محافظات عراقية ترفض «خصخصة» الكهرباء

الوزارة تلجأ إلى موزعين محليين لعجزها عن جمع أموالها من المستهلكين

محافظات عراقية ترفض «خصخصة» الكهرباء
TT

محافظات عراقية ترفض «خصخصة» الكهرباء

محافظات عراقية ترفض «خصخصة» الكهرباء

ربما لا يصدق كثيرون أن سكان حي زيونة الراقي، شرق العاصمة بغداد بمحلاته الخمس، يحصلون على حاجتهم من الطاقة الكهربائية الحكومية على مدار 24 ساعة في اليوم، فيما تعاني غالبية مناطق العراق وأحياء محافظاته من النقص الواضح في توصيل الطاقة الكهربائية إلى المنازل وغيرها منذ نحو عقدين من الزمن، نتيجة الحروب وسوء الإدارة والفساد.
غير أن هذا لم يأت مصادفة أو بضربة حظ، إنما بفعل آلية اعتمدتها وزارة الكهرباء العام الماضي للسيطرة على فاقد استهلاك الكهرباء والتمكن من جباية الأموال، فالوزارة تعاني، نتيجة ضعف الدولة والقانون، من عدم قدرتها على جباية أسعار خدمات الطاقة.
وتشكو الوزارة من أنها عاجزة عن استرداد نحو ملياري و700 مليون دولار من المواطنين ومؤسسات الدولة المختلفة. وكان حي زيونة من أول الأحياء البغدادية التي طبقت فيها ما تسميه وزارة الكهرباء «عقود الخدمة والصيانة والجباية»، إذ تتعاقد مع مستثمرين في القطاع الخاص، مهمتهم توزيع الطاقة التي تنتجها الدولة، إلى جانب أعمال الصيانة وجباية الأموال للدولة مقابل مبالغ متفق عليها بين الجانبين.
ويتوقع أن تمتد تجربة حي زيونة لتشمل أحياء بغداد والمحافظات، وتتطلع الدولة إلى أن تحل من خلالها «معضلة» الكهرباء المتواصلة منذ سنوات. غير أن عقود الخدمة، شأن كثير من التجارب الجديدة، كانت محل ترحيب بعضهم ورفض آخرين، إذ لم تتقبل محافظات ذي قار والمثنى والبصرة التعاطي مع التجربة الجديدة، بحجة أنها «ترهق كاهل المواطنين».
ويعتبر عماد قاسم، وهو موظف يسكن حي زيونة، التجربة ناجحة، بالقياس إلى أحياء بغداد الأخرى. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أحصل في منزلي على كهرباء وطنية 24 ساعة، وتخلصت من معاناتي مع أصحاب المولدات الأهلية». لكنه لا ينكر بعض السلبيات المتعلقة بموضوع التوزيع والجباية، ومنها أن «الناس ما زالوا غير مطمئنين لمسألة استمرار التيار الكهربائي بلا انقطاع، كما يشكو بعضهم من ارتفاع أسعار الكهرباء».
لكنه يرى أن «قصر عمر التجربة واعتماد الناس الطويل على ما تقدمه الدولة يعززان هذه المخاوف، كما أن بعض أصحاب المنازل يمتنعون عن دفع ثمن الكهرباء للشركة المستثمرة، ويهدد باللجوء إلى الأعراف العشائرية». إلا أنه يتوقع أن تنهي التجربة «النقص المخيف في الكهرباء، إن أحسنت الدولة والمستثمرون العمل بها».
حكومة محافظة ذي قار بين الحكومات المحلية التي ترفض التعاطي مع عقود الخدمة والجباية، وتسميها «مشروع الخصخصة». ويقول أحد أعضائها: «نحن، حكومة محلية وقطاعات وتيارات شعبية في ذي قار، نرفض رفضاً قاطعاً الخصخصة وزيادة الأسعار، لكونها تؤثر في شريحة الفقراء وذوي الدخل المحدود».
ويرفض المتحدث باسم وزارة الكهرباء، مصعب المدرس، وصف التجربة بـ«الخصخصة»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة تتولى عملية الإنتاج بالكامل، وعقود الخدمة إجراءات اتبعناها لترشيد الاستهلاك وإنهاء الفاقد في الطاقة الكهربائية الذي وصل إلى 60 في المائة من الإنتاج». ويتوزع فاقد الكهرباء، بين الاستهلاك المفرط من قبل المواطنين ومؤسسات الدولة وعدم الالتزام بدفع الأجور، إلى جانب مناطق العشوائيات المنتشرة في عموم البلاد، التي تحصل على الطاقة من دون أن تدفع ثمن استهلاكها.
ويعترف المدرس بـ«عجز الدولة عن السيطرة على عملية البيع». ويرى أن عقود الخدمة والصيانة التي أبرمتها الوزارة مع شركات خاصة «مفيدة» لقطاع الكهرباء. وطبقت الوزارة التجربة في 25 في المائة من جانب الكرخ في بغداد، إضافة إلى حي زيونة في الرصافة، والعمل متواصل لمدها إلى جميع أحياء العاصمة. وكشف الناطق باسم الوزارة عن أن «عقود جانب الكرخ وفرت 30 في المائة من الطاقة الكهربائية».
وعن الاعتراضات التي أعلنتها محافظات، قال: «لم يصلنا رد رسمي منهم، وغالباً ما نتفاجأ بتصريحاتهم. الأمر لا يتعلق بالخصخصة، إنما بالترشيد والجباية. هذه طريقة لحل مشكلة الكهرباء، وطرحنا على مجالس المحافظات فكرة تولي ملف الكهرباء في مقابل تسليم أثمانها للوزارة، لكنهم رفضوا».
ولفت إلى أن البنى التحتية لشبكة الكهرباء في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى «تضررت بنسبة 90 في المائة نتيجة الحرب ضد (داعش)». وأكد توصيل الوزارة خطوط نقل الطاقة إلى المحافظات الثلاث، كما تمد الجانب الأيسر من الموصل ومنطقة القيارة بنحو مائة ميغاواط، تحصل عليها من محطة كهرباء دوكان. وأوضح أن «طاقة محطة دوكان 800 ميغاواط، لكن انخفاض منسوب المياه الآتية من تركيا خفّض من طاقتها الإنتاجية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.