«الحمائية» تقسّم العالم وتشق صف أميركا من الداخل

غرامات تنتظر الولايات المتحدة تقدر بـ385 مليار دولار

«الحمائية» تقسّم العالم وتشق صف أميركا من الداخل
TT

«الحمائية» تقسّم العالم وتشق صف أميركا من الداخل

«الحمائية» تقسّم العالم وتشق صف أميركا من الداخل

ظهرت في الولايات المتحدة الأميركية، خلال الأيام القليلة الماضية، انقسامات حادة حول بعض نقاط البرنامج الاقتصادي للرئيس دونالد ترمب، لا سيما الخاصة بتهديده فرض رسوم جمركية على الاستيراد من الصين بنسبة 45 في المائة، والمكسيك بنسبة 35 في المائة، إضافة إلى نسبة 10 في المائة بشكل عام، وإعفاء المصدرين الأميركيين من رسوم وضرائب.
أتى التحرك الداخلي المعارض في الولايات المتحدة أولا من شركات المتاجر الكبرى مثل وول مارت وتارغيت، ثم من كبار تجار قطاعات مثل الملابس والأثاث. حتى قطاع السيارات أبدى حذرًا.
وقالت مصادر تجارية متابعة: «إن لوبي وقوى ضغط تتشكل الآن لتكون جزءا من النقاش الدائر ليحظى رأيها بالاستماع المناسب في هذه القضية». وتضيف: «عدد من اللوبي أو قوى الضغط والتأثير ليست ببعيدة عن الجمهوريين، لأن مجتمع رجال الأعمال عموما وأرباب العمل خصوصا هم من الناخبين الجمهوريين تاريخيا، ولا يرغبون في رؤية هوامش أرباحهم تتقلص أو تتبخر بفعل إجراءات ضد مصالحهم». ولسان حال بعض هؤلاء يقول، إنه إذا كان الرئيس ترمب يخاطب العمال وأصحاب الوظائف المتضررين من الاستيراد على حساب الإنتاج الوطني فيجدر به أن يستمع إلى التجار أيضا.
إلى ذلك، بدأت جهات معنية بحماية المستهلك في أميركا تحذر من «إمكان ارتفاع الأسعار بعد رفع الجمارك بما يهدد القدرة الشرائية لشرائح واسعة من محدودي الدخل الأميركيين. وفي هذه الشريحة من صوّت بقوة لترمب. وهناك خوف من نقص سلع لا تنتج في أميركا، لأن عامل التخصص الصناعي بات موزعا بين البلدان المتقدمة».
علاوة على ذلك، ظهرت بعض المخاوف من صناعيين مصدرين «لأن الدول التي ستجد صادراتها إلى الولايات المتحدة معّرضة لجمارك عالية ستتخذ إجراءات مضادة بفرض رسوم إضافية على استيراد السلع الأميركية»، ويخاف صناعيون آخرون من رسوم عالية سيدفعونها عند استيراد مكونات أو مدخلات تحتاجها مصانعهم في الولايات المتحدة.
وتناولت وسائل إعلام أميركية تقارير، مستندة إلى تحذيرات صادرة عن صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية تشير إلى الأثر السلبي الممكن جرّاء اتخاذ إجراءات جمركية حادة تقابلها إجراءات مماثلة ومضادة فيما يشبه الحرب التجارية. وهناك دراسات تركز الآن على مدى قانونية تلك الإجراءات الجمركية والضريبية لمعرفة ما إذا كانت تتعارض مع التزامات بقواعد منظمة التجارة العالمية.
في المقابل، هناك شركات كبيرة تدعم ترمب وترى مصلحتها فيما أعلنه من إعفاءات ضريبية للمصدرين الأميركيين تشجعهم على خلق فرص عمل.
وتلقى الكونغرس الأسبوع الماضي رسالة من تجمع ضم بوينغ وجنرال إلكتريك وكاتربيلر وشركات أخرى، تدعو إلى «سرعة إقرار تلك الإعفاءات للمصدرين حتى لو كانت في سلة تشريعات تضم رفع الرسوم على الاستيراد». يقابل ذلك تحذير من «معاملة تمييزية» قد تعرّض الولايات المتحدة لشكاوى أمام منظمة التجارة العالمية. وفي حال خسرت أميركا تلك الدعاوى، يتوقع معهد بيترسون المتخصص في الخلافات التجارية أن تصل الغرامات إلى 385 مليار دولار.
وكان الاتحاد الأوروبي توعد أيضا بالرد في حال الإخلال بقواعد التجارة العالمية. وقال مصدر في الاتحاد: «لدينا كل الاستعدادات القانونية اللازمة، كما لدينا قواعد منظمة التجارة. نحذر الأميركيين من لعبة التمييز لأنها قد تستجلب ردودا انتقامية من بلدان متضررة». لكن وثيقة مسربة من وزارة التجارة الأميركية نشرتها «وول ستريت جورنال» أواخر فبراير (شباط) الماضي تفيد في عدة حالات مماثلة بالاحتكام للقانون الأميركي لا غيره، لأنه يسمح بمواجهة الممارسات التجارية غير العادلة. وفي ذلك إشارة إلى قانون صادر في 1974 يسمح للرئيس بفرض عقوبات جمركية إذا رأى ممارسات تجارية غير منصفة للولايات المتحدة. أما وزارة الخزانة الأميركية فتحاول في خضم هذا الجدل أن تهدئ قليلا من روع المعارضين: «ما زلنا نبحث في الأمور. صحيح أننا ننظر إلى الميزانية وإيراداتها وإلى أفضلية المنتج الوطني، لكننا لا نغفل النمو الاقتصادي المتأثر بالتجارة أيضا».
وفي موازاة احتدام هذا النقاش، مصارف كبيرة أدلت بدلوها أبرزها غولدمان ساكس الذي قال: «سيكون هناك تمييز بين المصدر والمستورد، لكن الأخطر هو ارتفاع الدولار أكثر نتيجة إعفاء المصدرين مقابل رفع رسوم الاستيراد، هذا الارتفاع إذا تفاقم سيكون ضد مصالح المصدرين الأميركيين لأن منتجاتهم ستكون أغلى من غيرها فتفقد قدرتها التنافسية في الأسواق الدولية، علما بأن العملة الأميركية ارتفعت مقابل اليوان الصيني واليورو والجنيه الإسترليني بـ5.8 و4.6 و13.5 في المائة على التوالي في سنة، وارتفعت بنسب مماثلة أو أكثر مقابل عملات العديد من الدول الناشئة المصدرة إلى الولايات المتحدة الأميركية».
وكان ترمب لمح عدة مرات إلى أن دولا مثل الصين وألمانيا واليابان تستخدم عملاتها الضعيفة لزيادة صادراتها. لكن خبراء يشيرون إلى أن «الرئيس نسي أن المعضلة تكمن أيضا في الدولار الذي زادت قيمته مقابل العملات الأخرى، فزاد الاستيراد الأميركي وعانت الصادرات».
كما يلاحظ خبراء النقد أن مديونيات الأسر الأميركية وكيف تتراكم لتشكل كما ضخما مهددا بالانفجار كما حدث في 2008، يستنتج «أن الأميركيين يعيشون فوق طاقتهم ويستهلكون أكثر من أي شعب آخر في العالم. ولتمويل الاستهلاك تنمو القروض بمعدلات أعلى من معدل النمو الاقتصادي. ولا جديد في العجز التجاري الأميركي لأنه مستمر منذ 40 سنة».
دراسة أخرى لشركة بانتيون ماكروإيكونوميكس الاستشارية تشير إلى ما يشبه «الفخ». وتوضح: «البرنامج متكامل مترابط. يعد بخفض الضرائب على الشركات كما يعد بإنفاق مئات المليارات على البنى التحتية. أما التمويل فيأتي من بنود مثل رفع رسوم الجمارك. أي أن التراجع عن الإجراءات الجمركية سيجر وراءه تغييرا جذريا في بندي الخفض الضريبي، الذي وعدت به الشركات، والإنفاق الاستثماري الحكومي، وبالتالي ينقلب برنامج ترمب رأسا على عقب».
وقدّر جمهوريون متحمسون لبرنامج ترمب إيرادات البرنامج بتريليون دولار في 10 سنوات، لأن أميركا تصدر أكثر مما تستورد. فالجمارك تسد النقص الناتج عن إعفاءات المصدرين من الضرائب ونقص الإيرادات الضريبية الناتج عن خفض ضرائب أرباح الشركات من 35 في المائة إلى 20 في المائة.
ويستند الجمهوريون المؤيدون لبرنامج ترمب إلى الفجوة الهائلة في الميزان التجاري الأميركي الذي سجل عجزا بنحو 502 مليار دولار في 2016، وهو الأعلى منذ 2012.
