آمال عفيش: زمن الفن الجميل ولّى ولا أعرف اسماً يليق بالحالي

تعدّ من أشهر ممثلاته وشاركت في مسرح «شوشو» ومسلسلات الأبيض والأسود

الممثلة آمال عفيش في زمن الأبيض والأسود - مع حفيدتها جيسي عبدو التي تعدّها خليفتها في التمثيل
الممثلة آمال عفيش في زمن الأبيض والأسود - مع حفيدتها جيسي عبدو التي تعدّها خليفتها في التمثيل
TT

آمال عفيش: زمن الفن الجميل ولّى ولا أعرف اسماً يليق بالحالي

الممثلة آمال عفيش في زمن الأبيض والأسود - مع حفيدتها جيسي عبدو التي تعدّها خليفتها في التمثيل
الممثلة آمال عفيش في زمن الأبيض والأسود - مع حفيدتها جيسي عبدو التي تعدّها خليفتها في التمثيل

قالت الممثلة آمال عفيش إن الفرق كبير جداً ما بين زمني الفن في الماضي واليوم، وإنه لا مجال للمقارنة بينهما. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على الأقل ما زلنا نتغنّى بحقبة زمن الفنّ الجميل حتى يومنا هذا، على الرغم من أننا كنّا نعمل ضمن شروط بدائية. ولكن ما يحيّرني هو عدم إيجاد اسم في استطاعتنا إطلاقه على زمن الفنّ الحالي، فلا نعرف بما يجب وصفه مع كلّ التطوّر الذي يشهده».
آمال عفيش تعدّ واحدة من الممثلات الشهيرات في زمن الأبيض والأسود، وقد حصدت جوائز تقديرية عدة عن أدوار لعبتها في عالمي الكوميديا والتراجيديا، كما وقفت إلى جانب فنانين عمالقة كالكوميدي (شوشو) فشاركته معظم مسرحياته على مدى ثماني سنوات متتالية. «لقد كنّا ننعم بحضور عمالقة إن في مجال التمثيل أو الإخراج والكتابة، فالراحل حسن علاء الدين المعروف بـ(شوشو) ابتكر مدرسة خاصة به صارت تدرّس اليوم في الجامعات ولكنه في الوقت نفسه كان إنسانياً ومتواضعاً إلى أبعد حدود، فنجحنا كفريق مسرحي من ناحية وكعائلة فنية مترابطة من ناحية ثانية». وتضيف الفنانة الممثلة والتي انتخبت في الماضي «ملكة جمال السينما الكوميدية»: «لقد كنا نؤلّف فريقاً فنيّاً كاملاً ومتكاملاً يعمل دون كلل ستة أيام من أصل سبعة في الأسبوع، كما كنا من ناحية ثانية عائلة متّحدة تسود أفرادها المحبة».
وتتذكر آمال عفيش شخصية «شوشو» المحببة إلى القلب وتقول: «لقد كان يحدث عاصفة من الضحك بين الجمهور من خلال كلمة ينطق بها أو حركة يقوم فيها بجسده الخفيف. حتى إننا كنا نتمالك أنفسنا كي لا نضحك، إذ كان من المحظور علينا القيام بذلك على خشبة المسرح مهما كلّفنا الأمر، حتى أنه كان يغرّم من يخالف هذا القانون بدفع مبلغ خمس ليرات له». وعن سبب ابتعادها حالياً عن الساحة الفنية تردّ: «إنهم يريدونني أن أخضع لجلسات (كاستينغ) واختبار كأنني ابنة البارحة، لماذا هذا الموضوع كان غائباً في الماضي وكان بمجردّ أن نجتمع مع المخرج يعرف مباشرة أي دور يوليه إلينا؟ لقد حاولت مرة أن أساير هذه الموجة وبعد تمضيتي فترة من الوقت أترقب دوري للكاستنغ بادرني المخرج بالقول: (انتبهي مدام آمال إلى أدائك)، فغضبت لملاحظته هذه، لا سيما وأن عمري التمثيلي يفوق عمره بمرتين ومن يومها توقّفت عن التمثيل».
شاركت آمال عفيش في تقديم إعلانات تجارية عدّة منذ بداياتها حتى اليوم، وتناول أحدثها ماركة جبن. «لطالما كانت الإعلانات التجارية سنداً للفنان ولولا الراحل عمر الشريف لما كانت فتحت أمامنا فرص المشاركة فيها، فلقد كان السباق في هذا المجال على الرغم من الشهرة الكبيرة التي كان يتمتّع بها».
تتأسفّ آمال عفيش لعدم تقدير الجيل الجديد لهؤلاء الذين صنعوا الفن اللبناني وتقول: «لقد عملت في زمن أنطوان ريمي ونقولا أبو سمح وجان فياض وجميعهم مخرجون تركوا بصمتهم على أعمال الدراما اللبنانية، أذكر جيداً النجاح الذي حقّقته في مسلسل (وبقي الحب) مع عبد المجيد مجذوب ويومها ورد اسمي قبله، وكذلك الأمر بالنسبة لـ(الغريبة) وشخصية (سحر) التي حقّقت إيرادات خيالية في عالم التلفزيون. كما لا يجب أن أنسى دوري (شويكار) الكوميدي بامتياز في (الدنيا هيك) لكاتبه محمد شامل، يومها أنا وضعت الخطوط العريضة لهذه الشخصية وبرعت فيها إلى حدّ صارت منتشرة على كلّ شفّة ولسان». وتختتم هذا الموضوع: «للأسف جيل اليوم ليس لديه أدنى فكرة عنّا وهو أمر يحزّ في نفسي إلا أنني في المقابل لا أسعى للعمل على حساب كرامتي، فأنا عشت الشهرة بالطول والعرض واليوم جاء الوقت لأرتاح في بيتي». ولكن هناك ممثلين من عصرك ما زالوا يشاركون في أعمال جديدة؟ «هم أحرار في العمل ضمن شروط معينة أنا شخصياً لا أقبل بها».
وعن رأيها في الأعمال الكوميدية التي نشهدها اليوم تقول: «هي أعمال دون المستوى المطلوب ترتكز على الكلام البذيء والمسيء للذوق العام، فأين هم من أعمالنا في الماضي التي كانت تستقطب الكبار والصغار دون استثناء وترتكز على المحتوى الهزلي وليس على السخرية والاستهزاء من الناس». وتتابع: «لقد دعيت مرة لحضور مسرحية من توقيع صاحبها الذي لا ينفكّ عن الترداد بأنه تأثّر إلى حدّ كبير بالراحل (شوشو)، لم أستطع يومها إكمالها حتى النهاية للصراخ الذي يمارسه ممثلوها طيلة الوقت على الخشبة. أما البرامج الساخرة الحالية فلا نستطيع أن نحضرها لكثرة استخدام ذلك الصوت (توت) كي لا نسمع بعض عباراتها البذيئة، ولماذا ترضى يا كاتب هذه البرامج أن تشوّه أعمالك بهذا الصوت المثير لعصبية المشاهد، فهل نضبت الأفكار الجميلة والجديدة معاً وصارت البذاءة عنواناً لك؟ وهل انتهى زمن الإبداع بالفعل؟».
لا تتابع الفنانة اللبنانية التي حصدت في الماضي جوائز وكؤوساً كثيرة عن أدائها التمثيلي، المسلسلات التلفزيونية الحالية وتكتفي بمشاهدة تلك التي تطلّ فيها حفيدتها جيسي عبدو. وتعلّق: «هي وريثتي الفنيّة ولقد نجحت في أدائها الدرامي كما الكوميدي مثلي تماماً، إلا أن الظروف التي تعمل فيها والتي أحاطتها منذ بدايتها حتى اليوم مختلفة تماماً عن تلك التي عشتها شخصياً. وأنا سعيدة كونها ما زالت تقوم بالدور الثاني في أعمالها وليس بدور البطولة، فكي نصل إلى هذا المستوى التمثيلي يجب أن نمرّ بمخاضات فنية عدة تصنع منا أبطال تمثيل». وتتابع: «مع احترامي للجميع لا أعرف كيف تصل عارضة أزياء بين عشية وضحاها إلى دور بطولي دون أن تتمتع بخلفية غنيّة بالتجربة المطلوبة. فأنا شخصياً عملت لثماني سنوات متتالية في المسرح والسينما والتلفزيون لا تدرّج بطلة لمسلسل، فليس من السهل الوصول إلى هذا المستوى وعلينا أن نمرّ بتجارب كثيرة كي تساهم في صناعتنا فنيّا».
حاليا تتابع آمال عفيش مسلسل «فخامة الشك» الذي يعرض على شاشة «إم تي في» وتقول: «أتابع لأن حفيدتي تشارك فيه فأنا أرغب دائماً بمشاهدة تطورها، كيف لا وهي تشكّل جزءاً لا يتجزّأ مني؟» وتعلّق: «هناك أخطاء كثيرة تشوب أعمال الدراما اليوم لا أريد أن ادخل في تفاصيلها، إلا أن الكاتب والمخرج هما المسؤولان الأساسيان عنها. فالممثل يؤدي ما يطلبه منه الدور بمساعدة فحوى النصّ وحبكته المترابطة وعين مخرج العمل الثاقبة. وأتساءل كيف يقوم الممثلون حالياً بأدوارهم دون أن تتوفّر لهم فرصة قراءة النصّ من أول حلقة حتى الأخيرة منه ليعيشوه كما يجب؟ فهم يتزوّدون به بالتقسيط. لقد كنّا نحفظ النقطة والفاصلة ويمنع علينا الارتجال، كي لا يفلت المعنى أو المشهد بشكل عام، ويتهيّأ لي بأن كتّاب اليوم لا ينقصهم سوى التمتع بعشرة أياد كي يستفيدوا من بيع نصوصهم لأكبر عدد ممكن من شركات الإنتاج وهذا خطأ كبير تعاني منه الساحة اليوم.»
وعما يستفزّها تقول: «قلّة الأدب التي صارت ظاهرة متّبعة بشكل رائج على الساحة اليوم وهي تثير الاشمئزاز».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».