الشركات العالمية الكبرى تحاول تأمين موطئ قدم في سوق الطاقة المتجددة الهندية

نيودلهي تستهدف استثمارات بقيمة 250 مليار دولار في القطاع... والرياح الأكثر جاذبية

اجتذبت الهند ما يقارب من 14 مليار دولار من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة
اجتذبت الهند ما يقارب من 14 مليار دولار من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة
TT

الشركات العالمية الكبرى تحاول تأمين موطئ قدم في سوق الطاقة المتجددة الهندية

اجتذبت الهند ما يقارب من 14 مليار دولار من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة
اجتذبت الهند ما يقارب من 14 مليار دولار من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة

تتوجه حكومة السيد ناريندرا مودي نحو مصادر الطاقة المتجددة، حيث أثبَتَ قطاع الطاقة الهندية المتجددة عبر السنوات القليلة الماضية أن السوق الهندية لا تزال من أكثر أسواق الطاقة النظيفة جاذبية والأسرع نموًا على مستوى العالم.
ومن المتوقع أن تشهد استثمارات تتجاوز 250 مليار دولار في مجال توليد ونقل الطاقة المتجددة في الهند عبر السنوات الخمس المقبلة، الرقم الذي يمكن أن يرتفع إلى تريليون دولار بحلول عام 2030، وفقًا لتصريحات وزير الطاقة الهندي حول الأمر.
وتضع الهند نصب أعينها هدف الوصول إلى قدر الطاقة الشمسية بسعة 100 غيغاواط، و60 غيغاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2022. فإن هذه الأهداف قد اجتذبت كثيرًا من كبار المستثمرين، بما في ذلك الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة وصناديق التقاعد العالمية، نحو الأسواق الهندية، ومنها الشركات الفنلندية، واليابانية، والكندية، والألمانية، والبريطانية، والإماراتية، وتقريبًا جميع الشركات والصناديق العالمية التي تحاول تأمين موطئ قدم لها في أسواق الطاقة المتجددة الهندية.
وصرح وزير الطاقة الجديدة والمتجددة الهندي بيوش غويال أمام البرلمان الهندي أخيرًا بأن البلاد اجتذبت ما يقرب من 14 مليار دولار على مدار السنوات المالية الثلاث الماضية من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة. وظل قطاع طاقة الرياح هو أكثر القطاعات جاذبية للمستثمرين الذين ضخوا ما يساوي 7 مليارات دولار من الاستثمارات في هذا المجال وحده. ويتبعه قطاع الطاقة الشمسية، الذي تلقى استثمارات بمقدار 4.5 مليار دولار. أما مشروعات الطاقة الحيوية فقد تلقت استثمارات بقيمة 1.1 مليار دولار، بينما دارت مشروعات الطاقة الكهرومائية الصغيرة حول 0.92 مليار دولار فقط.
تخطط الهند، بحلول عام 2022، لإضافة 225 غيغاواط من قدرات توليد الطاقة من المصادر المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، والكتل الحيوية – وهو ما يزيد على ضعف قدرات الطاقة الشمسية الحالية للصين وألمانيا معًا، وهما من كبريات الدول في مجال الطاقة الشمسية. والهند هي أكبر باعث للغازات المسببة للاحتباس الحراري بعد الولايات المتحدة والصين.
أعلنت شركة «غاميسا» الإسبانية العملاقة للطاقة المتجددة عن خطط كبيرة لتنفيذ مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مستوى المرافق والمنشآت في الهند.
