نيبال... عنوان الإثارة بجبالها وسكانها

وديان وجبال وأرض لا تشبه سواها

طبيعة نيبال الخلابة - معبد بوذي بناه اليابانيون في بخارة - نيبالي يقف بالقرب من أسماك ولحوم مجففة - قرية غاندروك - الهبوط المظلي من جبال قرب بخارة - نيباليتان بالزي التقليدي
طبيعة نيبال الخلابة - معبد بوذي بناه اليابانيون في بخارة - نيبالي يقف بالقرب من أسماك ولحوم مجففة - قرية غاندروك - الهبوط المظلي من جبال قرب بخارة - نيباليتان بالزي التقليدي
TT

نيبال... عنوان الإثارة بجبالها وسكانها

طبيعة نيبال الخلابة - معبد بوذي بناه اليابانيون في بخارة - نيبالي يقف بالقرب من أسماك ولحوم مجففة - قرية غاندروك - الهبوط المظلي من جبال قرب بخارة - نيباليتان بالزي التقليدي
طبيعة نيبال الخلابة - معبد بوذي بناه اليابانيون في بخارة - نيبالي يقف بالقرب من أسماك ولحوم مجففة - قرية غاندروك - الهبوط المظلي من جبال قرب بخارة - نيباليتان بالزي التقليدي

