عودة احتجاجات الخبز إلى مصر وسط مخاوف من اتساع الأزمة

عودة احتجاجات الخبز إلى مصر وسط مخاوف من اتساع الأزمة
TT

عودة احتجاجات الخبز إلى مصر وسط مخاوف من اتساع الأزمة

عودة احتجاجات الخبز إلى مصر وسط مخاوف من اتساع الأزمة

تظاهر مئات المصريين أمس في عدة محافظات احتجاجا على توقف إمدادهم بالخبز المدعوم حكوميا. وقال شهود عيان إن المحتجين قطعوا طرقا رئيسية في المدن وخطوطا للسكك الحديدية، مما أدى لشلل في حركة المرور، وسط مخاوف من تصاعد الأزمة في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
وخرج المئات من المحتجين في محافظات الإسكندرية والجيزة وكفر الشيخ والمنيا، احتجاجا على قرار لوزير التموين. وشهدت الإسكندرية، قطع الطريق الرئيسي بمنطقة الدخيلة، ومنع حركة قطار أبو قير في العصافرة، كما شهدت مدينة دسوق منع حركة القطارات. وردد المتظاهرون هتافات ضد الحكومة ووزير التموين، منها «العيش خط أحمر»، و«الوزير جوعنا».
وأقدم وزير التموين والتجارة الداخلية الجديد على المصيلحي على خفض الحصة التي يمكن للمخابز صرفها للمواطنين الذين يملكون بطاقات تموينية مؤقتة، في مسعى منه للسيطرة على تلاعب بعض المخابز. وانخفضت الحصة التموينية من أكثر من 1500 رغيف إلى 500 رغيف يوميا فقط، مما دفع معظم المخابز إلى الامتناع عن صرف الخبز المدعوم للمواطنين أصحاب البطاقات المؤقتة، اعتراضا على خفض حصتهم، مما أدى لاحتجاج المواطنين أمام مديريات التموين.
وقالت مصادر بوزارة التموين لـ«الشرق الأوسط» إن القرار هدفه المحافظة على المال العام، بعد ثبوت قيام أصحاب المخابز ببيع النسبة الأكبر من الخبز التابع لحصة الكارت الذهبي في السوق السوداء بأسعار أعلى لغير مستحقي الدعم، بعيدا عن البطاقات الرسمية.
وحذر محمود العسقلاني رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» من تبعات المساس برغيف العيش، مضيفا: «حتى إذا صح كلام الوزارة بأن كميات العيش لا تصل لمستحقيها ويجري الاستيلاء عليها من قبل أصحاب المخابز، فإن إلغاء القرار أفضل حتى لا يتم استغلاله في إحداث فتنه وتأجيج الاحتجاجات في ظل هذه الظروف الصعبة».
وتأتي هذا الأزمة بالتزامن مع حالة غضب عارمة لدى المصريين جراء ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، منذ قرار الحكومة تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ومع كل إجراء يمس الدعم في مصر يتبادر إلى الأذهان أحداث الانتفاضة الشعبية التي وقعت في يناير (كانون الثاني) عام 1977، وأطلق عليها «انتفاضة الخبز»، أعقبت رفع أسعار سلع أساسية، في عهد أنور السادات، اضطر الرئيس الراحل لإلغاء القرار واستعان بالجيش لضبط الأوضاع الأمنية في البلاد.
وعين مصيلحي وزيرا للتموين، منتصف الشهر الماضي، بعد انتقادات واسعة للوزير السابق محمد علي الشيخ. وقال إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، لديه اهتمام كبير بمنظومة الدعم وتطويرها بما لا يتضرر أي مواطن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم