معارك ضارية للسيطرة على ثالث جسور الموصل

«الرد السريع» تعلن مقتل 76 من «داعش» في باب الطوب بينهم قيادي عسكري

مقاتلان من قوات «الرد السريع» خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)
مقاتلان من قوات «الرد السريع» خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك ضارية للسيطرة على ثالث جسور الموصل

مقاتلان من قوات «الرد السريع» خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)
مقاتلان من قوات «الرد السريع» خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)

بعد معارك شديدة استمرت نحو ثلاثة أيام متتالية تمكنت القوات العراقية أمس من تحرير منطقتي باب الطوب والباب الجديد في المدينة القديمة، وخاضت قتالاً ضارياً على مشارف الجسر القديم، ثالث جسور الموصل الخمسة، فيما أعلن مسؤول عسكري أن عدد قتلى تنظيم داعش خلال معركة باب الطوب بلغ أكثر من 76 قتيلاً.
وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»، إن الفرقتين الخامسة والسادسة من قواته «حررتا منطقة الباب الجديد وتقتربان من منطقة باب البيض». وأضاف أن القوات «اعتمدت تكتيك النصر البطيء للحفاظ على أرواح المدنيين بسبب الكثافة السكانية وسط الموصل وتحصن العدو بين الأهالي». وأعلن أن القوات قتلت في باب الطوب، أمس، قياديا عسكرياً في «داعش» اسمه محمود محمد، وكنيته «عبد الرحمن الأنصاري».
واستعادت الشرطة الاتحادية، أمس، السيطرة على محطة قطار نينوى ومرآب بغداد جنوب غربي الموصل القديمة، فيما واصلت عمليات إغاثة النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم ونقلهم من مناطق القتال وخطوط التماس إلى جنوب الموصل لإيوائهم في المخيمات.
وأكدت مصادر عسكرية أن فرقة الرد السريع المتجحفلة مع الشرطة الاتحادية باتت على بعد نحو مائة متر من الجسر القديم، الذي ستعني السيطرة عليه أن القوات الأمنية استعادت ثلاثة جسور من أصل خمسة تربط جانبي الموصل. وأوضح مدير الإعلام في فرقة الرد السريع، المقدم عبد الأمير المحمداوي لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات انتهت أمس من عملية تحرير منطقة باب الطوب «وتتجه إلى الجسر القديم». ولفت إلى أن «قطعات الرد السريع تحاول إيجاد منافذ لخروج المدنيين المحاصرين من قبل (داعش) في المدينة القديمة»، مضيفاً أن «أزقة المدينة القديمة ضيقة جداً، وغالبيتها لا يتعدى عرضها متراً، لذا من الصعب دخول الآليات إليها، وفقط الأفراد هم الوحيدون الذين يستطيعون دخولها».
وأوضح أن قناصة «داعش» ومفارز قذائف الهاون التابعة للتنظيم «تعمل على إعاقة تقدمنا باتجاه المدينة القديمة، لكن طيران الجيش دمر مفرزتي هاون من مفارز التنظيم، وقضى على خمسة من قناصيه قرب الجسر القديم»، ولفت إلى أن المدينة القديمة «أصبحت في مرمى نيران القوات».
وأشار إلى أن عدد مسلحي «داعش» الذين قتلوا في معركة تحرير باب الطوب بلغ «بحسب الجثث التي وجدناها في أرض المعركة، نحو 76 قتيلاً، بين مفارز الهاون وقناصين وانغماسيين (انتحاريين)»، مشيراً إلى أن «القوات أنهت عملية تمشيط وتفتيش مباني منطقة باب الطوب وطهرتها من العبوات الناسفة، وفككت العجلات المفخخة التي تركها التنظيم على جوانب الطرق قبل الفرار من المنطقة».
وبالتزامن مع سير معارك تحرير غرب الموصل، قالت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في بيان، أمس، إن فرقها الميدانية استقبلت خلال الساعات الماضية نحو 3500 نازح، وآوتهم في مخيمات جنوب المدينة وشرقها. وشكّل سكان أحياء المنصور والعبور والمأمون والعامل والتنك والنهروان وبادوش ورجم حديد، غالبية النازحين من المعارك وحصار «داعش» في غرب الموصل. وأشارت الوزارة إلى أن الفرق التابعة لها «آوت 2675 نازحاً في مخيم مدرج مطار القيارة، ونُقل 266 نازحاً إلى مخيم الحاج علي، إلى جانب إيواء 128 نازحاً في مخيمات الجدعة ناحية القيارة جنوب الموصل، وإيواء 420 نازحاً آخرين في مخيم جمكور شرق المدينة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.