فريدة تمرازا... مصرية تعشقها هوليوودhttps://aawsat.com/home/article/878416/%D9%81%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D8%A7-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B4%D9%82%D9%87%D8%A7-%D9%87%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%88%D8%AF
الممثلة لورا بيل باندي في حفل توزيع جوائز «ساج» لعام 2016 - فريدة تمرازا في أسبوع لندن للموضة 2015
المصممة فريدة تمرازا (25 عاما) سطع اسمها عالميا بعد مشاركتها في أسابيع الموضة في كل من باريس ونيويورك ولوس أنجليس. تركت تمرازا مجال المبيعات والتسويق بشركة سامسونج، واتبعت هواها في اقتحام عالم الأزياء منذ سنوات. قبل ذلك درست التسويق بالجامعة الأميركية في القاهرة، وتخرجت فيها عام 2012. وهي الآن تقوم بالتدريس فيها في تخصص fashion communications من خلال «تمرازا فاشون ستوديو» لخلق أجيال جديدة في عالم الموضة يمكن أن تحلق في الساحة العالمية. المتابع لتصميماتها يلاحظ أن ماركتها المسجلة هي الخرز. فهي تعتبره كنزا سحريا تطوعه وتستخدمه بشكل عصري يلائم الذوق الأوروبي والشرقي على حد سواء. وبالفعل حقق لها رهانها عليه التميز الذي كانت تطمح إليه كما لفت لها أنظار نجمات هوليوود. بدأ ولع تمرازا بالموضة منذ أن كان عمرها 7 سنوات، حيث رغبت في تصميم أزياء دمى اللعب الخاصة. بعد ذلك بدأت تتوجه لورشات تصميم الملابس لكي تتعلم من الخياطين طرق القص والخياطة. كانت تصمم ملابسها بنفسها، ومنذ البداية كان بينها وبين الخرز والتطريز ارتباط واضح. إلى هذا الحد، كانت العملية بالنسبة لها هواية تعشقها، إلى أن طلبت منها صديقة مُقربة أن تصمم لها فستان زفافها. كان الأمر تحديا كبيرا بالنسبة لها، فهذا فستان العمر وليس هناك مجال للفشل. لحسن الحظ حاز على إعجاب الجميع، الأمر الذي شجعها على الاستمرار وتحقيق حلمها في إطلاق اسم أسرتها «تمرازا» كعلامة تجارية في عام 2013. تلت هذه التجربة مشاركتها في مهرجانات الموضة المحلية في مصر، أثارت إليها انتباه فنانات مصريات، نذكر منهن غادة عادل، ونيللي كريم، وأمينة خليل، ومريم مصطفى. بدأن يطلبن منها فساتين للمساء والسهرة، ولبت لهن الطلب. وربما هنا بدأت مهارتها في توظيف الخرز والأحجار الكريمة والسيرما بالظهور. حاولت «تمرازا» إبراز مهارتها من خلال تصميمات بقصات أنثوية ذات طابع عصري. كان حلمها بالعالمية يداعبها، لكنها لم تتوقع أن يتحقق بهذه السرعة، وفور تقدمها للمشاركة في أسبوع لندن للموضة عام 2015، وضعت قدميها على العالمية. فهذه المشاركة كانت نقطة الانطلاق بالنسبة لها. فبعد لندن أتيحت لها فرصة المشاركة في أسبوع باريس، وحصلت على المركز الأول كأفضل مصممة أزياء شابة من بين 15 مصمما عالميا. وتلقت وقتها عرضا من دار «شانيل» لكي تنضم لفريقها، لكنها رفضت مفضلة أن تحقق طموحها بشكل شخصي ومستقل. ما زاد من ثقتها بنفسها أن أحد تصميماتها تصدر غلاف مجلة «فلير» الباريسية المتخصصة في الأزياء. لم يمر سوى وقت وجيز حتى عززت هذا النجاح وهذه الثقة بافتتاح متجر باسمها