افتتاحيات الصحف الأميركية: هل سيستقيم ترمب؟

الصحف الأوروبية: معركة الموصل وتراجع «داعش»

افتتاحيات الصحف الأميركية: هل سيستقيم ترمب؟
TT

افتتاحيات الصحف الأميركية: هل سيستقيم ترمب؟

افتتاحيات الصحف الأميركية: هل سيستقيم ترمب؟

يوم الثلاثاء الماضي، تحدث الرئيس دونالد ترمب في الكونغرس، أمام جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب. في اليوم التالي، قالت عناوين كثير من الصحف، إن الخطاب كان «معتدلا» (بالمقارنة مع خطبه السابقة، وشتائمه، وتطرفه، وتغريداته). قالت ذلك، وبخاصة صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» اللتان ظلتا تعاديانه (الثانية أكثر من الأولى).
هل يمكن أن يكون ترمب معتدلا؟
قالت افتتاحية صحيفة «واشنطن تايمز» (يمينية): «لسنوات، ظل بنجامين فرانكلين (من الآباء المؤسسين) يحاول أن يقدم نصيحة إلى الجمهوريين: (يجب أن نتكاتف معا، أو نموت آحادا). نعم، هذه نصيحتنا إلى الجمهوريين اليوم (إشارة إلى خلافات بين ترمب ومعتدلين جمهوريين)».
وقالت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»، تعليقا على حيرة وسط القادة الجمهوريين حول استبدال «أوباما كير» (برنامج التأمين الصحي لكل الأميركيين)، في يناير (كانون الثاني) الماضي، قال ترمب لهذه الصحيفة: «سنضمن تأمينا صحيا لكل مواطن». لكن يبدو أن الجمهوريين يتجهون نحو عكس ذلك. ويبدو أن ترمب يمكن أن ينضم إليهم. وأضافت الافتتاحية: «يبدو أن الجمهوريين لا يعرفون ماذا يريدون، خاصة في الوقت الحاضر».
وشكت افتتاحية صحيفة «فيلادلفيا إنكاوايارار» فيما سيفعل ترمب نحو البيئة، خاصة بسبب تصريحاته التي تمثل الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، والذي يكاد أن ينكر وجود مشكلة نظافة بيئة في المكان الأول. وقالت: «تستمر الكرة الأرضية ترفع درجة حرارتها. ولا يوجد دليل أهم مما نشاهد هذا الشتاء: ربما أدفأ شتاء في التاريخ المسجل. لكن، ها هو ترمب يختار وزراء يتحمسون لمزيد من حرق الفحم، ولمزيد من استهلاك النفط».
وفرحت افتتاحية صحيفة «نيويورك بوست» (يمينية) بسبب ردود فعل صحف رئيسية (ليبرالية) لخطاب ترمب في الكونغرس. أولا، اعترفت الافتتاحية بأن شعبية ترمب ربما أقل من شعبية أي رئيس آخر في شهره الأول. وأشارت إلى نتائج استطلاع أجراه تلفزيون «إن بي سي» (ليبرالي) بأن شعبية ترمب فقط 44 في المائة (عادة تصل إلى نحو 60 في المائة خلال الشهر الأول للرئيس). وقالت الافتتاحية: «لكن، أوضح نفس الاستطلاع أن شعبية الكونغرس فقط 29 في المائة». لا بأس، قالت الافتتاحية.
تنوعت الموضوعات، التي اهتمت بها الصحف الأوروبية، ومنها ما يتعلق بمعركة الموصل في العراق واحتمالات الهزيمة التي ستلحق بتنظيم داعش، والرعب في ليبيا بسبب موجة هجرة جديدة غير شرعية عبر المتوسط، إلى جانب ملف الانتخابات الفرنسية والمأزق الذي يعاني منه المرشح فرنسوا فيون. والبداية من العاصمة البريطانية لندن حيث نشرت «الإندبندنت» موضوعا لباتريك كوبيرن المختص في الشؤون الحربية بعنوان «حتى لو خسر تنظيم داعش معركة الموصل لا يجب أن نشعر بالتفاؤل كثيرا بخصوص ما سيأتي لاحقا».