وفي التفاصيل، سجل تبادل السلع عجزا بـ750 مليار دولار لكن ميزان الخدمات سجل فائضا بـ248 مليار دولار. والعجز التجاري السلعي الأكبر مع الصين بواقع 347 مليار، ومع الاتحاد الأوروبي 146 مليارا منه 45 في المائة لألمانيا وحدها (65 مليار) واليابان 69 مليار، والمكسيك 63 مليار. ويقول جمهوريون «إن الرئيس السابق باراك أوباما كان يعي حجم المشكلة عندما وعد في 2010 بمضاعفة الصادرات الأميركية بحلول 2015، لكنه فشل لأن الصادرات زادت 20 في المائة فقط في 5 سنوات».
وعن الدول المتضررة من تطبيق سياسة ترمب الحمائية تقول تقارير تجارية «إن المكسيك ستتأثر حتما لأن 80 في المائة من صادراتها تتوجه إلى الولايات المتحدة. ويشكل إجمالي الصادرات 25 في المائة من الناتج المكسيكي. لكن مصنعين أميركيين سيتضررون أيضا، لأن جزءا من الصادرات المكسيكية هو عبارة عن قطع غيار ومكونات تستورد من أميركا ثم يجري تجميعها في المكسيك لتدمج من المنتج النهائي الأميركي».
أما صادرات الصين إلى أميركا فتشكل 4 في المائة من ناتجها، لكن ذلك الناتج يشكل 18 في المائة من الاقتصاد العالمي و30 في المائة من ناتج الدول الناشئة. فأي زيادة جمركية سيكون لها انعكاسات على سلاسل الإنتاج العالمية لا سيما سلاسل جنوب شرقي آسيا وتحديدا في تايوان والفلبين وتايلاند وكوريا الجنوبية.. كما أن الصين مركز مهم لصناعات وقطاعات التجميع الأميركية خصوصا الإلكترونية والكهربائية. وبين الدول المتضررة أيضا فيتنام لأن صادراتها إلى أميركا تشكل 23 في المائة من ناتجها وصادرات تايلاند إلى أميركا 11 في المائة من ناتجها.
ويدعو خبراء صندوق النقد الدولي إلى إعادة قراءة ما حدث في 1930 عندما رفعت أميركا الجمارك من 38 في المائة إلى 50 في المائة على 20 ألف سلعة، واتخذت دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا إجراءات مضادة، فهبط التبادل التجاري العالمي 70 في المائة في السنوات اللاحقة وارتفعت البطالة في أميركا من 9 في المائة إلى 25 في المائة في سنوات قليلة.
ويؤكد خبراء الصندوق أن «فرض جمارك بنسبة 10 في المائة إضافية في أميركا والصين سيفقد الناتج الاقتصادي العالمي 1.5 نقطة مئوية بعد 3 سنوات ثم 1.75 بعد 5 سنوات، وستهبط الصادرات والواردات بين البلدين 16 في المائة وتتراجع الاستثمارات 5 في المائة». ويشير غولدمان ساكس إلى هبوط ممكن في النمو الأميركي والصيني علما بأن الأول يتضرر أكثر.
وفي معرض التحليل الإضافي جاء في ورقة بحثية لمركز ثنك ثانك بيترسون الاقتصادي أن «ما وعد به ترمب يدغدغ شريحة من الأميركيين تضررت من العولمة خصوصا عندما يضغط على المصانع الأميركية التي هاجرت لتعود إلى الديار، وعندما يركز على فقدان الأميركيين لوظائفهم ملقيا باللوم على الصين والمكسيك وغيرهما، لكن من رفض العولمة مصيره السقوط مثل كوريا الشمالية ومثلما سقط الاتحاد السوفياتي مقابل نهوض الصين».
الانغلاق بحسب مركز بيترسون «يفيد شريحة ليضرب شرائح أكبر. فإلى جانب 12 مليون أميركي يعملون في قطاعات متعلقة بالتصدير هناك أضعاف هذا الرقم يعملون في التجارة» ويضيف: «من مضار زيادة رسوم الجمارك ضرب خريطة الإنتاج العالمي القائم اليوم على تصنيع مكونات المنتج الواحد في 4 جهات الأرض أحيانا. خرائط التصنيع غير واضحة الحدود كما السابق. لذا فالأضرار المحتملة ستكون أشبه بضرب طابة بلياردو تضرب 4 أو 5 أو 6 طابات أخرى». ويؤيد هذا الرأي مركز أكسفورد إيكونوميكس الذي يقول: «صادرات اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان ستتأثر برفع الرسوم على الصادرات الصينية والمكسيكية».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.