مطعم الاسبوع: «كامالا»... صورة الأطباق الصينية كاملة في القاهرة

يقدم «الديم سام» الأشهر في المطبخ الآسيوي العريق

الشيف يانغ دي جيان
الشيف يانغ دي جيان
TT

مطعم الاسبوع: «كامالا»... صورة الأطباق الصينية كاملة في القاهرة

الشيف يانغ دي جيان
الشيف يانغ دي جيان

هل حاولت من قبل اكتشاف طعم فطائر «ديم سام» الصينية الشهيرة؟ إذا كنت من محبي طعام مطبخ جنوب شرقي آسيا بشكل عام والمطبخ الصيني بشكل خاص، فإن مطعم «كامالا» على نيل القاهرة يتيح لك هذه التجربة، بأيدي الشيف الصيني يانغ دي جيان، القادم خصيصا إلى مصر ليكون سفيرًا لبلاده في مهمة «شهية» لتقديم الفطائر الشعبية الأشهر بها إلى المصريين والعرب، حاملا في جعبته خبرات طويلة محملة بروح المطبخ الكانتوني.
بمجرد الدخول إلى المطعم فقد انتقلت تماما إلى أجواء شرق آسيا، فالزهور وردية اللون التي يطلق عليها «كامالا» في اللغة الصينية، ومنها يأخذ المطعم اسمه، تنتشر في أرجاء المطعم، تحيط بها ديكورات من اللون الأحمر ذي المكانة في الفن والثقافة الصينية التقليدية، أما أخشاب المناضد فهي بنية اللون تضفي شعورا بالاسترخاء، يزيد من هذا الإحساس الإضاءة الخافتة التي تنعكس خارجيا على نهر النيل، أو داخليا على حوض الماء الذي يتوسط المطعم، وفي الخلفية من كل ذلك تنساب في جنبات المكان الموسيقى الصينية والتايلاندية.
«جميع هذه المفردات قادرة على أن تهيئ ضيف المطعم للتجربة الآسيوية القادم لها، وتفتح شهيته لتجربة مذاق مختلف قد لا يكون مر عليه من قبل، وتمنحه الراحة والمتعة خلال تناول الطعام، مما يجعل القدوم للمطعم تجربة لا تنسى»، بحسب ما تؤكده نيفين نادر، مديرة إدارة التسويق والاتصالات بفندق كونراد القاهرة الذي يحتضن مطعم «كامالا».
يتميز المطبخ الصيني بمعجنات «ديم سام»، وهي تعني الفطائر الصغيرة المحشوة، ويتم تحضيرها يدويا وتقدم مقلية أو مطهوة على البخار، وتماثل إلى حد ما السمبوسك أو السمبوسة في المطبخ العربي.
وتعد «ديم سام» مكونا أساسيا في المطبخ الصيني، فهي وجبة تلائم الإفطار والغذاء والعشاء، مع اختلاف طرق تقديمها فيما يخص الحشو، حيث يمكن حشوها بتشكيلة متنوعة من المكونات، سواء الجبن أو الخضراوات أو الدجاج أو اللحم المفروم أو الجمبري أو الكافيار أو السلمون، بما يلبي جميع الأذواق.
«مع ما تمثله ديم سام من مكانة في المطبخ الصيني كان ذلك دافعا لنا لتقديمها للجمهور المصري والعربي»، وفق ما يوضحه مصطفى حسين، مدير المطعم، مبينا أن كامالا حظي بتفوق في تقديم السوشي على مستوى القاهرة في العام الماضي، لذا كان التفكير هذا العام في تقديم وجبات مميزة من المطبخ الآسيوي أيضا، فكان الاختيار هو الـ«ديم سام»، والتنفيذ عبر استقدام الشيف الصيني ليانج دي جيان لفترة لتقديم هذه المعجنات، ونقل خبراته لعدد من الشيفات المصريين.
يقول دي جيان لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن ديم سام طبق تقليدي، فإنه في حالة تطور مستمر، حيث يتم باستمرار ابتكار أفكار جديدة في تنفيذها، سواء من خلال بعض الإضافات في الحشو، أو تطوير العجينة نفسها»، لافتا إلى أنه دأب على إدخال بعض الإضافات مثل صوص الصويا أو تشيلي صوص الحار.
ويوضح أن عجينة «ديم سام» بسيطة، فهي تتكون من الدقيق والماء وقليل من الملح والسكر، وتعجن باليدين حتى تختلط المكونات جيدا، ثم تلف بشكل طولي أسطواني، يتبعه تقطيعها إلى قطع صغيرة، لتبدأ عملية حشوها بوضع المكونات في المنتصف، ثم لفها.
أما عن طهي الفطائر فيشير دي جيان إلى أن هناك طريقتين، الأولى تتم عبر البخار، وهي الطريقة الأشهر في الصين، وهي طريقة صحية، والطريقة الثانية عبر القلي في الزيت، مبينا أنها الطريقة التي لمسَ أنها تعجب المصريين والعرب.
ويؤكد الشيف الصيني على سعادته الكبيرة لما لمسه من إقبال كبير على فطائر «ديم سام» في مصر، لافتا إلى أنه لم يكن يتوقع هذا الإقبال، والحضور الكبير سواء من الأسر والمجموعات أو الشباب لتجربة فطائره، مبديا سروره أيضا باجتذاب الفطائر لبعض سفراء الدول الآسيوية والأوروبية بالقاهرة، وفي مقدمتهم السفير الصيني، الذي قال: إنه شعر بأنه في الصين نظرا لديكورات «كامالا» ومذاق ديم سام.
بدأ «كامالا» نشاطه في عام 2010. ويتسع إلى 70 فردا، ويعمل طوال أيام الأسبوع من السابعة مساء حتى منتصف الليل، بينما يعمل يوم السبت من الساعة الواحدة ظهرا، واستطاع أن ينال العام الماضي جائزة الأفضل على مستوى القاهرة في وجبات السوشي الياباني.
ويوضح مدير المطعم: «لأننا نحاول أن نكون مختلفين فإننا لا نقتصر على المطبخ الصيني فقط، حيث نعتمد على 4 مطابخ آسيوية أخرى، هي اليابانية والتايلاندية والماليزية والإندونيسية، ونقدم الأطباق الشهيرة في كل منها، وفي مقدمتها مجموعة أطباق النودلز وأنواع مختلفة من السوشي، وغيرها من الأكلات الآسيوية المبتكرة التي تجمع المذاق الحلو والحادق (Sweet and Sour)، إلى جانب مجموعة من السلطات والمقبلات الباردة والساخنة وعدة أنواع للشوربة».
ويتابع: «نعتمد في تقديم هذه الوجبات على شيفات أجانب يمثلون هذه المطاعم، في مقدمتهم الشيف التايلاندية شانتيما يوبير، التي تحمل خبرة طويلة تمتد لسنوات، ولأن كامالا نال جائزة الأفضل على مستوى القاهرة في العام الماضي في تقديم السوشي قمنا باستقدام شيف آخر من إندونيسيا للحفاظ على هذا التفوق، والتنوع في تقديم مذاقاته».



المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.