هل بلغت صناعة كرة القدم درجة التشبع؟

«بي تي سبورت» البريطانية متهمة باستنزاف الموارد المالية لعملائها لتمويل حربها المحتدمة مع «سكاي»

غاري لينيكر (الثاني من اليمين) كان في طليعة المذيعين الذين جلبتهم «بي تي سبورت» في حربها الإعلامية («الشرق الأوسط»)
غاري لينيكر (الثاني من اليمين) كان في طليعة المذيعين الذين جلبتهم «بي تي سبورت» في حربها الإعلامية («الشرق الأوسط»)
TT

هل بلغت صناعة كرة القدم درجة التشبع؟

غاري لينيكر (الثاني من اليمين) كان في طليعة المذيعين الذين جلبتهم «بي تي سبورت» في حربها الإعلامية («الشرق الأوسط»)
غاري لينيكر (الثاني من اليمين) كان في طليعة المذيعين الذين جلبتهم «بي تي سبورت» في حربها الإعلامية («الشرق الأوسط»)

أرجو ألا يتسرع أحد باتهام هذا المقال بأنه تعبير عن مشاعر حنين بائس لأيام «آي تي في»، وأشدد هنا على أن قنوات «بي تي سبورت» بذلت مجهوداً كبيراً لتقديم خدمة متميزة في إذاعتها لمنافسات دوري أبطال أوروبا منذ اقتناصها حقوق بثها تلفزيونياً من أيدي قنوات «سكاي» عام 2013. وبالفعل، نجحت «بي تي سبورت» في تقديم منتج مهني رفيع المستوى لمشاهديها، تضمن تحليلات مستفيضة للمباريات وبثا حيا لجميع المباريات، مع تخصيص برنامج لعرض الأهداف وتحليلها يقدمه جيمس ريتشاردسون، إضافة إلى الاستغلال الذكي لوسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، ورغم كل هذه الجهود، فإن ثمة شعورا يخيم على الأجواء يوحي بأن الناس ربما على وشك الانفضاض من حول كرة القدم.
في الواقع، يعد الفوز بحق البث الحي لمنافسات رياضية مباشرة من أكثر الصفقات التجارية بالمجال الإعلامي رواجاً، الأمر الذي دفع البعض لاتهام «بي تي سبورت» باستنزاف الموارد المالية لعملائها لتمويل حربها المحتدمة مع «سكاي». كانت شركة «بي تي سبورت» العملاقة أقدمت على دفع 1.18 مليار جنيه إسترليني للفوز بحقوق البث التلفزيوني الحصري لمباريات بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي حتى عام 2021، مما يعكس زيادة بنسبة 32 في المائة عن الاتفاق الحالي المستمر لمدة 3 سنوات.
من ناحيتها، أعلنت الشركة عن الزيادة الثالثة التي تقرها في الأسعار خلال 18 شهراً، بينها فرض تكلفة أعلى على خدمات «برود باند» والمكالمات الهاتفية، ورسوم شهرية جديدة بقيمة 3.50 جنيه إسترليني للاشتراك في «بي تي سبورت».
ومع أن الانتقادات التي تعرضت لها الشركة تبدو نتيجة حتمية لهذه الإجراءات، فإن ما أقدمت عليه الشركة يبدو منطقياً تماماً من المنظور التجاري. ويرجع ذلك ببساطة إلى أن الناس لا يمكنهم مقاومة إغراء مشاهدة مباريات كرة القدم الحية، لكن ماذا لو توقف الناس عن دفع اشتراكات؟ أو على الأقل انحسر اهتمامهم بعض الشيء؟ ماذا لو خلصوا لنتيجة مفادها بأن بطولة دوري أبطال أوروبا لم تعد بالصورة القديمة المبهرة، وبالتالي بدأت أنظارهم تتحول في اتجاه آخر؟
في الواقع، هذا أسئلة وجيهة، وسبق طرحها بالفعل هذا الموسم. والواضح أن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز توفر لعشاق الساحرة المستديرة معايير أرقى بالنسبة لكرة القدم عن أي بطولة دولية أخرى، بما في ذلك كأس العالم، الأمر الذي أدى لتنامي الشكوك حول مدى جاذبية بطولة دوري أبطال أوروبا في أوساط جماهير الدوري الإنجليزي الممتاز.
من ناحيتها، استجابت «سكاي» لتراجع معدلات مشاهدة مباريات دوري أبطال أوروبا من خلال المراهنة على منافسات الدوري الممتاز، مبدية ثقتها في أن دراما وقوة كرة القدم الإنجليزية سوف تسلبان لب الجماهير بعد فترة تراجع في معدلات المشاهدة. المؤكد أن ثمة دافعا قويا ومنطقيا وراء إقدام «سكاي» و«بي تي سبورت» على دفع 5.1 مليار جنيه إسترليني للفوز بحقوق بث منافسات الدوري الممتاز.
من ناحية أخرى، وعلى صعيد منافسات الدوري الممتاز، نجد أنه في الوقت الذي يتصدر فيه تشيلسي البطولة منفرداً، كان هناك 6 منافسين آخرين أمامهم فرصة واقعية للفوز بالبطولة. ومع أن الكرة الإنجليزية ليست بالمستوى الفني المبهر الذي تتميز به نظيرتها الإسبانية، علاوة على أن الأندية الإنجليزية تواجه بصورة عامة صعوبات في التغلب على منافسيها في البطولات الأوروبية، فإن جهود التسويق الذكية نجحت في غرس قناعة لدينا جميعاً بأنه لا وجود لفكرة «المباراة السهلة» في إطار الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولا يزال التفاوت المالي مشكلة كبرى، رغم فوز ليستر سيتي بالبطولة الموسم الماضي، لكن الشعور بغياب المفاجآت عن مباريات دوري أبطال أوروبا يبدو قوياً في الوقت الراهن، الأمر الذي اتضح عندما جرى النظر إلى وصول يوفنتوس - أكبر أندية إيطاليا - لنهائي البطولة عام 2015 بوصفه أمرا لا يمثل مفاجأة كبيرة. ربما كانت الجماهير الإنجليزية أكثر اهتماماً بالبطولة وتفاعلاً معها عندما كانت الأندية الإنجليزية مهيمنة عليها. ومع هذا، عند مراجعة المواسم السبعة الماضية، نجد أن اثنين على الأقل من كل من برشلونة وبايرن ميونيخ وريال مدريد احتلا مركزين من الأربعة الأولى بالبطولة. وتثير مسألة تكرر هذا السيناريو مخاطرة ترسيخ الاعتقاد بأن البطولة دائماً ما تنتهي إلى سيناريو واحد رتيب لا تتغير به سوى تفاصيل صغيرة.
ويأتي هذا الانحسار في اهتمام الجماهير بمتابعة فعاليات بطولة دوري أبطال أوروبا في وقت تعهد فيه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بتقديم مزيد من الأموال للأندية الناجحة وضمان 4 أماكن للأندية في بطولات الدوري الأربع الكبرى، وهي حالياً إنجلترا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، بداية من موسم 201 - 2019.
من ناحيتها، تتمتع «بي تي سبورت» بحق بث هذه المباريات مقابل مبلغ ضخم من المال. والمؤكد أنها تأمل في أن يؤدي احتكارها حق بث المنافسات الأوروبية إلى زيادة في أعداد عملاء خدمات الـ«برود باند»، ولن تكون مفاجأة إذا ما أدى هذا الارتفاع في تكاليف حقوق البث إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للعملاء من خارج دائرة المتعاملين مع «بي تي سبورت».
والواضح أن بطولة دوري أبطال أوروبا تودع التلفزيون الأرضي إلى الأبد. ولن تكون هناك برامج تتناول أحداث البطولة على قناة «آي تي في». ومن المنتظر أن تبرم «بي تي سبورت» اتفاقيات تراخيص فرعية مع شركاء لتمرير جزء من حقوق البث إليهم، بجانب عزمها عرض مقتطفات وتحليلات وبرنامج شهري عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجاناً. ومع ذلك، تواجه الشركة مخاطرة خسارة الجمهور الأوسع، فحتى الدوري الممتاز يتوافر معه برنامج «ماتش أوف ذي داي» الذي يوفر تحليلات للمباريات ويجري بثه مجاناً.
وحال سدادك الاشتراك، فستحصل على كثير من المنافسات الكروية الحية. بدءاً من عام 2018، ستبدأ مباراتان في دور المجموعات في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا كل ثلاثاء وأربعاء بدءاً من الـ6 مساء، مع انتقال موعد انطلاق المباريات الست الأخرى يومياً من 7.45 إلى 8 مساء. وستكون هناك أسابيع عدة يمكن للمرء خلالها مشاهدة مباراة واحدة يومياً على الأقل. وبالتأكيد، ستثير هذه الوليمة الكبيرة شهية البعض، لكن ربما يشعر البعض الآخر بتخمة.
من ناحيتها، ترى «بي تي سبورت» أن هناك حاجة لوجود بديل لـ«سكاي»، وتصر على أنها سعيدة بمعدلات المشاهدة لمباريات دوري أبطال أوروبا. ومع هذا، تظل الحقيقة أن دور المجموعات بالبطولة هذا العام خلا من عنصر الخطورة والمفاجأة، وبدت جميع المباريات في النهاية خالية من أي إثارة حقيقية، لكن «بي تي سبورت» تأمل في أن يكون هذا الوضع مجرد استثناء.



«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.