إدارة ترمب حذرت إسرائيل من ضم الضفة

مسودة تقرير أممي تدعو إلى عقوبات بسبب توسيع الاستيطان

فلسطينية أمام ركام منزلها قرب الخليل أمس بعدما هدمته جرافة إسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينية أمام ركام منزلها قرب الخليل أمس بعدما هدمته جرافة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إدارة ترمب حذرت إسرائيل من ضم الضفة

فلسطينية أمام ركام منزلها قرب الخليل أمس بعدما هدمته جرافة إسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينية أمام ركام منزلها قرب الخليل أمس بعدما هدمته جرافة إسرائيلية (أ.ف.ب)

في وقت أصدرت فيه السلطات الإسرائيلية أوامر هدم لعشرات البيوت الفلسطينية في ضواحي القدس تمهيدًا لضم أراضيها إلى تخومها، أعلن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أمس، أن الإدارة الأميركية الجديدة بعثت برسائل لحكومته تلمح من خلالها إلى أن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة سيتسبب في أزمة مع البيت الأبيض.
وعقدت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، جلسة خاصة أمس، للتداول في الطرح الداعي إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية أو على أجزاء منها، حسب طلب عدد من نواب الائتلاف الحاكم. وقال ليبرمان لأعضاء اللجنة، إن «أميركا أوضحت لإسرائيل برسالة مباشرة أن معنى خطوة من هذا القبيل أن تنشب أزمة فورية في العلاقات مع إدارة الرئيس دونالد ترمب».
ورأى ليبرمان أن «ما يجب أن تفعله إسرائيل اليوم هو إطلاق مبادرات سياسية واقتصادية تعمق الانفصال عن الفلسطينيين وليس زيادة الاندماج بهم واستيعابهم بيننا». ودعا الحكومة وجميع أحزاب الائتلاف الحاكم إلى إعلان موقف واعٍ وحكيم «نقول فيه إنه لا نية لدينا في فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وإن ما يطرحه في هذا الشأن عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست هو مجرد اقتراحات فردية لا تعبر عن سياسة الحكومة».
ولفت إلى أن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية «يعني، حتى بحسب القانون الإسرائيلي، تحمل المسؤولية عن 2.7 مليون فلسطيني، وتعهد بتقديم الخدمات كافة لهم ومنحهم بعض الحقوق» أسوة بالفلسطينيين في القدس المحتلة، «مما يلزم الدولة أن تدفع للفلسطينيين ومنذ اليوم الأول لفرض السيادة نحو 20 مليار شيقل (6 مليارات دولار) كمخصصات تأمين وطني».
وكان وزراء ونواب من حزب «البيت اليهودي»، قالوا إنهم سيدفعون مشروع قانون «لفرض السيادة الإسرائيلية على المنطقة ج»، التي تشكل مساحتها 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
وفي جنيف، دعت مسودة تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب توسع النشاط الاستيطاني. واعتبر المشروع الذي وقعه المفوض الأممي لحقوق الإنسان، الأمير الأردني زيد بن رعد الحسين، أن الدولة العبرية «تقوم على الأرض بممارسة عملية ضم للأراضي المحتلة، من خلال مشاريعها الاستيطانية المتواصلة». واقترح فرض عقوبات تتضمن «وقف أي نشاطات اقتصادية مع الشركات العاملة في المستوطنات والقدس الشرقية وهضبة الجولان السورية المحتلة».
وتصدر هذه الوثيقة بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. وجاء فيها أن مشروع الاستيطان غير القانوني يتقدم بسرعة منذ احتلال عام 1967 ويتسبب في التوتر ويترافق مع جرائم عنف ضد حقوق الإنسان الفلسطيني وخرق فظ للقانون والمواثيق الدولية، «بل إن الاستيطان يعتبر العنصر المركزي في انتهاكات حقوق الإنسان».
وكانت الإدارة المدنية، التابعة لسلطات الاحتلال العسكرية للضفة الغربية، أصدرت أول من أمس، عشرات من أوامر الهدم لمبانٍ في القرية البدوية خان الأحمر الواقعة في المنطقة ج بالقرب من مستوطنة «معاليه أدوميم». والمقصود تحويل 42 أمرًا بوقف البناء تم تسليمها للسكان الشهر الماضي، إلى أوامر هدم يمكن تنفيذها خلال أسبوع. وقال محامي السكان شلومو ليكر إن تحويل أوامر وقف العمل إلى أوامر هدم يشكل خطوة أخرى نحو هدم قسم كبير من بيوت القرية.
وجاءت هذه الأوامر بعد التماس للمحكمة العليا قدمه السكان الفلسطينيون ضد الأوامر التي تسلموها قبل 3 أسابيع، وطلبوا من القضاة إصدار أمر احترازي يمنع هدم المباني طالما تواصل المحكمة النظر في القضية، لكن المحكمة لم تصدر أمرًا كهذا حتى الآن، مما يتيح للإدارة المدنية أن تهدم المباني. وقال سكان القرية إنه رغم تسليم أوامر هدم للسكان في مرات سابقة كثيرة، فإنه لم يتم في أي مرة توزيع مثل هذا العدد الكبير في آن.
وكانت إسرائيل عرضت على السكان إخلاء القرية والانتقال إلى مكان ثابت، لكنهم رفضوا الاقتراح، وقالوا إن المكان المقترح لا يلبي حاجاتهم من حيث نمط حياتهم وكونه قريبًا من قبائل بدوية أخرى. وامتنعت إسرائيل في الماضي عن القيام بعمليات إخلاء واسعة للفلسطينيين من المنطقة ج، خصوصًا بسبب التدخل الدبلوماسي الأوروبي والأميركي.
يُشار إلى أن البدو القريبة منازلهم من مستعمرة «معاليه أدوميم» في المنطقة ج، يعيشون في ظل ظروف قاسية وفقر مدقع. ويقوم الاتحاد الأوروبي بين الحين والآخر بإحضار مبانٍ جاهزة لخدمتهم، ويحرص على وضع علم الاتحاد الأوروبي عليها. وتقوم الإدارة المدنية بين الحين والآخر بإخلاء هذه المباني. وبُنيت في القرية مدرسة بإطارات السيارات في 2009، بدعم من منظمة إيطالية غير حكومية، ومنذ ذلك الوقت تحولت إلى رمز للسكان البدو في المنطقة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».