الأزهر: ليس في مناهجنا مدخل للإرهاب

وفود من 50 دولة يطالبون القاهرة بضبط الدعوة كبداية لتعديل الخطاب الديني

الأزهر: ليس في مناهجنا مدخل للإرهاب
TT

الأزهر: ليس في مناهجنا مدخل للإرهاب

الأزهر: ليس في مناهجنا مدخل للإرهاب

طالب المشاركون في مؤتمر إسلامي دولي عقد بالعاصمة المصرية القاهرة أمس، بضبط الفتوى والأداء الدعوي كبداية حقيقية لتجديد الخطاب الديني، مؤكدين أن «تجديد الخطاب الديني لن يتم في ظل الفوضى المتعمدة من خلال استخدام غير المتخصصين في مجالي الفتوى والدعوة».
ويأتي المؤتمر الدولي ضمن مساعي الأزهر لتجديد الخطاب الديني وتحصين الشباب في مصر والدول العربية والأوروبية ضد أفكار وآراء الجماعات المتطرفة. ونظمت كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فعاليات مؤتمر «تجديد الخطاب الديني بين دقة الفهم وتصحيح المفاهيم» لمدة يومين، تحت رعاية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبمشاركة وفود من 50 دولة عربية وأفريقية وإسلامية.
وقال مصدر في الجامعة إن المؤتمر «يهدف إلى تعريف الشباب بقيمة تجديد الخطاب الديني، وتصحيح مفاهيم مغلوطة علقت بأذهان بعضهم... فضلاً عن تحصينهم من أفكار تنظيم داعش المتطرف»، مضيفا أن «المؤتمر يهدف أيضاً إلى تحرير مفهوم الخطاب الديني وتصحيح مفاهيم التبست بأذهان الكثيرين لمواجهة التحديات التي تواجه عالمنا العربي في المرحلة الراهنة، في ظل التغيرات والتحولات التي يمر بها العالم أجمع».
وأكد شيخ الأزهر في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أن «التجديد في الفكر الإسلامي لازمة من لوازم شريعتنا، لا يمكن أن ينفك عنها، ولا يمكن للشريعة أن تساير حاجات الناس وتواكب متطلباتهم من دونه»، مضيفا أن المدقق في تاريخ الإسلام والمستوعب لأحكام شريعته يدرك أن الإسلام دين متجدد حتى في وصوله للناس، وأن التجديد في العصور الماضية كان تجديدا مستنيرا بنور العقل السديد، واجتهادا منضبطا بأصول وأحكام الشرع الحكيم.
وأضاف شومان أن «التجديد من غير المؤهلين وغير المتجردين من الأهواء والمصالح تجديد مرفوض، فمن غير المقبول عقلا ونقلا أن يرفع راية التجديد في الفكر الإسلامي من لا يلتزم بأحكام الدين من صلاة وصيام وزكاة، ويحرم ما أحل الله ورسوله، ويحل ما حرمه الله ورسوله، ولا يقدس المقدس، ولا يقدر السلف الصالح من العلماء»، موضحاً أن بعض من يخوضون في التجديد في هذا الزمان يسلكون مسلكا عجيبا يكفي لتشويه الدين ويجعل مهمة تطوير الفكر الديني مهمة صعبة، بل مستحيلة، حيث يعمدون لبعض النصوص الصحيحة فيقتطعونها من سياقها اللغوي، ويفصلونها عن زمن ورودها وأسباب نزولها، مؤكدا أن الأزهر يقوم بدوره كاملا في تجديد الخطاب والفكر الديني، وأنه قام بتعديل مناهج التعليم قبل الجامعي، وتعجب من قيام البعض بنقد مناهج الأزهر التي لم يعلموا أنه تم تعديلها حتى الآن، ويتحدثون عن مناهج غير موجودة.
يشار إلى أن المؤتمر ناقش 44 بحثا تقدم بها العلماء من بعض الدول المشاركة في المؤتمر، منها «المملكة العربية السعودية، والكويت، والجزائر، والسويد، والسودان»، وأكد المشاركون أن «هناك من صدر للعالم صورة الإسلام بطريقة مخالفة لحقيقته السمحة... والسبب الرئيسي لما تعانيه الأمة من ويلات العنف والإرهاب يرجع إلى سوء الفهم وسفاهة التأويل».
من جهته، شدد وكيل الأزهر في كلمته أمس على أن تجديد الخطاب الديني «لن يتم في ظل تلك الفوضى المتعمدة من خلال استخدام غير المتخصصين في مجالي الفتوى والدعوة، فضبطهما هو البداية الحقيقية لتجديد الخطاب الديني»، مؤكدا أن الأزهر لم يلتفت للمحاولات التي تسعى لتعديل قانونه أو التقليل من مكانة علمائه، فجميعها زائلة ومن يقف خلفها سيخسر.
وما زال الجدل يتصاعد في مصر بسبب مشروع قانون داخل مجلس النواب (البرلمان) طالب بتعديل قانون الأزهر، وتوسيع دائرة اختيار أعضاء هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة به) لتضم آخرين مختصين في أمور أخرى ليست دينية فقط.
من جانبه، قال الدكتور أحمد حسني رئيس جامعة الأزهر، إن «تجديد الخطاب بما يتفق ومتطلبات العصر مع الحفاظ على ثوابت الدين أمر في غاية الأهمية، وهو ما دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولا بد أن نتوقف عن الحالة الموجودة حاليا»، مضيفا أن المشكلة ليست في الدين؛ لكن في الفكر، وفي الأجواء الملغومة بالتشدد المظلم الذي يضيق على الناس سبل حياتهم ودينهم ويضيق ذرعا بالآخر ويصل إلى استباحة دم الآخر.
وسبق أن طالب السيسي أكثر من مرة بتحديد الخطاب الديني للتصدي لفكر الجماعات المتشددة ومواجهة دعوات التكفير. بينما قال الدكتور علي جمعة مفتى مصر السابق إنه «يجب أن نفرق بين التجديد والتبديد، فهناك عقليات قد تكون حسنة النية تريد أن تحل هما وقع في القلوب لحال المسلمين والأمة الإسلامية، أو قد تكون سيئة النية، أو لا نية لها أصلا من غبائها، فملامح التبديد واضحة تتميز بالقدح في اللغة والعلماء والثوابت، والتفكير بصورة منفلتة خارج القواعد والمناهج، فضلا عن فقدان السقف المعرفي وعدم إدراك الواقع».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم