شاشة الناقد

من «لوغان» للمخرج جيمس مانغولد
من «لوغان» للمخرج جيمس مانغولد
TT

شاشة الناقد

من «لوغان» للمخرج جيمس مانغولد
من «لوغان» للمخرج جيمس مانغولد

* الفيلم: Logan
* إخراج: ‪جيمس مانغولد‬
* فانتازيا | الولايات المتحدة
* تقييم:
عندما جلس المخرج جيمس مانغولد والممثل هيو جاكمان مع كبار شركة «فوكس» خلال الفترة السابقة مباشرة للبدء في تصوير هذا الفيلم، كانت مهمـة المخرج وبطله إقناع الشركة بالرؤيا الجديدة التي على هذا الفيلم الثالث في سلسلة «وولفرين» والتاسع في السلسلة الأم «رجال إكس» أن يتحلّـى بها.
لوغان سيحافظ على قدراته العجيبة بلا ريب. ستخرج من فوق أصابعه تلك السكاكين الحادة التي يستخدمها مخالب قوية ضد الأعداء. سيغضب. سيقتل. سيتولى التصرف في صورة البطل المعهودة، لكنه سيظهر الجانب الخفي لأول مرة: إنه شخص منهك، محارب قديم، بائس ويائس وجريح ويعاقر الخمر. أما العضلات السليمة والشكل الرياضي اللائق فمن سمات الماضي.
مع نهاية الاجتماع الطويل وافقت «فوكس»، بشجاعة، على هذه التعديلات الخطرة؛ فهي لا تدري كيف سيستقبلها الجمهور، وما إذا كانت ستودع ميزانية قدرها 100 مليون دولار أو أنها ستستردها وفوقها ما تتوخاه من أرباح. النتيجة سعيدة للجميع: الفنانان حققا رؤيتهما و«فوكس» قبضت في الأسبوع الأول من العرض داخل أميركا وكندا أكثر مما دفعت في الفيلم.
إنه العام 2029، لوغان، المعروف أيضاً بوولفرين، يبدو آخر البشر المتمتعين بقدرات جينية تجعلهم قادرين على التحوّل إلى شخوص بقدرات غير عادية. هذا إلى أن يلتقي بفتاة صغيرة اسمها لورا (دافيني كين) كانت هربت من مصنع لإنتاج الجينات البشرية. تلتقي لوغان الذي يفهم فصيلتها؛ فهو من النوع ذاته. لوغان المهدم الذي يعيش بلا أمل ويعتني برئيس رجال ونساء إكس (باتريك ستيوارت) الذي بلغ من العمر (في الواقع وفي الفيلم) عتياً يقرر أن يتجه بالفتاة وبالعجوز إلى مدينة تقع على الحدود الكندية سمع أنها تحوي الجيل الجديد من ذويه.
هناك ما يبعث على السخرية إلى حد بعيد فيما لو فكرنا في الحكاية وحدها. لكن مانغولد، الذي حقق سابقاً أفلاما استحقت التميّـز والتقدير منها Cop Land وWalk the Line، والجزء السابق من الشخصية ذاتها Wolverine، يسارع إلى إثراء الفيلم بمعادلاته فيمزج هذا المنحى المستقبلي الداكن بملامح من الفيلم نوار مع رحلة طريق في رحى الوسترن مع الكثير من الإصرار على دور الشخصيات في الحكاية أكثر من الاعتماد على الحكاية وحدها في مسيرة الفيلم.
المنحى المستخدم هنا يبقى تقليدي الكتابة والتنفيذ: بداية حذقة نجد فيها لوغان يواجه مجموعة من الأشرار الذين يحاولون سرقة عجلات سيارته المتوقفة قرب الحدود المكسيكية. يهب واقفاً وتخرج سكاكينه المخبوءة في يديه ويواجه الأشرار بما يتوقعه الجمهور عنه وزيادة. ذلك؛ لأن وجهة الفيلم هي استغلال المشهد لتبرير عدائيته وعنفه في عالم ما عاد يؤمن له. لاحقاً سندرك أن الحدود الفعلية التي يقف عليها هذا الفيلم هي حدود ما تبدّى في سلسلة ماد ماكس، حيث القانون الغائب والعدالة المتوارية والشر المحدق في كل مكان.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز