الخارجية المصرية تتجاوز ببيان هادئ انتقادات التقرير السنوي الأميركي

تركيا قالت إنه تضمن ادعاءات وتعريفات خاطئة وتعليقات عارية عن الصحة

الخارجية المصرية تتجاوز ببيان هادئ  انتقادات التقرير السنوي الأميركي
TT

الخارجية المصرية تتجاوز ببيان هادئ انتقادات التقرير السنوي الأميركي

الخارجية المصرية تتجاوز ببيان هادئ  انتقادات التقرير السنوي الأميركي

علقت وزارة الخارجية المصرية على انتقادات أميركية حول سجلها الحقوقي في بيان هادئ، قائلة إن التقرير «يعكس وجهة النظر الأميركية الداخلية»، في مسعى على ما يبدو لتجنب تعكير صفو علاقات طيبة بين القاهرة والإدارة الأميركية الجديدة، منذ وصل الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فيما رفضت تركيا التقرير قائلة إنه تضمن ادعاءات وتعريفات خاطئة وتعليقات عارية عن الصحة.
اعتبرت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها مساء أول من أمس أن التقرير السنوي الأميركي حول حقوق الإنسان في مصر، يعكس وجهة النظر الأميركية الداخلية، مشيرة إلى أن «الخارجية الأميركية دأبت على إعداد مثل تلك التقارير الدورية عن أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأخرى».
جاء ذلك وفق بيان للمتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، تعقيباً على التقرير السنوي الأميركي حول حقوق الإنسان على مستوى العالم، والمنشور الجمعة الماضي.
وكانت القاهرة تستخدم لغة دبلوماسية أكثر حدة في التعليق على تقارير سابقة للخارجية الأميركية بشأن سجلها الحقوقي، خلال إدارة الرئيس السابق بارك أوباما.
وقال أبو زيد إن «التقرير ترتيب أميركي ينطلق من اعتبارات داخلية ويعكس وجهة النظر الأميركية، ولا يرتبط بأي حال بالأطر القانونية التعاقدية التي تلتزم بها مصر أو منظمات الأمم المتحدة التي تتمتع مصر بعضويتها».
وأكد أن «أوضاع حقوق الإنسان في مصر ترتبط بالتزامات دستورية واضحة، وتتم مراقبتها من جانب المؤسسات الوطنية، الحكومية أو المستقلة مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان فضلاً عن مجلس النواب الذي يراقب ويتابع أداء السلطة التنفيذية».
ويعتقد مراقبون أن البيان المصري الهادئ يسعى لتجنب إثارة أزمة قبل زيارة متوقعة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن.
وخلال الفترة الماضية دأب الرئيسان المصري والأميركي عن الإعراب عن تقدير كل منهما للآخر، وكان الرئيس المصري من بين أوائل الرؤساء الذين تواصلوا مع الرئيس الأميركي لتهنئته عقب إعلان فوزه بالرئاسة.
والعلاقات المصرية الأميركية توصف بـ«الوثيقة والاستراتيجية» على المستويين السياسي والعسكري، حيث تقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979. لكن تلك العلاقات شابها برود في أعقاب ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت حكم جماعة الإخوان المسلمين.
وأبرز الشق المتعلق بوضع حقوق الإنسان في مصر العام الماضي، داخل التقرير الأميركي، والمنشور في نحو 20 ألف كلمة، على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، بشيء من التفصيل، عدة وقائع اعتبرتها مناهضة لحقوق الإنسان.
ومن بين هذه الوقائع، وفق تقرير الخارجية الأميركية الإشارة إلى: «فرض قيود على حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات (الأهلية)، والتأثير السلبي على المناخ السياسي».
ومن بين ما حمله التقرير، من اتهامات للسلطات المصرية: «الاستخدام المفرط للقوة والتعذيب من قبل قوات الأمن، ودون إجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، وقمع الحريات المدنية، والاعتقال التعسفي واستخدام المحاكمات العسكرية للمدنيين، وفرض قيود على حرية الإعلام وحرية الاعتقاد والتمييز المجتمعي ضد النساء».
يأتي هذا في وقت قالت فيه الخارجية التركية في بيان إنها ترفض «اللغط والادعاءات» الواردة بالتقرير، لافتة إلى أن إقامة أعضاء حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، المتهم من جانب السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، في الولايات المتحدة هو أمر له دلالات.
واعتبرت الخارجية التركية أن وصف التقرير مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني في تركيا بأنها «صراعات داخلية» أمر لا يمكن قبوله على الإطلاق ولفت إلى أن تركيا تضع ضمن أولويات أهدافها الارتقاء بحماية حقوق الإنسان والحريات إلى أعلى درجات المعايير الدولية.
وأوضح البيان التركي أن جميع الإصلاحات التي تجريها البلاد تؤكد نيتها في هذا الإطار، وذكر في الوقت نفسه بأن الشعب التركي ودولته تعرضوا لمخاطر الكثير من المنظمات الإرهابية ومنها «داعش» وحزب جبهة التحرير الشعبي الثوري وغيرهما وأنه من المؤسف أن ينعكس نضال تركيا ضد هذه المنظمات الإرهابية، على التقرير بشكل لا يمت إلى الواقع بصلة.
وخصصت وزيارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان، الذي كان الأخير الذي تعده إدارة الرئيس السابق باراك أوباما 75 صفحة لتركيا بالتركيز على الأحداث التي تشهدها تركيا عقب محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو، ويبرز على وجه الخصوص كثرة أعداد الصحافيين المعتقلين، وتطرق إلى تحميل الحكومة التركية الداعية فتح الله غولن وأنصاره مسؤولية تدبير المحاولة الانقلابية، واصفًا غولن بـ«رجل الدين».
وأشار التقرير الأميركي إلى مقتل 600 من عناصر الشرطة ومائتي مدني على الأقل وعدد مجهول من عناصر حزب العمال الكردستاني خلال المواجهات المسلحة التي اندلعت مع قوات الأمن جنوب شرقي تركيا، لافتا إلى أنه يتوقع أن نحو 300 ألف مدني اضطروا لمغادرة منازلهم بسبب هذه المواجهات، إضافة إلى مقتل كثير من المدنيين خلال العام الماضي بسبب هجمات لحزب العمال الكردستاني و«داعش».
وقال التقرير إن السلطات التركية قررت حبس عشرات الآلاف استنادا إلى تهم دعم الإرهاب والانقلاب من دون أدلة كافية بحق الغالبية العظمى منهم، وإن المتهمين يواجهون صعوبات في الحصول على دعم قضائي بموجب المراسيم الصادرة في إطار حالة الطوارئ، مشيرة إلى حالات الاعتقال غير المبررة التي تمتد حتى شهر.
ونقل التقرير عن بعض منظمات حقوق الإنسان رصدهم اعتقال أفراد الأسر في حال عدم العثور على المشتبه بهم أو تقييد حقهم في التنقل، كما ورد في الجزء نفسه من التقرير مسألة إغلاق كثير من المدارس والمؤسسات والجمعيات وفصل عشرات الآلاف من دون طلب قضائي أو الحق في الاستئناف.
كما أشار التقرير إلى فرض السلطات التركية قيودا على الإنترنت والإعلام وحرية التعبير عن الرأي. ولفت إلى حبس أكثر من 140 صحافيا بحجة الانتماء للعمال الكردستاني أو حركة الخدمة بجانب مداهمة كثير من المؤسسات الإعلامية وإغلاق أغلبها وحظر الكتب ورفع دعاوى قضائية ضد الصحافيين والمحررين بحجة دعم الإرهاب وحجب مواقع إلكترونية ووقف بث بعض القنوات.
وحبست السلطات أكثر من 43 ألف شخص كما تم فصل وإقالة 142 ألفا من أعمالهم لاتهامهم بأنهم على صلة بحركة الخدمة أو منظمات إرهابية.
وأوضحت الخارجية التركية في بيانها أن التقرير يتضمن ادعاءات وتعريفات خاطئة وتعليقات عارية عن الصحة قائلة: «تناول معركتنا مع التنظيمات الإرهابية بصورة لا تتوافق مع الحقيقة في الفترة التي نتعرض خلالها لتهديدات إرهابية لم يسبق لها مثيل وتستهدف دولتنا ونظامنا هو أمر مخيب للآمال».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.