في كل من لندن وبيفرلي هيلز. ولم تتوقف طموحاتها عند هذا الحد، فهذه كانت فقط البداية؛ لأنها شاركت في عدد من أسابيع الموضة بلوس أنجليس ونيويورك. وكانت في كل مرة تثير أنظار خبراء الأزياء الذين يعملون مع نجمات من عيار الممثلة الهوليوودية لورا بيل باندي، وكيشا شارب، وكاري أندروود، وجلوريا جوفن. من العربيات، ظهرت مقدمة البرامج ريا أبي راشد بتصميماتها في عدة مناسبات. وهكذا أصبحت تصميمات «تمرازا» حاضرة في كثير من الحفلات العالمية، من توزيع جوائز «sag» ومهرجان «كان» بفرنسا، إلى الأوسكار بالولايات المتحدة، لتكون أول مصممة مصرية تظهر تصميماتها على السجادة الحمراء في حفل الأوسكار. ومع ذلك فهي متواضعة وتعتبر أن الأهم في مشوارها المهني لم يأت بعد، وإن كانت المحافظة على النجاح أصعب من الوصول إليه، حسب قولها.
دانيال روزبيري لـ«الشرق الأوسط»: قد نختلف على طريقة نطق اسمها لكننا جميعا نعرف من هيhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5157318-%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%B1%D9%88%D8%B2%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%82%D8%AF-%D9%86%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%86%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%83%D9%86%D9%86%D8%A7
دانيال روزبيري لـ«الشرق الأوسط»: قد نختلف على طريقة نطق اسمها لكننا جميعا نعرف من هي
دانيال يحيِّي ضيوفه بعد عرض أثار الإعجاب وأيقظ الأحلام (غيتي)
كانت أشعة شمس دافئة تلقي بظلالها على ساحة «فاندوم» الباريسية. تدخل مقر «ميزون سكياباريللي» Maison Schiaparelli في أقصى ركن منها، حيث كان موعد اللقاء مع مصممها دانيال روزبيري، فيصفعك هواء منعش ورائحة ورود ذكية تنبعث من جوانبه. المبنى هنا لا يشبه مقرات بيوت الأزياء الأخرى، بل له طابع نخبوي يخفي بعض الأسرار التي لا يعرفها كثيرون. فهو مكون من عدة طوابق تتفرع منها قاعات عرض للأزياء الرفيعة، وأخرى تستعرض تاريخ الدار، وفي الطابق الثاني متجر خاص بالإكسسوارات والأزياء الجاهزة مفتوح للزبونات العارفات بوجوده. فالتسوق بالنسبة إلى الدار يجب أن يكون تجربة فريدة مفعمة بالحميمية.
كان اللقاء المرتقب مع روزبيري، المصمم الذي يصفه البعض بالوريث الشرعي لإلسا سكياباريللي على الساعة التاسعة والنصف صباحاً. تأخر نحو 6 دقائق اعتذر عنها بحرارة بعفوية أميركية.
المصمم دانيال روزبيري يتأكد من كل التفاصيل قبل العرض (سكياباريللي)
مظهره هادئ. أناقته بعيدة عن الزخرف، بعكس عروضه المليئة بالمفاجآت المسرحية والدراما الفنية. يمتد الحديث إلى نصف ساعة، تكتشف فيها أن خلف هذا الهدوء، تكمن طاقة داخلية مشحونة بالأفكار والرغبة في التميز.
يصوب نظره نحو «ساحة فاندوم» وهو يُوافق على قولي بأنه محظوظ بوجوده في هذا المكان الأيقوني: «فعلاً! لا يمكن لأحد أن يكون هنا من دون أن يشعر بالرهبة. هذه الساحة تمثل قلب الفخامة الباريسية، وهي بلا شك تلهمني». يتابع مازحاً بابتسامة: «ربما لهذا أستخدم هذا القدر من الذهب في تصاميمي».
