استياء فلسطيني من مواقف الراعي الداعية لرحيل اللاجئين

النائب أبي نصر لـ«الشرق الأوسط»: فليسلّموا سلاحهم بانتظار العودة

سيدات لبنانيات تتظاهرن للمطالبة بحقوقهن في الأشرفية ببيروت أمس (إ.ب.أ)
سيدات لبنانيات تتظاهرن للمطالبة بحقوقهن في الأشرفية ببيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

استياء فلسطيني من مواقف الراعي الداعية لرحيل اللاجئين

سيدات لبنانيات تتظاهرن للمطالبة بحقوقهن في الأشرفية ببيروت أمس (إ.ب.أ)
سيدات لبنانيات تتظاهرن للمطالبة بحقوقهن في الأشرفية ببيروت أمس (إ.ب.أ)

أثارت المواقف الأخيرة التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي من ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، التي دعاهم فيها إلى الرحيل، محملا إياهم مسؤولية اندلاع الحرب عام 1975، استياءً عارما في صفوفهم، وبخاصة أن السجال اللبناني – الفلسطيني، وبالتحديد بين ناشطين من البلدين كان قد تجدد أخيرا على خلفية الأحداث التي شهدها مخيما «عين الحلوة» جنوب البلاد و«برج البراجنة» في العاصمة بيروت.
وقال الراعي في مقابلة تلفزيونية بُثت مساء الجمعة، إن «الفلسطينيين هم الذين صنعوا الحرب في لبنان عام 1975 وواجهوا الجيش اللبناني»، معتبرا أنه «ونتيجة لذلك عاش اللبنانيون حربا أهلية»، وتساءل: «لماذا لا يعودون؟». ورد المتحدث باسم حركة حماس في لبنان، رأفت مرة، على مواقف الراعي مستغربا توقيتها ومضمونها، لافتا إلى أنها «تحمل نفسا تحريضيا ولا تخدم الاستقرار اللبناني». وقال مرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المنطقة تمر بواحدة من أصعب المراحل، حيث الصراعات المذهبية والتدخلات الخارجية والانقسامات المحلية، وبالتالي لا داعي لاستحضار الماضي واستخدام لغة العنف والتخوين والإساءة والتحريض».
ورأى مرة، أن «لا مبرر على الإطلاق للكلام الذي أطلقه الراعي»، مشيرا إلى أنه «لا يخدم أجواء الهدوء والود التي يجب أن تسود العلاقة اللبنانية – الفلسطينية». وأضاف «المطلوب العودة للكلام الحكيم والعقلاني والواعي للمحافظة على مصالح اللبنانيين- كما الفلسطينيين- العليا». بدوره، توجه إمام مسجد «الصحابة» في مخيم «نهر البارد» شمال لبنان، الشيخ هيثم السعيد، للراعي قائلا «يا غبطة البطريرك، لقد وقعت كلماتكم على مسامع ما يقارب 300 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان كالصاعقة؛ لأنها صدرت عن مرجع بوزنكم وكأنك تحمّلنا وزر اللجوء إلى لبنان، وكأن قرار اللجوء أو العودة بأيدينا». وأضاف في بيان «هل لك أن تفتح الحدود لنا لنرجع إلى قرانا ومدننا في الجليل الأعلى وصفد والساحل الفلسطيني؟ لعلك خاطبت الضحية المضطهدة يا غبطة البطريرك، وكان الأجدى أن تخاطب صناع القرار في أميركا وأوروبا».
وخلقت الاشتباكات التي شهدها مخيم «عين الحلوة» نهاية الشهر الحالي نتيجة خلافات بين الفصائل الفلسطينية، كما المواجهات العنيفة، بين مسلحين فلسطينيين ولبنانيين من عشيرة آل جعفر، التي عاشها مخيم «برج البراجنة» قبل يومين، أجواء من التوتر سادت المجتمعين اللبناني والفلسطيني. ففيما استغرب ناشطون فلسطينيون محاولة بعض اللبنانيين التعميم بالتعاطي مع الحادثتين، حثّ سياسيون وكذلك ناشطون من لبنان على وجوب نزع السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات وخارجها.
وقال النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» نعمة الله أبي نصر، إن «السلاح لم يكن يوما مصدر سلام ووئام في أي وطن»، وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب أن «يسلّم الفلسطينيون سلاحهم بانتظار العودة إلى فلسطين». وأضاف «عانينا كثيرا من الوجود الفلسطيني، ومن العناصر غير المنضبطة، واليوم بعد نزوح كل هؤلاء اللاجئين السوريين إلينا أوشكنا أن نتحول كلبنانيين إلى أقلية داخل بلدنا، من هنا التشديد على عودة السوريين إلى بلدهم، وتحميل الفلسطينيين أمن المخيمات والدفاع عنها للدولة اللبنانية، والتعاون لتسليم الإرهابيين الذين يحتمون في المخيمات». وشدّد أبي نصر على وجوب «تفهم الإخوة الفلسطينيين لموقف البطريرك الراعي وموقفنا كلبنانيين، فلا يثير ذلك أي مشكلات أو صدامات»، لافتا إلى أنه «على الضيف أن يراعي ظروف المضيف».
وكان رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، حثّ في وقت سابق القوى الفلسطينية على وجوب أن تعي «خطورة أي انجرار جديد تكون فيه ضحية للصراعات الخارجية وتحوّل لبنان إلى آتون آخر شرارة إلى أنحاء المنطقة»، مشيرا: «أبناء القضية الفلسطينية أنهم في لبنان ضيوف في انتظار تنفيذ قرار العودة 194، وإلا أضاعوا فرصتهم الأخيرة في مبرّر هذه العودة، وخسروا ثقة اللبنانيين بعدالة قضيتهم».
ويعيش في لبنان، وفق إحصاءات أجرتها «الأونروا» عام 2009... 422.188 لاجئا فلسطينيا 222.776 منهم داخل المخيمات و199.412 لاجئاً خارج المخيمات، ويمثلون نحو 12 في المائة من مجمل سكان البلد. وتتولى لجان مشتركة من الفصائل أمن المخيمات بحيث لا تواجد للعناصر الأمنية اللبنانية داخلها؛ ما أدى إلى تحول بعضها إلى مربعات أمنية تضم مطلوبين للسلطات المحلية، وبخاصة في مخيم «عين الحلوة» للاجئين.
وترد القيادات الفلسطينية الأحوال الأمنية المعقدة في المخيمات للظروف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التي يرزح تحتها اللاجئون خاصة أنهم ممنوعون من التملك ومن ممارسة الكثير من المهن. كما كان الراعي، وفي المقابلة نفسها، تحدث عن قتال «حزب الله» في سوريا، مؤكدا أن «قرار الحزب دخول الميدان السوري لم يكن بقرار من الدولة اللبنانية التي أعلنت النأي بالنفس»، مشيرا إلى أنه «أحرج اللبنانيين وقسّمهم نتيجة هذا القرار».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.