مرشحون مغمورون للرئاسة اللبنانية يقترحون مشاريع بديلة تتخطى الاصطفاف التقليدي

نادين موسى متفاجئة بالتأييد الهائل.. والشدياق يراهن على تراجع جعجع

الرئيس اللبناني ميشيل سليمان خلال لقائه رئيس الوزراء تمام سلام أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشيل سليمان خلال لقائه رئيس الوزراء تمام سلام أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

مرشحون مغمورون للرئاسة اللبنانية يقترحون مشاريع بديلة تتخطى الاصطفاف التقليدي

الرئيس اللبناني ميشيل سليمان خلال لقائه رئيس الوزراء تمام سلام أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشيل سليمان خلال لقائه رئيس الوزراء تمام سلام أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)

«ردود الفعل إيجابية وهائلة وأكثر مما توقعت بكثير. تحفل مفكرتي يوميا بموعدين على الأقل مع وسائل إعلام أجنبية تريد تسليط الضوء على النقلة النوعية التي أقوم بها، كوني امرأة من خارج النادي التقليدي، تسعى لاختراق جدار ذكوري وإقطاعي وطبقة تقليدية تحتكر اللعبة السياسية».. بهذه العبارات تصف المحامية والناشطة المدنية نادين موسى لـ«الشرق الأوسط» ردود الفعل والاهتمام الذي لاقته بعد إعلان ترشحها لرئاسة الجمهورية في لبنان.
موسى، التي كانت من أوائل الحاضرين إلى دورة الانتخاب الأولى في المجلس النيابي قبل أسبوع، واحدة من المرشحين الذين لم يتلقوا برحابة صدر مطالبتهم من النائب سيرج طورسركيسيان بأن يقدموا «سيرهم الذاتية وكلمة مختصرة يعرفون فيها عن أنفسهم»، بعد افتتاح رئيس البرلمان نبيه بري جلسة الانتخاب الأولى وتعداد أسماء المرشحين. لم يرق لهؤلاء؛ وهم بغالبيتهم من خارج الاصطفاف السياسي التقليدي، تلميح طورسركيسيان إلى كونهم مرشحين «مغمورين»، رغم مسارعة بري إلى تأكيد حق كل منهم بالترشح للرئاسة.
ترشح موسى للرئاسة ليس وليد صدفة، كما تؤكد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط». تقول إن ترشحها «يأتي في إطار معركة سياسية قديمة تخوضها مع نظام طائفي فاشل في لبنان أثبت أنه لا يمكنه تحقيق الاستقرار والازدهار وبناء دولة المواطن القائمة على الحق وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية». تنتقد بإسهاب «النظام الذي يؤمن استمرارية الطبقة الحاكمة نفسها، وبالتالي استمرار الحرب الأهلية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة». يحفل برنامجها الانتخابي بأهداف تريد من خلالها إحداث «تغيير جذري»، على غرار مواجهة الفساد المستشري والإثراء غير المشروع، والنظام الطائفي والإقطاع والتوريث السياسي إضافة إلى سياسات الارتهان للخارج.
ولأن عدد المرشحين للرئاسة إلى ازدياد، لا تتردد موسى في اقتراح تنظيم مناظرة علنية بين كل المرشحين التقليديين والجدد، بهدف التعرف إلى برنامج كل مرشح ولكي لا يختلط الحابل بالنابل على حد تعبيرها، مع وجود مرشحين مغمورين غير جديين وبلا برامج.
لا تخفي موسى سعادتها من ردود الفعل الشعبية والإعلامية: «قنوات عربية وأجنبية تتواصل معي يوميا. مواطنون يستوقفونني في الشارع لتشجيعي وتهنئتي، حتى إن سائقي التاكسي الذين ألتقي بهم خلال تنقلي من مكان إلى آخر يرفضون أخذ أجرتهم مني». تسهب قليلا في الحديث عن سعادتها من الدعم الذي تلاقيه، قبل أن تؤكد «خطورة الوضع الذي نعيشه ووجوب انخراط اللبنانيين في المشاركة بصنع مصيرهم». تقترح مشروعا بديلا عن المشاريع التقليدية القائمة وتشعر بإمكانية تحقيق الخرق من خلال التأييد الواسع ومثابرتها على متابعة قضيتها حتى النهاية انطلاقا من خلفيتها كمحامية تلتزم بمتابعة قضاياها حتى النهاية.
ليست نادين موسى وحدها من أعلنت ترشحها للرئاسة في لبنان، بعيدا عن نادي رؤساء الأحزاب المسيحية البارزة والشخصيات المستقلة من نواب ووزراء حاليين وسابقين. ثمة مرشحون آخرون لا يلقون اهتماما كافيا رغم إعلانهم رسميا ترشحهم وتحديدهم شعارات وأولويات عملهم.
شارل الشدياق، مرشح آخر ودائم للرئاسة في لبنان. حضر أمس باكرا إلى البرلمان، لكن فرحته باكتمال النصاب لم تتحقق! لم يتردد عدد من النواب في المبادرة إلى التعرف عليه، ومنهم النائبان علاء الدين ترو وفؤاد السعد. الشدياق، وبحسب موقعه الإلكتروني على شبكة الإنترنت، يرأس «حزب الإصلاح الجمهوري اللبناني». شعاره «الرئيس القوي هو من سيجعل من لبنان دولة قوية»، وقناعته راسخة بأن «الوطن العربي دائما على حق».
أكثر من ذلك، قال الشدياق أمس إن «برنامجه الانتخابي معروف ومنشور على موقعه الإلكتروني»، معربا عن اعتقاده أنه «بعد أن يعلن الدكتور سمير جعجع عزوفه عن الترشح، سأتقدم أنا أكثر». ويشير إلى اتصالات أجراها في الخارج بهذا الصدد، مضيفا وفق ما نقل عنه أمس: «تحدثت مع الأميركيين في هذا الموضوع».
يختلف المرشح عيسى الصليبي، عن باقي المرشحين بانتمائه أولا إلى الطائفة الشيعية فيما العرف في لبنان يقضي بانتخاب رئيس من الطائفة المارونية، وبعدم اتخاذه ترشحه على محمل الجد. إذ إنه في مقدمة مؤتمر صحافي عقده قبل أيام أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، وفي ختامه أعلن انسحابه.
يتهكم الصليبي، ولقبه السياسي «الهلفوت» على النظام اللبناني والأفرقاء السياسيين كافة، وهو ما يبدو واضحا في شعاره الانتخابي «ما حدا جاع وأكل صاروخ». في تقارير فيديو منشورة على موقع «يوتيوب»، يطالب «الهلفوت» الرئيس بري أن يذكر اسمه عند تعداد أسماء المرشحين للرئاسة انطلاقا من رغبته بتسجيل سابقة لكونه مرشحا شيعيا.
ويدعو الشعب اللبناني إلى أن «يخرج من نظرية المؤامرة» ويتخطى الخوف «من خياري إسرائيل أو التكفيريين»، انطلاقا من أن الهدف منهما أن «نبقى في حالة الخوف وننسى لقمة عيشنا لأننا عندما نعيش في حالة سلم لن ننتخبهم».
وفي حين يقدم المرشح جيلبير المجبر نفسه على أنه «مرشح الحلول لكل المشكلات»، معتبرا أنه «بإمكان كل ماروني في لبنان أو الغربة الترشح وممارسة حقه»، لم يتردد المرشح رشيد لويس لبكي في نشر إعلانات ولافتات على الطرق تحمل صورته ومذيلة بعبارة: «المرشح الرئاسي بإذن الله: رشيد لويس لبكي».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.