الإعلام الأميركي بين «ريان كير» و«ترمب كير» و«نو كير»

الصحف الأوروبية يشغلها فوز برشلونة على باريس سان جيرمان والعلاقات بين روسيا وتركيا

الإعلام الأميركي بين «ريان كير» و«ترمب كير» و«نو كير»
TT

الإعلام الأميركي بين «ريان كير» و«ترمب كير» و«نو كير»

الإعلام الأميركي بين «ريان كير» و«ترمب كير» و«نو كير»

كان الأسبوع الماضي، في افتتاحيات الصحف الأميركية الرئيسية، عن مشروع قانون أعلنه قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس بهدف إلغاء قانون الضمان الصحي الشامل الذي أعلنه الرئيس السابق باراك أوباما (يعرف باسم «أوباما كير»). اسم مشروع القانون الرسمي هو «قانون الرعاية الصحية الأميركي». لأن الرئيس دونالد ترمب لم يعلن مشروع القانون، ولم يصدر أمرا تنفيذا عن الموضوع، لم تسميه افتتاحيات الصحف «ترمب كير». وسيعتمد ذلك على رأي ترمب فيه. حسب تغريدات ترمب في «تويتر»، يوما معه، ويوما يشك فيه.
قالت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»: «ترمب كير، أو لا، نعتقد أنه يمكن أن يسمى «نو كير» (لا رعاية)؛ وذلك لأنه سيحرم أكثر من 20 مليون أميركي من ضمان صحي يبدو أن كثيرا من الأميركيين يرتاحون له».
وقالت افتتاحية صحيفة «ديترويت نيوز»: «اسمه الرسمي قانون الرعاية الصحية الأميركية. نعتقد أنه يمكن أن يسمى (ريان كير) (زعيم مجلس النواب الجمهوري الذي قدم مشروع القانون) في كل الحالات، سيكون أقل من الرعاية التي يقدمها الآن (أوباما كير)».
وقالت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»: «ليس مشروع القانون الجديد فقط خطأ. وليس فقط غير أخلاقي. إنه غير إنساني، إنه قاسٍ».
وقالت افتتاحية صحيفة «ساكرمنتو بي» (ولاية كاليفورنيا): «يجب أن يسمى (بنس كير) (نائب الرئيس ترمب)؛ لأن ترمب لا يبدو أنه يتحمس له كثيرا، ولأن الجناح اليميني في الحزب الجمهوري عارضه منذ البداية معارضة قوية. يجيء دور نائب الرئيس، وهو معتدل بالمقارنة مع ترمب، ليدفع المشروع إلى الأمام».
وقالت افتتاحية صحيفة «شيكاغو تربيون»: «لا يقدر حتى أقوى المؤيدين لبرنامج (أوباما كير) أن يقول إنه مثالي، أو ليست فيه أخطاء. في الحقيقة، ها هي ولايات تعلن أن فاتورة الاشتراك فيه ستتضاعف. لهذا؛ يقدر جمهوريون معتدلون والديمقراطيون على إصلاح أخطاء (أوباما كير)».
الصحف الأوروبية اهتمت خلال الأيام القليلة الماضية بموضوعات عدة، ولكن الملاحظ أن خبر فوز برشلونة الإسباني على باريس سان جيرمان الفرنسي، غطى على الأخبار السياسية في صحف فرنسا إلى حد ما، وإن كان ملف العلاقات بين بوتين وإردوغان قد حصل على اهتمام واضح، بينما استمر اهتمام الصحف البريطانية بما يحدث في الموصل والحرب ضد «داعش»، على حين اهتمت الصحف البلجيكية بالاستعدادات لإحياء ذكرى تفجيرات بروكسل التي وقعت في مارس (آذار) من العام الماضي.