ساحة بطولات وهزائم
قد تكون الساحة حالياً معقل دور المجوهرات الرفيعة، لكنها قبل ذلك كانت مسرح بطولات وهزائم عسكرية، كما شهدت على تحوّلات طبقية وفنية شتى، منها تلك المنافسة الشرسة والأقرب إلى المعركة بين مصممتين كانتا ولا تزالان لهما تأثير كبير على ساحة الموضة، هما: كوكو شانيل وإلسا سكياباريللي. هنا كانت تعيش الأولى متنقلةً بين شارغ غامبون وفندق الريتز، وعلى بُعد خطوات منها، في هذا المبنى، كانت الأخرى تُبدع تصاميمها وتستقبل زبوناتها وأصدقاءها من الفنانين من أمثال سالفادور دالي وجون كوكتو وألبرتو جياكوميتي ومان راي وغيرهم.
المفاتيح والأقفال وغيرها من الأشكال أصبحت لصيقة باسم الدار وتظهر في كثير من إبداعات المصمم (سكياباريللي)
الفرق بينهما كان شاسعاً. كوكو تبنت أناقة معاصرة بينما آمنت إلسا بالفن حد الذوبان فيه. تجاهلت تغيرات الثقافة العامة بعد الحرب العالمية الثانية، ورفضت أن تغيّر هويتها، وكانت النتيجة خروجها من المنافسة تاركة الساحة لغريمتها تجول وتصول فيها. بالنسبة إلى عشاقها، خسرت المعركة لكن حفرت مكانتها في الذاكرة، لتعود بعد عقود. فقصتها لم تنتهِ بالنسبة إلى الملياردير الإيطالي، دييغو ديلا فالي، مالك مجموعة «تودز»، عندما اشتراها في عام 2006. وفي 2019 أفاقت من سباتها بشكل كامل على يد دانييل روزبيري.
الآن «سكياباريللي» ليست مجرد اسم إضافي في برنامج باريس للـ«هوت كوتور». أصبحت لاعباً أساسياً في ساحة الموضة ككل. نجح روزبيري فيما لم ينجح فيه غيره منذ زمن: تفجير طاقات «سكياباريللي» النائمة موظِّفاً الذهب والدراما في إكسسوارات نافرة وتفاصيل قد تميل إلى المسرحي، لكنها حرّكت المياه الراكدة ليس في عُقر الدار وحدها بل في ساحة الموضة التي ظلت لسنوات تعاني من الجفاف البصري والفني.
حوار الماضي والمستقبل
دانيال روزبيري خلال أول عرض له للدار في يوليو 2019 (غيتي)
منذ أول عرض له قدم تشكيلة جريئة انتزعت شهقات الإعجاب والدهشة بأكتافها العالية وأحجامها المبالغ فيه وإكسسواراتها الغريبة، من أقراط أذن تغازل الناظرين بعيونهم الجاحظة، إلى أحزمة بإبزيمات ذهبية أو حقائب يد تتماهى فيها الجلود مع المعادن بجرأة. كانت هذه التشكيلة إيذاناً باستعادة الدار عافيتها الفنية، وإن كان لدانيال رأي آخر: «لم تكن مثالية لي لكنها كانت شجاعة». شجاعتها تكمن في أنه دخل قلب معركة بدأت في الماضي وعليه أن يوجهها نحو المستقبل. ورقته الرابحة كانت ولا تزال أنه لم يُقدس الماضي فيتقيد به، بل حاوره بلغة معاصرة وواقعية.
أسأله: ما الذي استهواه بصفته مصمماً أميركياً عندما تلقى العرض لقيادة دار أزياء باريسية متخصصة أساساً في الـ«هوت كوتور»؟ يأتي جوابه بسيطاً: «لعدة أسباب، الأول أن إلسا لم تكن تسعى لإرضاء السوق على حساب رؤيتها الخاصة، والثاني إرثها الذي يتمتع بمرونة تساعد على تطويعه في قطع استثنائية بكل معنى الكلمة. ثالثاً طموح الدار الكبير رغم أنها صغيرة مقارنةً ببيوت الأزياء العملاقة، فضلاً عن شجاعتها. من الناحية الشخصية، كنت مستعداً بدوري لخوض تحدٍّ جديد وشجاع».