على متن دراجات نارية، انطلقنا من العاصمة النيبالية «كاتمندو» نحو مدينة بخارة، ومن ثم نحو قرية تتربع بين تلال مطلة على سلسلة أنابورنا الجبلية، أضخم وأكبر سلسلة جبال في العالم.
كان علينا المرور عبر شوارع العاصمة المكتظة، ومن ثم القيادة عبر طرق ضيقة بين الجبال والوديان السحيقة في أرض لا نعرفها جيدًا.
بقيت كاتمندو كما أذكرها عند زيارتي الأولى، مكتظة وصاخبة لا تنقطع معها أبواق السيارات والدراجات النارية، تتحرك كخلية نحل. يتنقل معظم السكان واضعي أقنعة طبية نظرًا لارتفاع نسبة التلوث. لكن ذلك لم ينقص من جمال المدينة العريقة المطلة على أجمل سلسلة جبال في العالم، وتحتوي على أسواق عريقة ومعابد بوذية وهندوسية مزركشة بأعمال خشبية خلابة تعود لفترة ازدهار طريق الحرير.
وما إن انتهينا من شراء متطلبات الرحلة، حتى انطلقنا بموكب دراجات نارية نحو بخارة، أجمل مدن نيبال ومركزها السياحي الذي يجذب مئات الآلاف من السياح سنويًا.
تبلغ المسافة بين العاصمة كاتمندو وبخارة نحو 250 كم من الطرق الوعرة جدًا، يتخللها العبور بجانب أحد أعمق الوديان في العالم. وكما قال لي صديق نيبالي ممازحًا، إن سقطت بنا الدراجة في هذا الوادي فلن يجدنا أحد! لم يكن كلامه مطمئنًا. استغرقت الرحلة نحو 6 ساعات، لم تخلُ من الإثارة والمتعة، وقليل من الرعب، بسبب الحافلات الضخمة التي كان علينا تفاديها عند العبور من شوارع ضيقة جدًا بمحاذاة الجبال والوديان.
لكن على الرغم من صعوبة الطريق، مرت تلك الساعات كلحظات. فجمال الطبيعة على طول الطريق المزين بالجنان من جبال وأنهار شاسعة وقرى طاعنة في القدم كانت كفيلة بضمان المتعة والاستجمام.
توقفنا للاستراحة وشرب الشاي عند حافة الطريق، واستمتعنا بأكل السمك النهري الطازج الذي تقدمه نساء من القرى المحاذية وتطهوه بنار الحطب. يعرف عن النيباليين شغفهم بالأكل النباتي وتفننهم في طهي الخبز بشتى الطرق، متأثرين بالثقافة الهندية والصينية، وقد كان ذلك واضحًا من طريقة تعامل القرويين معنا وحجم كرمهم الذي لم ينقطع طوال الرحلة. وما إن وصلنا إلى بخارة، حتى خلدنا للنوم بعد وجبة دسمة في أحد المطاعم وسط المدينة. في الصباح التالي، توجب الحصول على إذن من السلطات المحلية لزيارة القرى النائية، وخلال فترة الانتظار بدا للمشي مذاق جميل بعد تلك الرحلة الشاقة. خلال جولة سريعة في بخارة، كان كافيًا أن نتعرف على قيمة وجمال هذه المدينة، حيث تكثر المحال التجارية التي تبيع كل ما يلزم لتسلق جبال الهيمالايا، بالإضافة إلى المحال التي تبيع الهدايا التذكارية بأسعار معقولة. عادة ما يأتي الزوار هنا للاستمتاع ببعض الرياضات، مثل الهبوط المظلي من أعلى الجبال المحاذية، والتجديف في البحيرة القريبة أو الأنهار، أو مواصلة الطريق لتسلق أي من جبال الهيمالايا في رحلة عادة ما تستمر من 10 أيام لعدة أسابيع. لكن مخططنا كان بمواصلة الرحلة بالدراجات النارية نحو قرية غندروك.
استمرت رحلة الدراجة النارية 3 ساعات، كانت شاقة ومخيفة، فالجبال أصبحت أعلى، والوديان أعمق والطرق أسوأ، ولا أخفي أنني تحجرت من الخوف في بعض المناسبات، واعتقدت أنني سأسقط في أحد الوديان أكثر من مرة. قال لنا أصدقاؤنا في الرحلة إن علينا ترك الدراجات النارية بجانب الطريق ومواصلة المسير على الأقدام، فتنفست الصعداء وارتاحت الأعصاب بعد جولة من الأدرنالين المرتفع. نحتاج الآن قدرة على التحمل لصعود نحو 650 درجة للوصول إلى القرية المتربعة فوق الجبل، أي ساعتين من المشي.
كانت نهاية الرحلة من بخارة جميلة جدًا. لا يمكن نسيان الهواء النقي في الصباح، عندما تخرج الشمس من بين أحضان الجبال وتبسط ضوءها فوق الجبال الشامخة التي تتوسط السماء. هنا في هذه القرية يأكل السياح مما يقدمه أصحاب الفنادق من طعام بسيط يتم نقله على ظهر الحمير من أسفل الجبال، وبأسعار بسيطة بمتناول الجميع.
أمضينا يومين في غاندروك تجولنا فيها بين القرى المحاذية واستمتعنا بالمناظر الخلابة وشرب الشاي بهدوء وسط طبيعة خلابة. كانت تلك الزيارة هي الثانية لنيبال، ففي المرة الأولى تمكنت من مشاهدة غابة شيتوان على الحدود الهندية وقضيت بعض الوقت عند التلال القريبة من جبل إفرست لا يمكن نسيانها.
ولكن بكل تأكيد فإن زيارتي الثانية هي الأكثر متعة وإثارة، مقارنة بالزيارة الأولى التي كانت قد صادفت نهاية الحرب الأهلية مع الانفصاليين وعزوف السياح عن البلاد. لكن هذه الأيام تعد نيبال من أكثر الدول في المنطقة جذبًا للسياح، بسبب مناخها المعتدل وكثرة الأماكن السياحية التي تقدم شتى أنواع الراحة والاستجمام.
البساطة وحسن المعاملة هما العنوان الرئيسي لسكان نيبال، والجبال الشاهقة والطعام اللذيذ هما ميزة البلاد.
لكن قد يجب التخلي عن فكرة الدراجة النارية المتعبة والاكتفاء بوسائل النقل الأكثر راحة، نظرًا لطول المسافة ووعورة الطريق، لكن المتعة مضمونة بزيارة نيبال في كل الأحوال.



«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.