ونستهلّ هذه الجولة في الصحف الفرنسية بصحيفة «لوفيغارو» مع مقال بعنوان: بوتين وإردوغان يتغاضيان عن خلافاتهما حول النزاع في سوريا من توقيع بيار أفريل. الرئيسان الروسي والتركي أصبحا صديقيْن. تُعلق الصحيفة قائلة، إن فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان قررا التعتيم على الموضوعات الخلافية بشأن سوريا، خلال لقائهما الأول في موسكو منذ عام ونصف، حيث تشهد العلاقات التركية الروسية تحسنا ملحوظا منذ أشهر بعد أزمة دبلوماسية خطيرة، إثر إسقاط تركيا مقاتلة روسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 على الحدود السورية التركية. وتابعت الصحيفة أن الزعيمين الروسي والتركي لم يُظهرا إلى العلن أي خلاف حول سوريا، واكتفيا بتفاؤل حذر بشأن مستقبل وقف إطلاق النار، باعتبار أن الوضع يبقى صعبا، كما قال بوتين خلال مؤتمر صحافي مع إردوغان، مُشيرا إلى مساعٍ لجلب كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات، ومنها الولايات المتحدة.
وفي موضوع آخر، وبعد الهزيمة التاريخية التي تلقاها باريس سان جيرمان أمام برشلونة، هل سيُحدث ناصر الخليفي تغييرات؟ فبعد ثلاثة أيام من الهزيمة المُذلة أمام فريق البرسا 6 – 1 في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، تقول صحيفة «لوباريزيان»، خرج رئيس النادي ناصر الخليفي الذي لم يخف خيبته من النتيجة، خرج من صمته واعدا بإجراء تغييرات. وفيما يُرجح أن تنعكس النتيجة السلبية بشكل كبير على المدرب الإسباني أوناي إيمري، لا سيما أن الإدارة القطرية للنادي الباريسي تعاقدت معه على أمل أن يتمكن من نقل النجاح الذي حققه في المواسم الثلاثة السابقة مع إشبيلية الإسباني (ثلاثة ألقاب في الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ») إلى نادي العاصمة الفرنسية، الذي وضع دوري أبطال أوروبا هدفه الأسمى بعدما احتكر الألقاب المحلية.
قال ناصر الخليفي للصحيفة في هذا الشأن: «علينا أن نتعلم الدروس من هذا الفشل وعدم الرد تحت تأثير العاطفة»، مشيرا إلى أنه أجرى محادثات مطولة مع المدرب خلال اليومين الماضيين، واتفق معه على إحداث تغييرات، مشيرا إلى التفاف الجميع حول المواعيد الرياضية المُقبلة.
وننتقل إلى الصحافة البريطانية، وفي صحيفة «الأوبزرفر» تقرير أعدته إيما غراهام هاريسون، عن ريهام الكحلوت، وهي فتاة فلسطينية من غزة، تحلم بأن تكون أول كوميدية من القطاع. تتحدى ريهام تهامس أهل الحي وصعاليك الإنترنت والإهانات التي تتلقاها أحيانا من غرباء، في سبيل أن تحظى بضحكات من تروقه العروض الكوميدية التي تقدمها، كما تقول معدة التقرير. عمرها 19 عاما، وهي من القطاع المحافظ والمعزول، وتحلم بأن تصبح أول نجمة كوميديا من القطاع. تقول مبتسمة: «أؤمن بأن عليّ أن أخترق الحواجز. الجميع يسألني: لماذا؟ أما أنا فأقول: لماذا تسألون؟ عليّ أن استمر». الحياة في غزة صعبة، حتى لمن لم يقرروا تحدي التقاليد والسعي وراء أحلامهم. القطاع يعاني من شح المياه والكهرباء، وحصار دمر الاقتصاد.
في صحيفة «التايمز أون صنداي» تقرير عن ستيفن كير، المتطوع البريطاني الذي حارب ضد تنظيم داعش، وعن سعيه لتمويل رحلته الثالثة إلى المنطقة من خلال ما يسمى بـ«التمويل الشعبي». وكان كير، الذي خدم سابقا في الجيش البريطاني، قد قضى 11 شهرا يقاتل في صفوف وحدات الحماية الشعبية الكردية، ويقوم الآن بحملة للتمويل الشعبي لرحلته القادمة إلى المنطقة من أجل الانضمام إلى رفاقه في معركتهم لتحرير الرقة من سيطرة تنظيم الدولة.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».