قول كوبيرن إنه عندما سيطر التنظيم المتشدد على مدينة الموصل عام 2014 كان الجميع في العاصمة العراقية بغداد يشعرون بالرعب وينتظرون ليروا إن كان مقاتلو التنظيم سيتقدمون باتجاه بغداد. ويضيف أن عددا من الوزراء والمسؤولين في الحكومة تدافعوا نحو مطار بغداد الدولي للفرار إلى العاصمة الأردنية بشكل عاجل حيث لم يكن هناك قوات تذكر يمكنها التصدي للتنظيم حال قرر الزحف جنوبا نحو العاصمة بعدما انهار الجيش العراقي في الشمال. ويشير الكاتب إلى أن التنظيم يواجه هجوما آخر على مواقعه في سوريا من قبل الميليشيات الكردية «واي بي جي» متسائلا هل ستستمر الولايات المتحدة في استخدام قواتها الجوية في تدمير دفاعات التنظيم وتمهيد الأرض أمام حلفائها للتقدم وطرد مقاتلي التنظيم من مواقعهم حتى الرقة عاصمة الأمر الواقع للتنظيم؟ ويعتبر كوبيرن أن التقدم الذي أحرزه الجيش العراقي مؤخرا أمام التنظيم هو تقدم خادع ويعبر عن مبالغة في قوة هذا الجيش حيث إنه يعتمد بشكل كلي على القوات الجوية الأميركية وهو نفس ما يحدث في سوريا بالتعاون بين الطيران الروسي وجيش النظام السوري. ويضيف أن التنظيم اعتاد على الرد على الخسائر التي يلقاها في ساحة المعركة بعمليات إرهابية في الخارج وربما هذا ما يحاول التنظيم فعله حاليا بتنفيذ هجوم قوي على غرار ما فعله تنظيم القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بهدف استفزاز الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب وجره إلى أعمال انتقامية مبالغ فيها.
ونقرأ من صحيفة «التايمز» موضوعا بعنوان «الرعب في ليبيا يسبب موجة جديدة من الهجرة عبر المتوسط». تحكي الجريدة قصة إنقاذ عشرات المهاجرين من زورق مطاطي قرب السواحل الليبية. «الإندبندنت» نشرت موضوعا بعنوان «الوضع سيئ في البيت الأبيض وهذه قد تكون بداية نهاية ترمب».
تقول الصحيفة إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقدم على تغيير مواقفه بخصوص الكثير من الملفات في طريقه للوصول إلى منصبه كرئيس للولايات المتحدة. وتوضح أن ترمب غير رأيه أكثر من مرة في عدة موضوعات أبرزها منها ملف «الرعاية الصحية أو أوباما كير» وملف إبعاد المهاجرين وغيرها. وتضيف الجريدة أن أهم النقاط التي ركز عليها ترمب خلال حملته وصدقه الناخبون بخصوصها هي حرصه على تطهير الفساد في المؤسسة السياسية الأميركية، طارحة تساؤلا حول كيفية تصديق الناخبين لأن ملياردير العقارات الذي يدير صفقات بالمليارات يمكنه حقا أن يطهر البيت الأبيض من الفساد.
وتقول الجريدة إن ترمب بدلا من القضاء على الفساد بعد نحو 3 أشهر في المنصب وجدناه فقط يقوم بالاستعراض أمام الكاميرات. وأضافت أن ترمب إن لم يقم فورا ببدء التطهير الذي وعد به وتنظيم الفوضى التي أسسها فإننا في الغالب سنراه يحزم حقائبه ويغادر البيت الأبيض قبل حلول موعد الانتخابات المقبلة عام 2020. وننتقل إلى باريس ومصير مرشح اليمين الفرنسي فرنسوا فيون، الذي يواجه متاعب قضائية جراء فضيحة وظائف يعتقد أنها وهمية، في ظل الضغوطات الرامية إلى استبداله بآلان جوبيه، من أبرز المواضيع التي تناولتها الصحف الفرنسية وفي وقت يتواصل نزيف الانشقاق في صفوف فريق حملته الانتخابية وسط تزايد الدعوات إلى انسحابه من السباق واستبداله بآلان جوبيه رئيس الوزراء الأسبق الذي كان قد استبعد من الدورة الثانية في الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي. جوبيه - تُتابع اليومية الفرنسية - مستعد للترشح إذا أعلن فرنسوا فيون انسحابه والتفّت أوساط اليمين والوسط وحزب الجمهوريين حوله.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.