تباينت ردود الفعل الألمانية على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي قارن فيها سياسة حكومة برلين بـ«الممارسات النازية»، بين ضرورة التعامل بمرونة مع «الاستفزاز» التركي، والمطالبة بمنع الساسة الأتراك من زيارة ألمانيا. كما اقترح البعض إنهاء اتفاقية اللاجئين مع أنقرة، ووقف المساعدات الأوروبية لتركيا.
واتفق النواب الألمان، من طرف التحالف الحكومي وأحزاب المعارضة البرلمانية، على إدانة تصريحات الرئيس التركي. وضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي صوته للتحالف المسيحي لرفض الانجرار إلى الاستفزاز، باعتبار أن الرئيس التركي يسعى إلى التصعيد خدمة لأهدافه المتعلقة بالاستفتاء العام على النظام الرئاسي وجملة الإجراءات السياسية والقانونية التي تعزز قبضته على النظام، على حد قولهم.
وبين وصف تصريحات إردوغان بـ«المعيبة» و«السخيفة» و«غير العقلانية»، الذي أطلقه مختلف الساسة الألمان، سارع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل إلى التحذير من التصعيد، وإلى التعامل مع سياسة أنقرة بأعصاب باردة. وقال غابرييل إنه «لا يجوز أن ندمر أسس الصداقة بين البلدين بأيدينا». وينتظر أن يلتقي غابرييل بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو خلال الأيام القليلة المقبلة للحديث حول العلاقات الثنائية، وسط أخبار نقلتها وكالة «الأناضول» الرسمية تتحدث عن مكالمة «مثمرة» بين رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم والمستشارة أنجيلا ميركل.
وكان شتيفان زايبرت، المتحدث الرسمي باسم حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، وصف مقارنة السياسة الألمانية بالممارسات النازية بالـ«بائخة». وقال زايبرت إن المقارنات مع النازية مرفوضة دائماً، لأنها تقلل من شأن جرائم النازية ضد الإنسانية. وأكد زايبرت في مؤتمر صحافي في العاصمة برلين، أنه يتحدث شخصياً باسم أنجيلا ميركل وباسم الحكومة الألمانية، وقال إنه يرفض هذه التصريحات بقوة لأنها ليست في محلها. وأكد زايبرت رفض الحكومة الألمانية منع زيارات الوزراء والساسة الأتراك، وقال: «الحكومة لا تعمل على إصدار مثل هذه القرارات».
من جهته، أكد بيتر ألتماير، وزير دائرة المستشارة، أن المقارنة مع النازية مرفوضة تماماً، و«نحن في الحكومة الألمانية نعرف أن ألمانيا لا تقارن بغيرها من ناحية دولة القانون والتسامح». وأضاف: «لا نرى أي أساس لأن يتهمنا أحد في هذا المجال ويعطينا النصائح».
وشارك غوكاي سوفوغلو، رئيس الجالية التركية في ألمانيا، في انتقاد تصريحات إردوغان، واعتبرها «زلة لسان». واتهم سوفوغلو إردوغان بالإساءة إلى العلاقات الألمانية - التركية، وقال إنه «بالغ في تصريحاته، وعلى ألمانيا ألا تنزل إلى هذا المستوى».
وعلى أي حال، تكشف تصريحات الرئيس التركي ووزرائه أهمية الناخبين الأتراك في ألمانيا للحملة التمهيدية للاستفتاء على النظام الرئاسي. فهناك 1.4 مليون تركي يحق لهم التصويت في ألمانيا، وكشفت استطلاعات الرأي السابقة أن 59 في المائة منهم سيصوتون لصالح إردوغان.
ويعود غضب إردوغان إلى منع أكثر من تجمع انتخابي لوزرائه في المدن الألمانية في الأيام الماضية. ورغم أن الحكومات المحلية عللت إلغاءها هذه التجمعات بالمخاوف الأمنية، فإن ردود الفعل التركية وصفت الموقف بالمعادي للرئيس إردوغان.
وتحول الحوار في برنامج «أنا فيل» السياسي، الذي تبثه القناة الأولى في التلفزيون الألماني مساء الأحد، إلى لقاء عاصف اتفق فيه الجميع على إدانة تصريحات إردوغان، واختلفوا تماماً في كيفية مواجهتها.
وبهذا الصدد، عد وزير العدل، هايكو ماس (من الحزب الديمقراطي الاشتراكي)، التصريحات تعبيراً عن حاجة إردوغان إلى أعداء داخليين وخارجيين لتعزيز وضعه السياسي، ودعا إلى التهدئة واستغلال القنوات الدبلوماسية لتحقيق ذلك. وقال أرمين لاشيت، من الحزب الديمقراطي المسيحي، إنه يرى ضرورة منع الساسة الأتراك من حضور التجمعات الانتخابية الدعائية في ألمانيا بشرط أن يجري ذلك عبر القنوات الاجتماعية، مع ضرورة إرسال رسالة واضحة إلى إردوغان مفادها: «لا نريد أن نراك هنا».
من ناحيته، رفض نوربرت روتغن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني من الحزب الديمقراطي المسيحي، منع الساسة الأتراك من إقامة ندواتهم السياسية، وقال إن المنع «قانوناً» خطأ. وأضاف: «علينا ألا ننجر للاستفزاز، وألا نصعّد، ونوضح أننا نرفض مثل هذه الخطابات، ونطالب باحترام رأينا هذا».
إجماع ألماني على إدانة إردوغان وانقسام حول الرد على تصريحاته
إجماع ألماني على إدانة إردوغان وانقسام حول الرد على تصريحاته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة