جذور متأصلة لعلاقات ربع قرن بين السعودية وبروناي

جذور متأصلة لعلاقات ربع قرن بين السعودية وبروناي
TT

جذور متأصلة لعلاقات ربع قرن بين السعودية وبروناي

جذور متأصلة لعلاقات ربع قرن بين السعودية وبروناي

أكد هشام زرعه، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة بروناي دار السلام، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لسلطنة بروناي دار السلام، بمثابة حجر الأساس لتقوية العلاقات المتطورة بين البلدين واستمرارها في المستقبل وتعزيزها في مختلف المجالات، نظرا لما تتمتع به السعودية من ثقل ديني وسياسي واقتصادي وعلاقات صداقة راسخة ووطيدة مع دول العالم، بما يخدم سبل الاستقرار والسلام في العالم.
وأشار السفير زرعه إلى أن زيارة الملك سلمان تأتي كحدث تاريخي مهم لأول ملك سعودي يزورها منذ إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1992، مشيرا إلى أن هذه الزيارة تأتي استشعارا وحرصا من القيادة في المملكة من منظور اهتمامها البالغ تجاه الدول الشقيقة والصديقة، وتبادل التعاون معها بما يعود بالمنفعة على الشعوب. وأوضح أن لسلطنة بروناي دار السلام موقعا استراتيجيا جغرافيا وعضوا في منظمة التعاون الإسلامي، وعضوا مؤثرا وثابتا في منظمة «الآسيان»، مما يجعلها حلقة ربط بما يخدم المصالح المشتركة خصوصا فيما يتعلق بالاستثمارات واستقطاب رؤوس الأموال ودعم الشراكة بين المملكة ودول مجموعة «الآسيان» لتحقيق «رؤية المملكة 2030». وبين سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة بروناي دار السلام، أن قيادتي البلدين يحملان المشاعر والرؤى المتطابقة نفسها في جميع المجالات، خصوصا في حفظ الأمن الدولي وتحقيق الاستقرار والرخاء، ونبذ التطرف ومحاربة الإرهاب تحقيقا للسلام العالمي وتعزيز التفاعل مع الشعوب وترسيخا لقيم التسامح والتعايش المشترك لتحقيق تطلعات الشعوب والارتقاء بها فكريا وإنسانيا نحو السلام وإفساح المجال للتنمية.
يذكر أن علاقة السعودية وسلطنة بروناي دار السلام تعود إلى عام 1992، عندما تم تمثيل سعودي غير مقيم من خلال السفارة السعودية في الفلبين، وتركز معظم العمل فيها على تأشيرات الحج والعمرة ومشاركة مسؤولين برونايين في مؤتمرات أو اجتماعات بالمملكة.
وفي عام 1995 تم افتتاح سفارة السعودية في العاصمة بندرسري بكاوان بمستوى قائم بالأعمال، وفي عام 2001 تم تعيين أول سفير سعودي، فيما تم في يوليو (تموز) 2001 التوقيع بالأحرف الأولى على مسودة الاتفاقية المشتركة بين البلدين، وذلك بمقر وزارة خارجية بروناي، وتشمل مجالات التعاون بين المملكة وبروناي في مجالات الاقتصاد بما في ذلك تعزيز دور السياحة والاستثمارات المشتركة مثل الصناعة والبترول والمعادن والبتروكيماويات والزراعة والثروة الحيوانية والمشاريع الصحية، فضلا عن الثقافة والشباب والرياضة، وتمت المصادقة النهائية عليها من قبل حكومتي البلدين في عام 2007.
وفي شهر رمضان من عام 1419هـ قام السلطان حسن البلقيه سلطان بروناي دار السلام بزيارة إلى المملكة، حيث عقد مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - اجتماعا تم خلاله بحث العلاقات الثنائية بين البلدين واستعراض شامل لمجمل الأوضاع على الساحتين الإسلامية والدولية.
كما استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - في قصره بالرياض عام 1433هـ، الأمير محمد بلقيه وزير الخارجية والتجارة بسلطنة بروناي دار السلام، جرى خلاله استعراض عدد من الموضوعات التي تهم البلدين الشقيقين. وشهد عام 1418هـ الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حينما كان أميرا لمنطقة الرياض إلى سلطنة بروناي دار السلام، حيث وصل إلى بندر سراي بكاون في التاسع عشر من شهر ذي الحجة، ليبدأ زيارة رسمية تلبية لدعوة من السلطان حسن البلقيه سلطان بروناي.
واستقبل السلطان حسن البلقيه خادم الحرمين الشريفين، الذي قدم له في ختام الاستقبال هدية تذكارية عبارة عن سيف يحمل شعار المملكة. وقال الملك سلمان بن عبد العزيز، في تصريح له آنذاك، إن «زيارته هذه هي أول زيارة لسلطنة بروناي، وإن العلاقات بين المملكة وسلطنة بروناي دار السلام علاقات متميزة، ومثل هذه الزيارة هي تعبير عن هذه العلاقة الوثيقة»، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا كاملا في سياسة البلدين.
وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أمير منطقة الرياض آنذاك - خلال الزيارة اجتماعا مع وزير خارجية بروناي دار السلام الأمير محمد البلقيه، تبادل خلاله الجانبان الأحاديث الودية واستعرض العلاقات الوثيقة بين البلدين.
وقام الملك سلمان بزيارة لجامع السلطان عمر علي سيف الدين، وصلى فيه ركعتي تحية المسجد، ثم سجل كلمة في سجل الزيارات، حمد الله فيها على نعمة الإسلام التي أنعم بها على المسلمين، وسأل الله عز وجل أن يزيد بروناي وشعبها برعاية جلالة السلطان حسن البلقيه التوفيق في خدمة الإسلام.
كما زار خادم الحرمين الشريفين المتحف الوطني، واستمع إلى شرح مفصل عن المخطوطات والتحف الأثرية التي يحويها المتحف في أقسامه المختلفة التي تعود إلى حقب زمنية متفاوتة. وفي 17 من شهر ربيع الآخر من عام 1437هـ، استقبل الملك سلمان بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع بسلطنة بروناي الفريق داتو عبد العزيز محمد تمي، جرى خلاله استعراض مجالات التعاون بين المملكة وسلطنة بروناي دار السلام، في المجالات الدفاعية.
ويشارك المسؤولون من الجانبين دائما في الفعاليات والمناسبات التي تخص كلا منهما، فنجد الزيارات تتم في الاحتفاء باليومين الوطنيين للمملكة والسلطنة، كما تشارك وفود عدة في تقديم واجب العزاء من الجانبين.
وخلال استقبال السلطان البلقيه لوزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي الدكتور نزار بن عبيد مدني عام 1427هـ، جرت مراسم التوقيع على الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني والتعليمي والثقافي وقطاع الشباب والرياضة بين حكومتي المملكة وسلطنة بروناي دار السلام، حيث وقعها عن الجانب السعودي وزير الدولة للشؤون الخارجية، وعن جانب سلطنة بروناي الوزير الثاني للشؤون الخارجية والتجارة البيهن ليم جوك سينغ.
وشهد عام 1433هـ زيارة وفد من جامعة سري كاون للتربية الدينية بسلطنة بروناي دار السلام لجامعة أم القرى استمرت خمسة أيام، تضمنت لقاء مع مدير الجامعة، إلى جانب التجول على مرافق المدينة الجامعية وزيارة الكليات العلمية والشرعية واللغوية والتربوية، علاوة على زيارة معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة ومعهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.



