النظام يسعى لعزل شرق دمشق عن الغوطة ضماناً لأمن عاصمته

النظام يسعى لعزل شرق دمشق عن الغوطة ضماناً لأمن عاصمته
TT

النظام يسعى لعزل شرق دمشق عن الغوطة ضماناً لأمن عاصمته

النظام يسعى لعزل شرق دمشق عن الغوطة ضماناً لأمن عاصمته

صعّد النظام السوري عملياته العسكرية على أحياء برزة والقابون وتشرين، الواقعة على الطرف الشرقي للعاصمة دمشق، محاولاً عزل الأحياء المذكورة عن بعضها بعضاً، ومن ثم محاصرتها ودفعها إلى الاستسلام، كما هو حال حي الوعر في حمص، لينتقل إلى مرحلة ثانية يعزل فيها هذه الأحياء عن مناطق الغوطة الشرقية، وبالتالي قطع شريان التواصل بينها، بما يسهّل عليه قضم مدن وبلدات الغوطة الأخرى.
وتتخذ معركة أحياء العاصمة وامتداداتها منحى تصعيدياً، عشية محادثات «آستانة» التي كان يفترض أن تنطلق اليوم (الثلاثاء)، في العاصمة الكازاخية، والتي أعلنت المعارضة مقاطعتها بسبب فشل الجانب الروسي في ضمان وقف إطلاق النار الذي تعهّد به، وبالتالي انتزاع ورقة قوية من يد الفصائل، عبر عزل الغوطة عن أطراف دمشق.
وقد تواصلت الاشتباكات العنيفة، أمس، بين قوات النظام والميليشيات الموالية له من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة، وأبرزها «اللواء الأول» و«فيلق الرحمن»، من جهة أخرى، على محاور بساتين برزة والقابون، بأطراف العاصمة الشرقية. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاشتباكات «ترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي مكثّف على محاور القتال، ومناطق أخرى في أحياء برزة والقابون وتشرين»، مشيراً إلى أن المعارك «أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين».
وأشار عضو «مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق»، إسماعيل الداراني، إلى أن «تصاعد وتيرة العمل العسكري في أحياء دمشق الشرقية، مرده إلى أن النظام يحاول عزل هذه الأحياء عن بعضها بعضاً، وتحويلها إلى كانتونات، ودفعها إلى الاستسلام، ذلك أنه بعزلها عن الغوطة الشرقية يضمن أن العاصمة باتت منطقة آمنة».
وأكد الداراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوة العسكرية للثوار في أحياء برزة والقابون وتشرين يعتدّ بها، فهم (الفصائل) يمتلكون أسلحة دفاعية لا بأس بها، وليس من السهولة الإطباق عليها، أو دفعها إلى تسوية مذلّة، كما فعل النظام في حي الوعر، وقبله في داريا والغوطة الغربية». وقال: «ليلة الأحد، لم يذق سكان دمشق، ولا حتى السفراء الأجانب، طعم النوم من شدة القصف»، لافتاً إلى أنه «يستحيل على النظام أن يستخدم الغازات السامة أو قنابل النابالم في هذه الأحياء لتركيعها، كما فعل في مناطق أخرى، خصوصاً أنها متداخلة مع أحياء أخرى ذات حساسية بالنسبة للنظام».
وأفاد المرصد السوري بأن «قوات النظام حققت بعض التقدم ليل الأحد، وسيطرت على مساحات على مشارف طريق الدرب الطويلة، الذي في حال تمكنت قوات النظام من السيطرة عليه، ستتمكن من عزل حي برزة عن حيي القابون وتشرين، لأن هذا الطريق يعدّ الشريان الرئيسي الذي يربط برزة بالقابون وتشرين».
لكن إسماعيل الداراني قلل من أهمية هذا التقدم، وقال إن «كل الآلة العسكرية والطيران لم يحقق للنظام مكاسب في دمشق، حتى أن التقدم البسيط الذي حققه ليل الأحد كلفه أثماناً غالية، حيث تمكن الثوار من محاصرة قوة من الحرس الجمهوري وتصفيتها»، لافتاً إلى أن النظام وحلفاءه «يستميتون في هجماتهم على حرستا، محاولين عزل شطرها الشرقي عن الغربي، وقطع خطوط إمداد المعارضة بين أحياء دمشق ومناطق الغوطة الشرقية»، ومشدداً على «أهمية بقاء هذا الشريان قائما».
وكشف أن «الغوطة الشرقية تمد أحياء دمشق بالمقاتلين، فيما تمرر الأحياء المذكورة المواد الغذائية إلى الغوطة الشرقية، عبر الأنفاق التي تربط هذه المناطق ببعضها بعضاً»، مشيراً إلى أن «نحو أربعة آلاف مقاتل يتجهزون للانتقال من الغوطة إلى داخل أحياء القابون وبرزة وتشرين لصد هجمات النظام».
ومنذ أن توصل «جيش الإسلام»، أكبر فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، و«فيلق الرحمن»، إلى اتفاق مصالحة أنهى مرحلة من الاقتتال بينهما الصيف الماضي، لم يحقق نظام الأسد أي تقدم في الغوطة الشرقية، بل إن المعارضة انتزعت من النظام مواقع ومزارع كانت قد خسرتها إبان الاقتتال الداخلي فيما بينها.
بدوره، أكد الناشط في الغوطة الشرقية ضياء الحسيني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «محور دوما من جهة أوتوستراد دمشق - حمص الدولي، كان عرضة لهجوم نفذه النظام، كما جرت مهاجمة حرستا، عبر إدارة المركبات التي تضم قطعاً عسكرية لقوات الأسد والميليشيات الموالية له»، مضيفاً أن النظام «يحاول فصل دمشق عن شرقها، لتكبير الطوق الأمني حول العاصمة، وإخراج المقاتلين منها، ودفعهم إلى الاستسلام أو الرحيل إلى الشمال السوري».



الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.