أبحاث بريطانية ـ خليجية لمواجهة شحّ المياه والغذاء وتعزيز كفاءة الطاقة

توقعات باستيراد أسواق المنطقة لمنتجات غذائية بقيمة 53.1 مليار دولار في 2020

أبحاث بريطانية ـ خليجية لمواجهة شحّ المياه والغذاء وتعزيز كفاءة الطاقة
TT

أبحاث بريطانية ـ خليجية لمواجهة شحّ المياه والغذاء وتعزيز كفاءة الطاقة

أبحاث بريطانية ـ خليجية لمواجهة شحّ المياه والغذاء وتعزيز كفاءة الطاقة

قطعت وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية والمجلس الثقافي البريطانيين، شوطاً كبيراً في مشروع «التعاون البريطاني - الخليجي البحثي المشترك»، حيث أكد مصدر بريطاني أن المساعي جارية حالياً لترجمة الأبحاث المخصصة، لمواجهة تحديات شح المياه ونقص الغذاء وتعزيز كفاءة الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، بتمويل من الحكومة البريطانية التي رصدت 3.4 مليون دولار للأبحاث المشتركة.
وقال أمير رمضان، مدير المشروع ومدير المجلس الثقافي البريطاني في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «قطعنا شوطاً في إعداد الأبحاث المعنية بنقص المياه والأمن الغذائي والطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الطاقة، لمواجهة التحديات الماثلة، حيث تحتوي منطقة الشرق الأوسط على 70 في المائة من محطات تحلية المياه في العالم، ويقع معظمها في منطقة الخليج». وأوضح رمضان أن صناعة المياه المحلاة في منطقة الخليج تترتب عليها تحديات كبيرة، حيث إنه كلما ازدادت كمية المياه التي تعالجها تلك المحطات، تنخفض استدامتها الاقتصادية أكثر، متوقعاً أن تنفق دول الخليج قرابة 53.1 مليار دولار في عام 2020 على واردات الغذاء بسبب زيادة السكان وتدفق السياح، وفقاً لتقرير حديث صدر عن شركة «ألبن كابيتال».
وأضاف مدير المشروع البريطاني - الخليجي البحثي المشترك: «إن منطقة الخليج، تعتبر أسواقاً مستوردة للغذاء، وبالتالي فإن ضمان أن تبقى الواردات الغذائية متوفرة بأسعار منخفضة نسبياً في متناول الجميع هو أيضاً أولوية استراتيجية رئيسة لدول مجلس التعاون الخليجي».
وتوقع أن تواجه دول مجلس التعاون الخليجي في العقد المقبل ضغوطاً تدفعها لاستخدام موارد الطاقة بكفاءة أعلى حتى تستطيع المحافظة على إمداد العدد المتزايد من سكانها بالطاقة بصورة دائمة، وتحرير الموارد للتصدير، ومعالجة مسائل القلق من التغير المناخي والتلوث.
ووفق رمضان، تواجه المملكة المتحدة الكثير من تلك التحديات أيضاً، وتعمل عليها عبر مشاريع بحثية مشتركة، بالإضافة إلى عملها في مجالات تؤدي إلى الابتكار في قطاع الدفاع أو الصحة مثل تقنية النانو والأمن الإلكتروني، مشيراً إلى أن تلك المجالات بالغة الأهمية للأمن والازدهار المستقبلي لشعوب المنطقة.
وتوقع أن تؤدي المشاريع البحثية الممولة إلى تعزيز الشراكات طويلة الأجل بين الجانبين بما يتخطى المدة الزمنية لحياة تلك المشاريع، منوهاً بأن برنامج المجلس الثقافي البريطاني يدعم حالياً 500 طالب سعودي من طلاب الدراسات العليا الدارسين في المملكة المتحدة.
وقال بشأن دعم هذه البرامج للعالمات الخليجيات: «طورنا برنامجاً مفصلاً خصوصاً للمرأة، يشمل برنامج انطلاق لتنمية القيادات النسائية الناشئة في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، وكذلك دورة تدريبية على القيادة يديرها اتحاد (ويندسور ليدرشب ترست). وحتى اليوم استفادت 16 عالمة من هذا البرنامج الذي يركز على تطوير مهاراتهن القيادية، وتؤدي هذه النشاطات إلى بناء الثقة لديهن ودعمهن في تطوير أهدافهن المهنية».
وأضاف: «لدينا برنامج مشّوق مع وكالة الفضاء الإماراتية وجامعة الشارقة وأكاديمية الفضاء الوطنية في المملكة المتحدة لإطلاق دورات رئيسة في الشارقة للطالبات لتعزيز اهتمامهن في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، وهي مجالات الأبحاث والتطوير الرئيسة التي تركز عليها دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص».
وأكد رمضان أن الحكومة البريطانية، ملتزمة بتعزيز فرص التعاون بين الباحثين في الخليج والمملكة المتحدة لمواجهة التحديات العالمية والأولويات الإقليمية، مشيراً إلى توسع مجال البحث العلمي في الخليج في الأعوام الأخيرة بصورة لافتة، حيث ارتفعت الأبحاث المنشورة من الخليج بنسبة 400 في المائة، وزادت من 4 آلاف بحث منشور، إلى 18 ألفاً، بين عامي 2008 و2014. متطلعاً إلى علاقات تعاون جديدة في عام 2018.
ونوه إلى أن وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية والمجلس الثقافي البريطاني، أطلقا معا في يوليو (تموز) 2016 مبادرة «أبحاث بريطانية - خليجية مشتركة»، تحت عنوان «برنامج الخليج للعلوم والابتكار واقتصاد المعرفة»، وخصصا له 9 ملايين جنيه إسترليني، ووصل عدد الطلبات التي قدمتها مؤسسات التعليم العالي والهيئات البحثية في المنطقة إلى 172 طلباً.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.