«حركة السلم» تحذر من الأسوأ إذا لم يتحقق التحول السياسي في الجزائر

زعيمها قال إن وزراء في حكومة بوتفليقة يتحدثون عن إنجازات لم يرها الناس

«حركة السلم» تحذر من الأسوأ إذا لم يتحقق التحول السياسي في الجزائر
TT

«حركة السلم» تحذر من الأسوأ إذا لم يتحقق التحول السياسي في الجزائر

«حركة السلم» تحذر من الأسوأ إذا لم يتحقق التحول السياسي في الجزائر

رسم زعيم «حركة مجتمع السلم»، وهي أكبر حزب إسلامي بالجزائر ينتمي للمعارضة، صورة قاتمة عن مستقبل البلاد بسبب المشاكل الكثيرة التي تتخبط فيها، والتي تحمّل السلطات الحاكمة مسؤوليتها.
وكتب عبد الرزاق مقري رئيس «مجتمع السلم»، بشبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، أن «الجزائري يتعايش مع إخفاق مدوٍ نراه، ويراه الناس جميعاً. نراه بشكل كلي في عجز الميزان التجاري، وفي عجز ميزان المدفوعات، وفي عجز ميزان الحسابات، وفي أزمة الخزينة العمومية».
وانتقد مقري تعامل الحكومة مع مشكلة تآكل احتياطي العملة الصعبة، نتيجة الاعتماد بشكل كامل عليه في استيراد كل الحاجيات من مواد زراعية ومنتوجات مصنّعة ونصف مصنّعة. وقال إن «الإخفاق نراه أيضاً في العودة إلى المديونية الخارجية، ونراه في عودة أرقام البطالة والتضخم المتصاعدة، ونراه في صدمة ارتفاع الأسعار (المواد الغذائية)، ونراه في معدلات النمو المعاكسة لحجم تمويل التنمية، ونراه في الناتج الإجمالي الخام الذي أبقانا ضمن الدول الراكدة. ونراه في الفساد المهيكل وفي شبكة الفاسدين المهيمنة، ونراه بشكل جزئي في خيبات الأفراد والأسر والمؤسسات، ونراه في ضعف الإنتاج، وفي العدد القليل للمؤسسات الاقتصادية».
ولاحظ مقري وجود «بيئة أعمال غير مشجعة على الاستثمار، وعجز الموظف الشريف على تلبية حاجيات عائلته، وخدمات صحية متهالكة، وأزمة سكن لا تنتهي، ووضع تعليمي متأزم». مشيرا إلى «غياب الحكامة الراشدة وعجز عن مواجهة الأزمات».
وذكر مقري أنه «حين غابت أسباب البهجة العادية، تعلق الجزائريون جميعا بلعبة كرة القدم، أطفالهم وشبابهم وشيوخهم ورجالهم ونساؤهم، فصارت هي ملهمتهم وصانعة أحلامهم، وكأنها نفخة من مخدر تنقلهم لعالم البهجة الخيالي الغادر. وصاروا ينسجون بطولات وهمية وإنجازات أسطورية». وانتقد بشدة المسؤولين في الحكومة، من دون ذكرهم بالاسم، بسبب حديثهم عن «إنجازات تحققت في عهد الرئيس بوتفليقة، لا ينكرها إلا جاحد»، فقال: «أما الإنجازات فهي محققة، بعيداً عن القدر والمستوى المطلوب، وغير متناسبة مع الإمكانيات التي سُخرت، وغير مرضية قياساً إلى حجم الفساد والخير المنهوب؛ ولكنها موجودة ولا بد من أخذها والارتكاز عليها والانطلاق منها. إن من أعظم إنجازات الجزائر تعميم التعليم، خصوصا في زمن المدرسة التي سموها ظلما منكوبة». وأضاف: «إن في الجزائر عددا هائلا من المتعلمين الجيدين الذين بإمكانهم صناعة نهضة وطنية شاملة، فمن هؤلاء من صنع الفرق حتى بين متعلمي الأمم الأخرى، حيث التنافسية العلمية والإبداعية قوية، وأن من الإنجازات كذلك الكم الهائل من الهياكل القاعدية والتغطية الصحية والطاقوية القابلة للتحسين، وحسن الاستغلال إذا توفر الحكم الراشد. جزى الله كل من كان له دور في توفير هذه المكتسبات كائنا من كان، ولكن إن لم يقع التحول الاقتصادي والسياسي سينهار كل شيء آجلا أم عاجلا».
ويجري في البلاد حاليا، التحضير لانتخابات البرلمان التي ستجري في 4 مايو (أيار) المقبل. وتسعى الحكومة جاهدة إلى إقناع 22 مليون ناخب من أجل التصويت بكثافة، في ظل مؤشرات قوية عن احتمال ارتفاع معدل العزوف عن الصندوق. وتوجد عناصر الأزمة التي تحدث عنها مقري، في خطاب كل قادة الأحزاب المشاركة في الانتخابات وحتى غير المشاركة منها كحزب «طلائع الحريات» بقيادة رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس. يشار إلى أن «مجتمع السلم» ستخوض الاستحقاق بالتحالف مع حزبين إسلاميين آخرين هما «حركة النهضة» و«جبهة التغيير».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم