مصادر فرنسية رسمية: ليس لدينا مرشح لرئاسة لبنان

باريس تشهد نقاشات مكثفة بين القوى اللبنانية

مصادر فرنسية رسمية: ليس لدينا مرشح لرئاسة لبنان
TT

مصادر فرنسية رسمية: ليس لدينا مرشح لرئاسة لبنان

مصادر فرنسية رسمية: ليس لدينا مرشح لرئاسة لبنان

مثلما كان متوقعا، لم تثمر المحاولة الثانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية يخلف الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا. فالجلسة النيابية لم تعقد بسبب غياب النصاب (ثلثا أعضاء المجلس النيابي). لكن السبب العميق مرده إلى غياب التفاهم بين الأطراف المتنازعة والمتنافسة على اسم الرئيس العتيد. وليس في الأفق ما يشير إلى اقترابها من تسوية قبل نهاية الفترة الدستورية في 25 مايو (أيار) الحالي بحيث ينجح اللبنانيون في تلافي الفراغ على رأس أولى مؤسسات الدولة كما حصل في الانتخابات الماضية قبل ستة أعوام.
بيد أن هذا الواقع، رغم خطورته، لا ينظر إليه فرنسيا بكثير من القلق. وقالت مصادر فرنسية عالية المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن فرنسا ترى أنه «رغم الصعوبات»، فإن «اللعبة الانتخابية تسير في الطريق الصحيح بفضل مساحة الحوار السياسي الجديدة القائمة بين الأطراف»، ولأن العملية الانتخابية «تجري ضمن المهل الدستورية».
وكانت المصادر الفرنسية تشير بذلك ضمنا إلى المشاورات القائمة بين القوى السياسية اللبنانية، وتحديدا إلى المحادثات المتواصلة بين تيار المستقبل الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، والعماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر. وكانت آخر اللقاءات حصلت أول من أمس في العاصمة الفرنسية بين الحريري ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، الذي هو صهر العماد عون والمسؤول السياسي في التيار الوطني الحر. ويسعى عون لدعم «المستقبل» ليكون مرشحا «توافقيا» للرئاسة، وهو الأمر الذي من شأنه خلط الأوراق وتغيير المعادلات السياسية في لبنان القائمة منذ عام 2005. ومن جهة أخرى، ترى باريس أن البرلمان «غير مغلق»، ورئيسه «يحترم» المهلة الدستورية ويدعو لجلسات متتالية، رغم أنه ليس من المؤكد أن ينجح النواب في انتخاب الرئيس الجديد.
وشددت المصادر الفرنسية على أهمية أن «يستفيد» النواب من مهلة الثلاثة أسابيع ونصف الأسبوع المقبلة واحترام اللعبة الديمقراطية وانتخاب رئيس جديد، وهو الأمر الذي تتمسك به فرنسا بقوة «تلافيا للفراغ الدستوري وما يمكن أن يترتب عليه من تهديد الأمن والاستقرار في لبنان»، الذي يعاني من تبعات الحرب في سوريا سياسيا وأمنيا وحياتيا.
ولكن هل لفرنسا مرشح للرئاسة في لبنان؟ الجوب يجيء نفيا قطعيا. وتقول المصادر الفرنسية: «بالطبع ليس لنا مرشح والعملية الانتخابية يجب أن تحافظ على طابعها اللبناني، ربما للمرة الأولى، رغم المداخلات والتأثيرات الخارجية التي يصعب عزل لبنان عنها». ولكن إن لم يكن لفرنسا مرشحها وهو أمر مفهوم، فإن لها بالمقابل سياستها ومبادئها، وعلى رأسها «التمسك بمرشح يحافظ على استقلال لبنان وسيادته ويحرص على أمنه واستقراره وبالثوابت التي نعتبرها أساسية للبنان». وترجمة هذه الأقوال المبدئية أنه «ليست لفرنسا أي مشكلة مع أي من المرشحين للرئاسة» ما دامت هذه المبادئ مأخوذة بعين الاعتبار. ولمزيد من الإيضاح، تضيف هذه المصادر: «لا فيتو على أي من المرشحين، ولا نحبذ مرشحا على حساب آخر». وتشهد باريس خلال هذه الفترة مجموعة لقاءات تتناول الاستحقاق الرئاسي في لبنان، سواء على المستوى اللبناني - اللبناني (وآخرها اللقاء بين الحريري وباسيل)، بينما من المنتظر أن يقوم البطريرك الماروني بشارة الراعي بمناسبة مجيئه إلى فرنسا للقاءات روحية بسلسلة اتصالات. وعملت «الشرق الأوسط» أن مبعوثين أميركيين من وزارة الخارجية جاءوا إلى باريس في الأيام الأخيرة لإجراء لقاءات مع أطراف فرنسية ولبنانية.
وسألت «الشرق الأوسط» المصادر الفرنسية عن حقيقة أن الطرف الأميركي يدفع باتجاه تفاهم بين الحريري وعون، أو أن الأخير أصبح مرشح أميركا. وكان الجواب أن هذا الأمر «غير صحيح، ومن إنتاج إما سياسيين لبنانيين وإما الإعلام اللبناني». ونفت هذه المصادر علمها أن يكون لواشنطن مرشح رئاسي في لبنان، مؤكدة أن ما يهم واشنطن «ليس شخصية الرئيس، بل السياسة التي سوف يتبعها عندما يدخل إلى قصر بعبدا».
أما بصدد التدخلات العربية والإقليمية والدولية في الشأن اللبناني، فترى باريس أنها «موجودة»، لكنها في الوقت عينه تذكر أن «النواب اللبنانيين هم من سيسقط أوراق الانتخاب في الصناديق»، وبالتالي فإنهم يتحملون مسؤولية خاصة في المحافظة على استقلالية الاستحقاق وعلى المصالح اللبنانية.
من جانبها، تساءلت مصادر دبلوماسية أخرى عن «قوة المرشح عون» في حال أصبح رئيسا للجمهورية وقدرته على التعاطي مع حزب الله في موضوعين أساسيين، هما: سلاح الحزب من جانب، ودور الحزب العسكري في الحرب السورية من جانب آخر. وترى هذه المصادر أنه رغم أهمية التحالف بين حزب الله وعون، وحرص الأول على «تأمين غطاء مسيحي» له يوفره العماد عون، فإن مصالحه الاستراتيجية «تحل في المقام الأول، وهي بالتالي لن تتغير أكان عون رئيسا أم لم يكن».
وفي أي حال، تستمر باريس في اتصالاتها المتشعبة لبنانيا وعربيا ودوليا وعينها على الروزنامة التي تنزع أوراقها يوما بعد يوم. وخوفها أنه إذا مرت المهلة الدستورية من غير انتخاب رئيس جديد للبنان، فإن «الفراغ يولد الفراغ» ومعه تزداد المخاطر المحدقة بلبنان.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.