رموز الدار الأيقونية تظهر في كل تشكيلاته سواء للـ«هوت كوتور» أو الأزياء الجاهزة أو الإكسسوارات (سكياباريللي)
هذا الطموح الذي أشار إليه يعكس في المقام الأول طموح مالك مجموعة «تودز» دييغو ديلا فالي الذي استحوذ عليها في عام 2006. أخذ وقته في البحث عن خليفة يفهم شخصيتها المتمردة ليفك طلاسم رموزها الفنية الصادمة بشكل معاصر. تعثر بحثه لسنوات، حيث توالى على الدار كل من ماركو زانيني في عام 2014، تلاه برتراند غيون إلى عام 2019، قبل أن يثمر صبر ديلا فالي ويتوصل إلى دانيال روزبيري.
كان أول أميركي يتولى إدارة دار متخصصة في الـ«هوت كوتور»، ومنذ أول تشكيلة قدمها أكد أن الإبداع لا جنسية له. سرعان ما توسع للأزياء الجاهزة والإكسسوارات. دائماً ملتقطاً أيقونات كانت منسية، يعيد تفسيرها بلغة تلمس روح العصر وتدغدغ خيال شريحة كبيرة من النساء.
اليوم، يُنتج روزبيري أربع تشكيلات سنوياً، وهو رقم مرهق لأي مبدع. لكنه ينفي أي شعور بالإرهاق أو الاستنزاف. بالعكس «أجد في التحدي مصدراً للتجدد. هذا لا يعني أني لا أشعر بثقل المسؤولية، لكني عندما أرى كيف يُحدث تصميم يحمل توقيعنا أثراً إيجابياً، فإني أشعر بسعادة غامرة تُهوِن كل شيء».
الـ«هوت كوتور» بالنسبة إليه «يطمح للوصول إلى آفاق عالية لتذكِّرنا بأن الكمال يأتي بثمن»... (سكياباريللي)
سريالية كورونا
تعيين روزبيري تزامن مع بداية انتعاش السريالية في العالم، الأمر الذي كان في صالحه، لكنه أيضاً تزامن مع بداية تفشي جائحة كورونا في عام 2019. كانت فترة عصيبة على الجميع، إلا أنه تعامل معها بمرونة لم تكن متوفرة لدى المؤسسة إلسا سكياباريللي. فإغلاق دارها في عام 1954، رغم ما كانت تمتلكه من إمكانات فنية عالية كان بسبب رفضها مسايرة تغيرات العصر بعد الحرب العالمية الثانية. يُلمِح روزبيري لهذه الحقيقة وهو يستشهد بمقولة داروين: «إن البقاء ليس للأصلح بالضرورة، بل للأكثر قدرة على التكيف».
طوال سنواته الست في الدار، ذهب إلى ما هو أبعد من التكيف أو التأقلم. استغل منذ البداية مضادان حيويان فعالان تمتلكهما الدار، وهما الحلم والفانتازيا. فقدم سلسلة من العروض استحضرت كل الرموز المسرحية والفنية التي جعلت من إلسا سكياباريللي مصممة أسطورية. كان السؤال الذي طرحه في بيانه الصحافي عند تقديمه تشكيلته الأولى هو: كيف نتعامل مع الأزياء في نهاية العالم؟ لم يكن يتوقع أن يكون هذا السؤال استباقاً لما سيأتي «لأن 2019 كان نهاية العالم كما عرفناه وعشناه قبل جائحة كورونا» وفق قوله.
كيف أيقظ الحلم؟
لايدي غاغا تتوجه لأداء النشيد الوطني في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بإطلالة صمَّمها لها دانيال خصيصاً (غيتي)
في عز هذه الفترة، كثَّف جهوده لإيقاظ الحلم، وحقق الهدف سريعاً. في يناير (كانون الثاني) 2021، وحين كان العالم أجمع يتابع حفل تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، ووجوه الحضور تختفي وراء كمامات، ظهرت المغنية لايدي غاغا لتؤدي النشيد الوطني. غيَّرت المشهد بزي درامي بلون كحليّ عند الصدر، تتدفق منه تنورة باللون الأحمر وبروش ذهبي على هيئة حمامة سلام. كانت الإطلالة بتوقيع «سكياباريللي» ساهمت في التحليق بالدار إلى أعلى المستويات. غنيٌّ عن القول أنها استقطبت مزيداً من الاهتمام العالمي، كما استقطبت النجمات، لتصبح تصاميم روزبيري للدار، الحاضر الدائم في مناسبات السجاد الأحمر.
بغض النظر عن عدم القدرة على نطق اسم الدار بشكل صحيح فإن التعرف عليها ممكن من النظرة الأولى بفضل تفاصيلها المميزة (سكياباريللي)
عروضه أيضاً من بين الأكثر إثارة في باريس حالياً، بدليل أن عرضه لخريف 2025 عُدَّ الأفضل في 2024. في القاعة الفخمة التي جرت فيها المقابلة، تناثرت فساتين من تشكيلته الأخيرة للـ«هوت كوتور» في استعراض رائع لقدراته الفنية، بطيَّاتها المتعددة والمبتكرة ولمساتها الجانحة نحو السريالية.
وفي الطابق الثاني حيث المتجر الخاص بالأزياء الجاهزة، تُعرض تشكيلته لربيع وصيف 2025. روَّض جموحها الفني من دون أن يُفقدها خصوصيتها، بحيث لم تخلُ من رموز أيقونية ترتبط بالدار مثل شريط قياس وظَّفه لتزيين ياقة جاكيت أو صندل مفتوح، أو مفاتيح وأقفال تزين جزءاً من فستان أو حقيبة يد أو تشكل أزراراً وهلمّ جرّا. بيد أن رائحة أميركية خفيفة تفوح من بعضها على شكل شراشيب أو من الدينم. فأي مبدع، مهما ابتعد، لا يمكن أن ينسى بيئته الأولى.
يعلِّق: «الأزياء الرفيعة والجاهزة بالنسبة إليّ وجهان لعملة واحدة تجمعهما (سكياباريللي)». ثم يضيف بابتسامة خفيفة أنه يجب عدم الاستهانة بهذا الاسم أبداً «فمن أحب العبارات إلى قلبي ما قاله عنها صديقها سالفادور دالي: قد نختلف على طريقة نطق اسمها، لكننا جميعاً نعرف من هي». ويتابع دانيال: «برأيي، لا يهم إن نُطقت (تشيابارالي) أو (سكيابارللي). ما يهم أن يتعرفوا عليها وعلى رموزها بسهولة».
بهذا التصريح يختتم اللقاء مودِّعاً. يتوجه بهدوء نحو مكتبه الواقع في المبنى ذاته، مخلِّفاً انطباعاً أن أجمل الفصول لم تُكتب بعد، وأن القادم لن يقل درامية.
أخرج من المبنى وأجول بنظري في ساحة «فاندوم»، فيخطر ببالي سؤال قديم: هل انتصرت إلسا، بعد كل هذه العقود، على غريمتها الأزلية كوكو شانيل؟ الدلائل توحي بأن المعركة لم تنتهِ، لكنها دخلت مرحلة مثيرة بقيادة مصمم ينحدر من ولاية تكساس الأميركية اقترب من إلسا كثيراً وردَّ لها اعتبارها وأكثر، لكنه لم يتوارَ خلفها.