النظام يفشل «اتفاق الصمت» في الغوطة الشرقية

علوش لـ«الشرق الأوسط»: كان يفترض توسعة الهدنة لتشمل مناطق في حمص

مسعفون ينقلون جريحاً بعد غارتين من الطيران الحربي تزامناً مع قصف مدفعي على أطراف دمشق الشرقية أمس (الخوذ البيضاء)
مسعفون ينقلون جريحاً بعد غارتين من الطيران الحربي تزامناً مع قصف مدفعي على أطراف دمشق الشرقية أمس (الخوذ البيضاء)
TT

النظام يفشل «اتفاق الصمت» في الغوطة الشرقية

مسعفون ينقلون جريحاً بعد غارتين من الطيران الحربي تزامناً مع قصف مدفعي على أطراف دمشق الشرقية أمس (الخوذ البيضاء)
مسعفون ينقلون جريحاً بعد غارتين من الطيران الحربي تزامناً مع قصف مدفعي على أطراف دمشق الشرقية أمس (الخوذ البيضاء)

رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين «جيش الإسلام» من جهة ومسؤولين روس من جهة أخرى في الغوطة الشرقية بريف دمشق، استمرت الحملة العسكرية على المنطقة من قبل النظام السوري وطائراته ضاربة بعرض الحائط وعود موسكو التي تعهدت، ضمن ما سمّي «اتفاق الصمت»، بوقف الحملة العسكرية.
وقال القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش لـ«الشرق الأوسط» «كان يفترض أن تبدأ مفاعيل الاتفاق ليل أمس، أي بدءا من يوم الأحد في الخامس من شهر مارس (آذار) الحالي لغاية التاسع منه، على أن يتم العمل على توسعة الهدنة لتشمل مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة منها في ريف دمشق وحمص، وتمديده حتى نهاية الشهر، لكن النظام وكعادته استمر في حملته ولم تهدأ طائراته طوال ساعات النهار». وفي حين أكد أن الاتصالات لتكريس الاتفاق عمليا على الأرض لا تزال مستمرة، شكّك في تنفيذ النظام له قائلا: «نسمع وعودا من الروس من جهة والنظام يستمر في القصف من جهة أخرى، أما أن موسكو غير صادقة بوعودها أو هي غير قادرة على التأثير على النظام والجهات الأخرى المتعددة التي تقاتل إلى جانبه». وأضاف: «الماء دائما تكذّب الغطاس، كيف يمكن بناء قرارات على وعود غير قابلة للتنفيذ، وهذا أمر اعتدنا عليه سياسيا وعسكريا في الفترة الأخيرة، وهو ما من شأنه أن يؤثر على التعاون في مراحل لاحقة».
وعما إذا كان «اتفاق الصمت» سيكون بداية جديدة لاتفاق وقف إطلاق النار الهش في سوريا، إذا كتب له النجاح، وبالتالي أن ينعكس إيجابا على مسار المفاوضات السياسية، قال القيادي في «جيش الإسلام»: «لا تشير المعطيات إلى أي إيجابية في هذا الإطار، لا السياسية ولا العسكرية، المسار لا يزال طويلا، ولا سيما أن البند الإنساني لم يحقق أي تقدم، وهذا ما لم ولن نقبل به، كذلك فإننا لا نعوّل على أي مواقف للنظام ووفده إلى جنيف الذي لا يعكس أي نية حقيقية للتفاوض، ولم يكن إعلانه القبول ببحث الانتقال السياسي إلا كلاما من دون أي خطوات عملية».
وشهدت مناطق الغوطة الشرقية والأحياء الشرقية للعاصمة دمشق، يوم أمس، تصعيدا من قبل طيران النظام السوري، ضمن حملة عسكرية بدأت قبل أسبوعين، في محاولة لتضييق الخناق على آلاف المدنيين بالغوطة وإخضاعهم بالتالي لما بات يعرف بـ«المصالحات»، وتنفيذ خطة تهدف إلى السيطرة على بساتين برزة من أجل فصل حيي القابون وتشرين عن حي برزة.
ووفقًا لمصادر موقع «عنب بلدي»، فإن قوات النظام باشرت فعليًا بعملية عسكرية تقضي بفصل حي برزة عن القابون خطوة أولية للوصول إلى المدن الأخرى من الغوطة، دفعًا باتجاه تسوية مشابهة لما اتبعه النظام السوري في الغوطة الغربية ومناطق أخرى في ريف دمشق.
ونقل الموقع عن الناشط الإعلامي عدي عودة، قوله: إن القصف على الأحياء الشرقية للغوطة الشرقية يأتي في خطوة لدفعها باتجاه توقيع تسويات مع قوات الأسد، وتهجير الأهالي، وذلك في إطار مساعي النظام لإفراغ محيط العاصمة دمشق من مقاتلي المعارضة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «تشهد أطراف العاصمة دمشق وغوطتها الشرقية، منذ الصباح تكثيفاً للضربات الجوية والصاروخية من قبل قوات النظام والطائرات الحربية، مشيرا إلى سقوط 51 غارة، استهدف أكثر من 26 منها مناطق في بساتين حي تشرين والمزارع الواقعة في الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، و25 غارة سقطة في مدينتي حرستا وعربين بالغوطة الشرقية؛ ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى»، وتزامن ذلك وفق «المرصد»: «مع قصف مكثف لقوات النظام بـ20 صاروخاً على الأقل يعتقد أنها من نوع أرض – أرض، على مناطق في أطراف العاصمة، وأطلق أكثر من 30 قذيفة على أطراف دمشق وغوطتها الشرقية، حيث استهدفت بعشرة منها مناطق في مزارع سقبا وأطراف دوما؛ ما تسبب في مقتل رجلين وسقوط عدد من الجرحى».
وتزامن هذا التصعيد، على أطراف دمشق وغوطتها الشرقية، مع اشتباكات مستمرة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، في أطراف دمشق الشرقية وبساتين حي برزة. وقال ناشطون، إن قرابة 60 غارة جوية شنها الطيران الحربي يوم أمس على أحياء القابون و14 غارة وتشرين 5 غارات، ومنطقة بساتين برزة 5 غارات، وحي برزة 8 غارات، وغارة على حرستا الغربية و16 غارة على حرستا الشرقية، خلفت العشرات من الجرحى. كما تعرضت مدن عربين ودوما وحرستا لقصف جوي وصاروخي بصواريخ أرض - أرض أدت إلى سقوط قتلى وعدد من الجرحى، وسط استمرار القصف وحالة استنفار كبيرة في المنطقة، وتخوف كبير في أوساط المدنيين من ارتكاب مجازر، وفق ما أشار «موقع الدرر الشامية».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.