وأعلن راميش كيمال، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الهندية التابعة لشركة «غاميسا» الإسبانية، أن الشركة الأم سوف تستثمر 2.6 مليار دولار في ولاية اندرا براديش الهندية الجنوبية.
وسوف تنتج الشركة الإسبانية، وفرعها الهندي، 2500 ميغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومزيجٍ من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وسوف تكون الشركة الإسبانية مسؤولة عن جهود الإنشاء، والتكليف، والعمليات، والصيانة في هذه المشروعات.
وتعتبر شركة «غاميسا» الإسبانية في الوقت الراهن واحدة من أكبر منتجي المعدات الأصلية في قطاع طاقة الرياح على مدى السنوات الثلاث الماضية في الهند. كما نجحت الشركة كذلك في إحراز تقدم كبير في قطاع الطاقة الشمسية من خلال تقديم أعمال الهندسة، والتوريد، والتشغيل. وقال السيد كيمال أن شركة «غاميسا» للطاقة المتجددة، التي أصبحت أكبر منتج لتوربينات الرياح في الأسواق الهندية قبل ثلاث سنوات عن طريق انتزاع حصتها في الأسواق الهندية من شركة «سوزلون» للطاقة المحدودة، تعتزم الوصول إلى إنتاج 1600 ميغاواط من طاقة الرياح لكثير من منتجي الطاقة المستقلين خلال العام الحالي.
وتحتسب شركة «غاميسا» الإسبانية شركات «رينيو لمشاريع الطاقة الخاصة»، و«هيرو فيوتشر للطاقة»، و«أورانج للطاقة المتجددة»، و«تاتا للطاقة المحدودة»، و«أوسترو للطاقة الخاصة المحدودة»، و«غيرنكو القابضة للطاقة» من بين عملائها الكبار.
وقال السيد كيمال إن الوحدة الهندية في شركة «غاميسا» تعمل في الوقت الحالي على تصنيع المحولات المستخدمة في مشروعات الطاقة الشمسية، وقد كانت تعمل في وقت سابق على استيرادها من إسبانيا. وهذا يساعد على اكتساب هوامش ربحية أعلى من خلال بناء هذه المشروعات حتى مع أن التعريفات المنخفضة للطاقة الشمسية تعني انخفاض هوامش الربح للشركات العاملة في خدمات الهندسة، والتوريد، والتشغيل.
وفي الأثناء ذاتها، تتجه شركة «ميترا للطاقة»، وهي فرع عن مجموعة «ميترا» ومقرها في لندن، لاستثمار 1.9 مليار دولار لإقامة مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في ولاية اندرا براديش الهندية الجنوبية. وسوف تنقسم تلك الاستثمارات بين تقنيات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع خطة لإنتاج 1000 ميغاواط لكل قطاع منهما، وهناك في الوقت الراهن مشروعات لإنتاج نحو 3000 ميغاواط من طاقة الرياح و500 ميغاواط من الطاقة الشمسية لا تزال قيد العمل والتطوير.
وتعمل شركة «فورتام» الفنلندية على مشروع مقام في حديقة بهادلا للطاقة الشمسية بولاية راجستان في شمال غربي الهند بالقرب من مدينة جودبور.
وتستثمر الشركة الفنلندية من 228 إلى 456 مليون دولار في تطوير مشروعات الطاقة الشمسية الهندية، بالاشتراك مع شركات من كندا واليابان ذات تطلعات طموحة للاستفادة من قطاع الطاقة المتجددة النامي في دول جنوب آسيا.
ووفقًا لجاسميت كورانا، المدير المساعد في شركة «جسر الهند» الاستشارية، فإن الشركات الأجنبية لديها رغبة ليست بالقوية حيال عوائد الاستثمار من الشركات الهندية بسبب انخفاض الأرباح التي تحققها أغلب هذه الشركات من استثماراتها في بلدانها الأصلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها قد لا تنظر في المخاطر المرتبطة بقطاع الطاقة الهندي مثل احتمالات عدم المقدرة على بيع منتجات الطاقة المولدة من هذه المشاريع.

