مقاتلون معارضون: قادتنا «تجار دماء»

أحدهم قال إنه لم يتلق مساعدة عندما جرح فاضطر لبيع سلاحه

الشقيقان المقاتلان زين وأمجد في مركز تأهيلي بإقليم صانليورفا جنوب تركيا قرب الحدود التركية («الشرق الأوسط»)
الشقيقان المقاتلان زين وأمجد في مركز تأهيلي بإقليم صانليورفا جنوب تركيا قرب الحدود التركية («الشرق الأوسط»)
TT

مقاتلون معارضون: قادتنا «تجار دماء»

الشقيقان المقاتلان زين وأمجد في مركز تأهيلي بإقليم صانليورفا جنوب تركيا قرب الحدود التركية («الشرق الأوسط»)
الشقيقان المقاتلان زين وأمجد في مركز تأهيلي بإقليم صانليورفا جنوب تركيا قرب الحدود التركية («الشرق الأوسط»)

رقد الشاب على سرير المستشفى ورأسه حليق وعيناه تموجان بالغضب. «إنهم تجار دماء»، قال ذلك ثم توقف محاولا البحث عن الكلمة المناسبة ليعبر بها عن عمق استيائه «إنهم يعبثون بدماء الناس».
كانت تلك وجهة نظره تجاه قادته، وكان رأيه بشأن أعدائه أكثر سوءا.
في أحد مراكز التأهيل جنوب تركيا، ناقشت مجموعة من المقاتلين أوضاع ثورتهم وحربهم ومستقبلهم. كانت إصاباتهم تثير الفزع، فقد بتر نصف أنف أبو جبل، وشطرت شظايا صاروخ أسنانه. فيما اخترقت رصاصة قناصة جذع المثنى، من الجانب الأيمن لتخرج من الجانب الأيسر، أما قتيبة فقد مزقت الشظايا أمعاءه.
على الرغم من ذلك عبروا جميعا عن رغبتهم في العودة للقتال. أراد أبو جبل القتال مجددا لأنه شعر بالولاء تجاه اللواء الذي يقاتل فيه، وأراد المثنى العودة إلى القتال إلى جانب أشقائه وأقرانه، أما قتيبة فقال إنه سيعود مرة أخرى للقتال في سبيل الله.
لم يقل أي منهم إنه يقاتل من أجل قادة الثورة السورية أو المعارضة السياسية - الأشخاص الذين يزعمون قيادتهم للثورة. تحدث الشباب الراقد على سريره باسمهم جميعا.
وبينما تدخل الحرب السورية عامها الرابع تعيش المعارضة المسلحة السورية دوامة الفصائل والتحالفات، فقد لقي نمو الجماعات المتطرفة ضربة قاصمة على يد المعارضة المعتدلة. ففي شمال غربي سوريا تمكنت حركتان نشأتا حديثا، هما الجبهة الإسلامية وجبهة ثوار سوريا، من وقف تقدم الجماعة الأكثر تشددا، الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). بينما تقلص وجود الجيش السوري الحر، في كثير من المناطق، إلى كيان ضعيف منزوع القوة، مقارنة ببقية الفصائل الإسلامية الأضخم والأفضل عتادا.
ربما يكون ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى انشقاق أربعة من قادة الجيش السوري الحر والعودة للقتال إلى جانب صفوف قوات النظام الشهر الماضي. فقد كان العميد أبو زيد، الرئيس السابق للمحكمة العسكرية في حلب، والعقيد مروان نهيلة، قائد المجلس العسكري في حمص، والعقيد أبو الوفا، قائد المجلس العسكري في دمشق، أفرادا في جيش النظام قبل انشقاقهم وانضمامهم إلى الجيش السوري الحر في بداية الثورة. وانشق الرابع، الرقيب فادي ديب، الذي كان متمركزا في اللاذقية، في بداية الهجوم على كسب، العملية التي قادتها جماعة جبهة النصرة.
كان المقاتلون الذين يعالجون في المستشفى من أبناء دير الزور، المدينة المحاصرة في صحراء شرق سوريا، والتي كانت من أولى المدن المنتفضة ضد نظام بشار الأسد في عام 2011، وواجهت عقابا صارما من جراء ذلك، حيث دمر جزء كبير من المدينة، واضطر الكثير من المدنيين، من الذين قرروا البقاء فيها، إلى الإقامة في الأقبية هربا من القصف المستمر والتفجيرات.
ويختلف وضع دير الزور عن أوضاع المناطق، التي يسيطر عليها الثوار شمال غربي البلاد، لأن الجيش السوري الحر لم يتمكن من الدخول في تحالف أكبر فيها. ويواجه نفس المشكلات في حلب وإدلب، حيث طغت الجماعات الجهادية الأجنبية على ألويته.
وتمكنت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من تحقيق نجاحات في دير الزور، تماما كما فعلت في معظم المناطق الأخرى التي يسيطر عليها الثوار في شمال سوريا، ولكنها طردت من المدينة من قبل على يد الجيش السوري الحر وجبهة النصرة. ويقول حسين قائد لواء جيش القصاص التابع للجيش السوري الحر: «لقد عملنا معا وطردناهم منها قبل نحو شهرين».
وعلى الرغم من أن العلاقات بين الجيش السوري الحر وجبهة النصرة في دير الزور ودية على ما يبدو، فإن الكثير من الشباب الذي بدأ القتال من أجل المعارضة المعتدلة تحول إلى الانضمام إلى جبهة النصرة الأضخم والأكثر تمويلا.
وأوضح حسين: «القضية هي أن الجماعات المقاتلة مثل التي أعمل فيها (جيش القصاص) لا يمكنها العثور على ممول، ولكن جبهة النصرة غنية. فهم يدفعون راتبا جيدا، يبلغ نحو 100 دولار في الشهر، لكننا لا نستطيع أن نمنح مقاتلينا رواتب لأننا لا نمتلك المال».
وأصر المقاتلون الذين يتعالجون في مركز التأهيل جنوب تركيا على أنهم سيواصلون قتال النظام، لكنهم كانوا غاضبين بسبب غياب الدعم الذي واجهوه عند إصابتهم.
ووصف قتيبة نفسه بـ«المقاتل الحر» فلديه سلاحه الخاص، لذلك أراد القتال مع أي لواء في الجيش الحر يريد مساعدته على الخط الأمامي للجبهة. لكنه عندما أصيب اكتشف أن الأشخاص الذين قاتل إلى جانبهم لم يستطيعوا مساعدته. وقال: «لم يعتن أحد بي، لم يكن اللواء يمتلك المال، ولم تساعدني المعارضة السياسية في إسطنبول». فاضطر إلى بيع سلاحه للحضور إلى تركيا للعلاج.
بينما قال آخرون إنهم يشعرون أن قادتهم «خانوهم». ويقول فراس، بعد أن وصف قادة المعارضة بأنهم «تجار دماء»: «بعد إصابتي علمت الحقيقة. هؤلاء الأشخاص بدأوا الثورة في سوريا وبعد ذلك فروا إلى تركيا للحصول على المال. ولم يقدموا أيا من هذه الأموال للمقاتلين».
ومع تقدم الحرب تلاشت بعض ألوية الجيش السوري الحر في دير الزور، فأمجد وزين الشقيقان اللذين شكلا لواء مؤلفا من أقاربهما وأصدقائهما المقربين، وكان عددهم في بداية الثورة خمسة وثلاثين مقاتلا، لكن اللواء لا يضم الآن سوى ستة مقاتلين، أما الآخرون فقد قتلوا أو أصيبوا.
ويواجه المقاتلون الذين يرفضون الرحيل عن الجيش السوري الحر موقفا صعبا. فعلى الرغم من قلة الدعم من قادتهم، وتنامي أعداد رفاقهم الذين ينضمون إلى الجماعات الإسلامية الأقوى، إلا أن كل ما يدفعهم للقتال مع مجموعاتهم هو ولاؤهم لأصدقائهم وعائلاتهم وعقيدتهم. ويقول مثنى: «سوف أعود إلى مجموعتي لأنهم أشقائي وأصدقائي».
لكن على الرغم من ذلك، فإن نظرته تجاه المستقبل كانت متشائمة. وقال: «إذا ظلت الأوضاع على هذا النحو فسوف يختفي الجيش السوري الحر خلال الأشهر الستة المقبلة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.