلمان. وندعو إلى مجتمع مشترك يسمح لكل شخص أن يحتفظ بهويته، ونرفض أن يكون هناك مقياسان. ونحن ننادي إلى عكس ما ينادي به فيلدرز، وأرجو من المواطنين عدم التأثر بالاستطلاعات، وأن يختاروا المرشح حسب البرنامج الذي يطرحه».
من جهة أخرى، قال لوك ورينغا رئيس المركز الاجتماعي لملتقى العقائد في أمستردام معلقا على الأزمة بين هولندا وتركيا: «أي من الأحزاب الهولندية لم تشأ التورط في هذا الخلاف الذي وقع قبل أيام قليلة مع تركيا، وأنا كهولندي أرى أن إردوغان أراد استعراض عضلاته بإرسال وزيرة شؤون الأسرة إلى هولندا بعد رفض هبوط طائرة وزير الخارجية التركي في وقت سابق».
وبدأ الناخبون البالغ عددهم 12.9 مليون ناخب التوجه إلى مراكز التصويت اعتبارا من السابعة صباحا، وهم في طريقهم إلى العمل أو المدرسة؛ إذ إن هذه المراكز أقيمت في محطات القطارات والمحلات التجارية وحتى في منازل خاصة. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها عند التاسعة ليلا.
وقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية السابقة 74 في المائة. وعند نحو الساعة 10:30 بلغت نسبة المشاركة 15 في المائة مقابل 13 في المائة في الوقت نفسه في انتخابات 2012، كما ذكر معهد إيبسوس.
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرت نتائجها الثلاثاء إلى أن الحزب الشعبي الليبرالي والديمقراطي الذي يقوده روتي يتقدم بفارق كبير على حزب فيلدرز، حزب الحرية.
وتعد النتيجة التي سيحققها الحزب الشعبوي اختبارا قبل انتخابات الأشهر المقبلة في فرنسا ثم في ألمانيا. وقالت المرشحة اليمينية المتطرفة للرئاسة إن فيلدرز «وطني»، كما قالت لمحطتي فرنسا الدولية و«فرنس 24».
وسيحصل حزب رئيس الوزراء على ما بين 24 و28 مقعدا من أصل 150 في مجلس النواب في البرلمان الهولندي، لكنه بعيد جدا عن الأربعين مقعدا التي يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته، حسب الاستطلاعات الأخيرة.
أما حزب الحرية الذي تصدر اللائحة لأشهر، فلن يحصل على أكثر من 19 إلى 22 مقعدا، تليه الأحزاب التقليدية مثل حزب النداء المسيحي الديمقراطي والتقدميين في حزب الديمقراطيين - 66.
ويمكن لحزب النداء المسيحي الديمقراطي الذي هيمن لفترة طويلة على الحياة السياسية في هولندا، أن يصبح أيضا أكبر حزب في البلاد ومن شبه المؤكد أن يشارك في الحكومة.
وخلال الحملة اقترح هذا الحزب إلزام التلاميذ بترديد النشيد الوطني وأعاد فتح الجدل حول مسألة ازدواج الجنسية. ووعد هذا الحزب، كما قرر حزب روتي، بالامتناع عن التعاون مع فيلدرز.
أما برنامج فيلدرز الذي يقع في صفحة واحدة، فيتلخص بإغلاق الحدود أمام المهاجرين ومنع بيع القرآن وإغلاق المساجد في بلد يشكل المسلمون خمسة في المائة من سكانه. ويرى الخبراء أنه إذا خرج حزب النداء المسيحي من الاقتراع كأكبر حزب سياسي في البلاد، فيفترض ألا يشارك فيلدرز في الحكومة؛ إذ إن غالبية الأحزاب الأخرى ترفض التعاون معه.
ويلزم النظام الانتخابي الهولندي النسبي بشكل شبه كامل، الحزب الفائز بتشكيل تحالفات حكومية.
وما عقد المشهد السياسي، اندلاع أزمة سياسية في نهاية الأسبوع الماضي بين لاهاي وأنقرة بعد منع السلطات الهولندية وزيرين تركيين من المشاركة في تجمعات مؤيدة للرئيس رجب طيب إردوغان.
وقدم 28 حزبا وهو عدد قياسي، لوائح. ويمكن أن يستغرق تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد أشهرا؛ إذ بلغت الفترة القياسية حتى الآن 208 أيام، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية، وسينبثق نتيجة اتفاق بين أربعة أو خمسة أحزاب.
وخوفا من الهجمات الإلكترونية، سيتم احتساب الأصوات بالكامل يدويا هذه المرة وستعلن النتائج الرسمية الأسبوع المقبل.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.