معهد دراسات الحرب: روسيا وإيران اخترقتا القيادة والتحكم في جيش النظام السوري

أشار تقريره إلى أن دمشق لا تعتبر شريكا لأميركا ضد «داعش» و«القاعدة»

فتاتان تعبران حي باب النصر الذي دمره القصف للقسم الشرقي من حلب من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية لها في المعركة التي أطلقتها نهاية العام الماضي (أ.ف.ب)
فتاتان تعبران حي باب النصر الذي دمره القصف للقسم الشرقي من حلب من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية لها في المعركة التي أطلقتها نهاية العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

معهد دراسات الحرب: روسيا وإيران اخترقتا القيادة والتحكم في جيش النظام السوري

فتاتان تعبران حي باب النصر الذي دمره القصف للقسم الشرقي من حلب من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية لها في المعركة التي أطلقتها نهاية العام الماضي (أ.ف.ب)
فتاتان تعبران حي باب النصر الذي دمره القصف للقسم الشرقي من حلب من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية لها في المعركة التي أطلقتها نهاية العام الماضي (أ.ف.ب)

نشر معهد دراسات الحرب الأميركي هذا الشهر تقريرا ذكر أنه نتاج تعاون بينه وبين «مشروع التهديدات الخطيرة»، التابع لمعهد إنتربرايز الأميركي لأبحاث السياسات العامة، وأن ما تضمنه التقرير من آراء هو جزء من جهد استغرق شهورا كثيرة
لصياغة وتقييم المسارات السياسية التي يمكن للولايات المتحدة اتباعها لمواجهة التهديد الذي يمثله في سوريا تنظيم داعش وتنظيم القاعدة.
ويشير التقرير إلى أن فكرته الأساسية تقوم على أساس أن نظام بشار الأسد لا يعتبر شريكا لأميركا قابلا للاستمرار ضد «داعش» و«القاعدة»، وأن روسيا وإيران اخترقتا سلطات القيادة والتحكم في (الجيش العربي السوري) على كل المستويات. كما أن التحالف الموالي لنظام الأسد لا يستطيع تأمين كل سوريا. ويؤكد التقرير أن أي استراتيجية أميركية تعتمد على القوات الموالية للنظام في القضاء على المتشددين في سوريا، سيكون مصيرها الفشل.
وأوضح التقرير أن (الجيش العربي السوري) لم يعد قائما كقوة مقاتلة موحدة ومتماسكة تتمتع بالقدرة على تأمين كل أجزاء البلاد بمفردها. وأشار إلى أن انشقاق بعض الجنود وهروب البعض الآخر، بالإضافة إلى الاستنزاف الذي عانى منه الجيش طوال السنوات الماضية، أدى إلى خفض في قوته القتالية يصل لأكثر من النصف، وأن القوة بلغت نحو 100 ألف جندي في عام 2014. وأن عددا قليلا فقط منهم يتراوح ما بين 30 و40 ألف جندي يمكن الاستعانة بهم في العمليات الهجومية.
وحول دور إيران في سوريا، ذكر التقرير أن إيران توفر عددا كبيرا من القوة البشرية التي يواجه جيش النظام السوري عجزا فيها، وذلك لتأمين المكاسب المهمة التي تحققها القوات الموالية للنظام على الأرض. وتقوم إيران بإدارة تحالف يضم نحو 30 ألف مقاتل من بينهم مقاتلون من الحرس الثوري، و«حزب الله» اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية، ومقاتلون شيعة أفغان، مع العلم أن إيران أرسلت نحو 7000 من مقاتليها إلى سوريا من بينهم عناصر من القوات البرية التابعة للجيش الإيراني.
وأشار التقرير إلى أن إيران كان لها دور مهم في إعداد الجماعات شبه العسكرية الموالية للنظام، وتحت قيادة النظام من الناحية الظاهرية فقط، ويتمثل هدفها من وراء ذلك في تأسيس بنية أساسية طويلة الأجل لكي يكون هناك «حزب الله سوري». وشاركت إيران و«حزب الله» بالقيام بدور مهم في تأسيس قوات الدفاع الوطني السورية على غرار قوات الباسيج الإيرانية.
كما تولت إيران الإشراف على حملات تجنيد في أنحاء البلاد وكانت أحيانا تنافس النظام السوري في ذلك بصورة مباشرة من خلال عرض مرتبات تنافسية. وبالنسبة لروسيا أشار التقرير إلى أنها دعمت الجيش والهياكل الرسمية للدولة، وتقدم للجيش بصورة مباشرة أغلبية مساعداتها العسكرية والتي تشمل بعض الأسلحة المتقدمة. وسعت روسيا جاهدة لأن توضح أن مشاركتها العسكرية في سوريا هي نتيجة اتفاق ثنائي بين حكومتين شرعيتين لمواجهة الإرهاب. ولكن من ناحية أخرى أضعفت روسيا من سيادة النظام من خلال سيطرتها على العمليات الكبيرة في شمال البلاد في أواخر عام 2015.
وأكد التقرير في نهايته على أن أي سياسة ترفع من شأن روسيا والأسد في مواجهة الجماعات المتشددة، سوف تؤدي إلى تمكين إيران في سوريا، وفي الوقت نفسه ستفشل أي محاولة لدق إسفين بين روسيا وإيران نظرا لدور إيران المهم في سوريا. كما أشار التقرير إلى أن روسيا أو إيران لا تتطلب أي نهاية للحرب الأهلية في سوريا أو هزيمة «داعش»، وأن الدولتين شاركتا في الحرب فقط لقمع خصوم النظام وتدعيم قدرة كل منهما على العمل بحرية في المنطقة وطرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط. وذكر التقرير في نهايته أنه «على هذا الأساس يتعين على الولايات المتحدة العمل على استعادة نفوذها وانتزاع تنازلات مهمة من التحالف الموالي للنظام، وعدم الاستسلام للأعداء الاستراتيجيين من أجل مكاسب غير دائمة في مواجهة (داعش) و(القاعدة)».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.