وزراء خارجية «الخماسية» يناقشون تسوية يمنية في لندن الاثنين المقبل

مسؤول في مجلس التعاون الخليجي لـ «الشرق الأوسط»: ندعم الشرعية والتفاصيل بيد اليمنيين

عادل الجبير لدى اجتماعه مع المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (واس)
عادل الجبير لدى اجتماعه مع المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (واس)
TT

وزراء خارجية «الخماسية» يناقشون تسوية يمنية في لندن الاثنين المقبل

عادل الجبير لدى اجتماعه مع المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (واس)
عادل الجبير لدى اجتماعه مع المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (واس)

كشف شربل راجي المتحدث باسم المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ عن اجتماع مرتقب لوزراء خارجية دول المجموعة الخماسية حول اليمن سيعقد الاثنين المقبل في لندن.
وبحضور المبعوث الأممي، سيبحث وزراء خارجية السعودية والولايات المتحدة والإمارات والمملكة المتحدة وسلطنة عمان آخر مستجدات التسوية التي وصلت إليها مباحثات ولد الشيخ «المكوكية» كما يفضل تسميتها، مع الأطراف المعنية بالملف.
وكان آخر لقاء للمجموعة عقد بمدينة بون الألمانية في 16 فبراير (شباط)، وسبق للسفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر أن قال لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء قدم «فرصة ثمينة لهؤلاء المسؤولين الكبار لمناقشة خيارات إحلال السلام في اليمن... من ضمن ما يجري مناقشته حاليا عن نهج الأمم المتحدة في معالجتها للصراع في اليمن، والخطوات المطلوبة لوقف الاقتتال، وما هو مطلوب على وجه السرعة بدعم من المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة».
إلى ذلك، قال مسؤول في مجلس التعاون الخليجي لـ«الشرق الأوسط» إنه يؤكد دعم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن، الذي يزور الرياض في محطته الثانية بعد الكويت منذ عودته الأخيرة إلى المنطقة.
ويأتي دعم المبعوث الأممي في الوقت الذي حاولت فيه أطراف تابعة لميليشيات الحوثي وصالح إقناع الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بتغيير المبعوث، وهو ما عدّه مراقبون «محاولة أخرى للمماطلة».
ومن المرتقب أن يجري ولد الشيخ لقاءات في الرياض مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فضلا عن لقاءات خليجية أخرى، ثم «يتوجه إلى سلطنة عمان، كما سيقدم إحاطته بآخر مستجدات الملف لمجلس الأمن نهاية الشهر الحالي»، وفقا لشربل راجي المتحدث باسم المبعوث الأممي إلى اليمن. وبدأ ولد الشيخ لقاءاته في الرياض باجتماع مع الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في مكتبه بمقر الأمانة العامة في الرياض أول من أمس (الأربعاء)، كما بحث آخر مستجدات الأزمة اليمنية مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في لقاء عقد في الرياض أمس، وفقا لبيان الخارجية السعودية المنشور في وكالة الأنباء السعودية (واس).
من جانبه، قال الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بمجلس التعاون الخليجي في اتصال هاتفي عقب اجتماع أمس: «ناقشنا مع المبعوث آخر تطورات جهود الأمم المتحدة حول الملف، وبحثنا مسارين، الأول يتمثل في التوصل لإطلاق نار، وأبدينا للمبعوث القلق من رفض الحوثي وصالح إرسال ممثلين للجنة التنسيق والتهدئة العسكرية، وتجدر الإشارة إلى وجود 7 اتفاقيات أمنية وقع عليها الجانبان لتوثيق وقف إطلاق النار».
المسار الثاني، يتمثل في التوصل إلى اتفاق أمني وسياسي وفقا لبنود القرار 2216، طبقا لتصريح العويشق، الذي تابع بالقول: «ندعم الشرعية في اليمن وندعم ما يتوصل إليه الأطراف فيما يتعلق بالإجراءات التفصيلية».
ووفقا لبيان صدر عن أمانة مجلس التعاون، فقد جرى خلال الاجتماع بحث آخر تطورات الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في اليمن، والجهود التي يبذلها المبعوث الأممي لاستكمال مشاورات السلام اليمنية، ودفع العملية السياسية فيها وفق المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وأكد الدكتور الزياني دعم مواصلة مشاورات السلام اليمنية، وحرصها على إحلال السلم باليمن والحفاظ على استقراره، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة المحافظات اليمنية لتخفيف معاناة الشعب اليمني، طبقا للبيان.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.