الرياض منطلق أول تمثيل سوري في اجتماعات عربية ودولية

TT

الرياض منطلق أول تمثيل سوري في اجتماعات عربية ودولية

وزير الخارجية السعودي يستقبل وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة لدى وصوله إلى مقر انعقاد الاجتماعات الوزارية في الرياض (رويترز)
وزير الخارجية السعودي يستقبل وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة لدى وصوله إلى مقر انعقاد الاجتماعات الوزارية في الرياض (رويترز)

انطلقت اجتماعات الرياض بشأن سوريا الجديدة بمشاركة عربية ودولية بارزة، وذلك لمناقشة الوضع الحالي وسبل دعم البلاد إنسانياً وسياسياً بعد شهر على سقوط نظام بشار الأسد.

واستهل وزراء الخارجية العرب برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اجتماعهم بحضور أمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي. ويشارك في الاجتماع وزراء خارجية مصر، وسوريا، وقطر، والإمارات، والأردن، وسلطنة عمان، ولبنان، والبحرين.

وسوف يلتحق وزراء خارجية غربيون بالوزراء العرب بعد هذا الاجتماع، بحضور المبعوث الأممي إلى سوريا، ومفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن.

جانب من اللقاء العربي الذي يسبق اللقاء العربي ـ الدولي بشأن في الرياض الأحد (الشرق الأوسط)

بيربوك: أمل جديد لكن الوضع متقلب

ومن داخل أروقة الاجتماع، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: «هناك أمل جديد (...) كلما وحدنا قوانا معاً من أجل حوار سياسي عادل وعملية لإعادة الإعمار باسم الشعب السوري كله، كلما زادت فرص نجاحنا في تحقيق النجاح للشعب السوري». وأضافت أن «هذه العملية يجب أن يقودها السوريون أنفسهم، والدعم الموحد من الدول الحاضرة هنا اليوم سيكون عوناً في هذه العملية».

ورداً على سؤال «الشرق الأوسط»، استدركت الوزيرة الألمانية بالقول: «مع ذلك، فإن الوضع متقلب للغاية. وقد رأينا ذلك في الأيام الأخيرة مع انتشار أعمال عنف جديدة».

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث لوسائل الإعلام قبيل اجتماعات وزارية بشأن سوريا في الرياض (رويترز)

وأكدت الوزيرة الألمانية أن وجود اللاعبين الرئيسيين في الرياض يهدف إلى إيجاد عمليات سلمية للشرق الأوسط، والآن أيضاً لسوريا، وتابعت: «هذا أمر مهم للغاية».

تفاؤل بريطاني

قالت المملكة المتحدة إن اجتماعات الرياض بقيادة عربية ستركز على الخطوات المقبلة التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها لدعم السلطات السورية المؤقتة، بما في ذلك آليات لمحاسبة نظام الأسد على جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الشعب السوري.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أن بلاده ملتزمة تجاه الشعب السوري وتدعم بالكامل عملية انتقال سياسي بقيادة سورية تؤدي إلى حكومة شاملة وغير طائفية وممثلة لجميع الأطياف.

ولفت لامي في بيان إلى أن «المملكة المتحدة واضحة جداً خلال اللقاءات الأولى مع السلطات المؤقتة بشأن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالحكم الشامل، وتسهيل المساعدات الإنسانية، والتعاون في مجال الأسلحة الكيماوية، ومواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش) على الأمن الوطني للمملكة المتحدة».

وأضاف الوزير البريطاني بالقول: «يجب على المجتمع الدولي أن يتحد لدعم الشعب السوري بينما يبني مستقبلاً ديمقراطياً وبلداً متنوعاً وحديثاً، نحن متحدون مع شركائنا الرئيسيين من المنطقة وخارجها لضمان حماية المدنيين، وتوفير الوصول إلى المساعدات، وتحقيق الأمن داخل سوريا والمنطقة الأوسع».

وتابع: «يستحق السوريون مستقبلاً مشرقاً ومزدهراً، ونحن هنا اليوم لدعم ذلك».

وأثناء زيارته للسعودية، سيجتمع وزير الخارجية البريطاني مع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، وعدد من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين، وفقاً للبيان.

السفير السوري لدى السعودية أيمن سوسان، أكد في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن «السعودية لها ثقل إقليمي ودولي، وإمكانات هائلة تستطيع أن تكون سنداً لسوريا لتتجاوز المرحلة التي تمر بها حالياً»، مبيناً أنها «كما كانت على الدوام لن تترك سوريا وحدها، وستقوم بكل ما من شأنه إعادتها إلى موقعها الطبيعي».

وأضاف: «ما تقوم به المملكة اليوم بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين ومتابعة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ليس غريباً عليها»، مشيراً إلى أنها «مدت يد العون للسوريين منذ بداية الأزمة في 2011، ولم تكن لديها مشكلة لإرسال مساعدات لجميع المناطق السورية، لكن النظام البائد كان يحول دون وصولها للتحكم بها كما يشاء».

كما سيرت السعودية منذ أيام، مساعدات إنسانية إلى دمشق عبر جسرين بري وجوي يحملان على متنهما مواد غذائية وإيوائية وطبية؛ لتخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حالياً، وذلك ضمن دعمها المتواصل للدول الشقيقة والصديقة في مختلف الأزمات والمِحن التي تمر بها.

وأكدت الرياض أن هذه المساعدات «ليس لها سقف محدد»؛ إذ سيبقى الجسر الإغاثي مفتوحاً حتى تحقيق أهدافه على الأرض هناك باستقرار الوضع الإنساني، وفق توجيهات القيادة السعودية؛ للتخفيف من معاناة المتضررين.

يأتي اجتماع الرياض بعد لقاء استضافته مدينة العقبة الأردنية منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله «لجنة الاتصال الوزارية المعنية بسوريا» الوقوف إلى جانب الشعب السوري، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة التاريخية لإعادة بناء وطنه على الأسس التي تحفظ أمنه واستقراره وسيادته ووحدته، وتلبي حقوق شعبه في حياة آمنة، حرة، مستقرة، كريمة على أرضه.