* استثمارات صناديق الأسهم العالمية

تستمر كثير من الصناديق العالمية في شركات الطاقة البديلة الهندية. وفي عام 2016، بلغت صفقات شركات الأسهم الخاصة في الهند 662 مليون دولار.
تمكنت شركة «أوسترو» للطاقة، وهي من الشركات الهندية الناشئة العاملة في مجال طاقة الرياح، من تأمين تمويل من مؤسسة التمويل الدولية لمشروعين كبيرين لطاقة الرياح هناك. ووفرت مؤسسة التمويل الدولية تمويلاً لمشروعين لطاقة الرياح تم التخطيط لهما بواسطة شركة «أوسترو للطاقة» في ولاية اندرا براديش الهندية الجنوبية، مع قدرة مركبة ومجمعة تبلغ 197.4 ميغاواط. وهناك مشروعات أخرى قيد الإنشاء للشركة الهندية ذاتها بقدرات تراكمية مركبة تبلغ 235 ميغاواط في مختلف أنحاء ولايات راجستان، ومادهيا براديش، واندرا براديش. وانضمت مجموعة «سوفتبنك» اليابانية العملاقة، العاملة في مجال الاتصالات والإنترنت، جنبًا إلى جنب مع مجموعة «فوكسكون» التكنولوجية التايوانية، العاملة في مجال صناعة الإلكترونيات، مع مؤسسة «بهارتي الهندية المحدودة» لإقامة مشروع مشترك للطاقة المتجددة في البلاد.
والشركة الجديدة، التي تحمل اسم «إس بي للطاقة»، تخطط لاستثمار نحو 20 مليار دولار عبر فترة زمنية محددة. واستثمر صندوق «أكتيس» للأسهم الخاصة نحو 230 مليون دولار في شركة «إس بي للطاقة» من خلال شركة «أوسترو» الهندية للطاقة. كما سهلت مؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي تمويل بنحو 177 مليون دولار لصالح شركة «أوسترو». واستحوذت شركة «غرينكو المحدودة للطاقة»، مدعومة من صندوق سنغافورة للثروة السيادية، وجهاز أبوظبي للاستثمار، على الفرع الهندي، الذي أعلن إفلاسه، من شركة «صن إديسون» الأميركية التي تبلغ أصولها في الهند نحو 392 مليون دولار خلال العام الماضي.
يقول وزير الطاقة الهندي الأسبق أنيل رازدان: «إذا قرر أحد صناديق الاستثمارات الأجنبية الاستثمار في إحدى الدول، فذلك دلالة واضحة على ثقته في أجواء الاستثمار في هذه الدولة. ويوحي ذلك أن الصندوق الاستثماري يثق بأن الهند تملك موارد لجعل الطاقة المتجددة قابلة للحياة، وذات مصداقية، واستدامة».
ويستكشف صندوق الثروة السيادية في دبي، ويحمل اسم «مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية»، من خلال شركته التابعة والمعروفة باسم «شركة دبي القابضة»، أجواء الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة الهندي.
ويأتي اهتمام صندوق الثروة السيادية في دبي بالاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة الهندي على خلفية دعوة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للاستثمار في بلاده أثناء زيارته التي قام بها في أغسطس (آب) الماضي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، على نحو ما أفادت به شخصيات مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها.
وكانت الهند، التي تتطلب استثمارات كبيرة في قطاع البنية التحتية الوطنية، تحاول إقناع دولة الإمارات العربية المتحدة باستثمار 800 مليون دولار من الثروة السيادية في الهند. وقالت إحدى الشخصيات المطلعة على مجريات الأمور: «ينصبّ اهتمام شركة (دبي القابضة) على الاستثمار في مجال الطاقة الهندية النظيفة. وكانت الشركة متحمسة لمتابعة هذا الأمر إثر النجاح الذي أحرزه صندوق الثروة السيادية في سنغافورة، وجهاز أبوظبي للاستثمار، في القطاع نفسه».
وبعض من صناديق الثروة السيادية الأخرى، وشركات الاستثمار المملوكة للحكومات، التي تستثمر في الهند، تشمل شركة «سنغافورة تيماسيك القابضة المحدودة»، وشركة «مبادلة للاستثمار» في أبوظبي.
وسوف تستحوذ شركة «طوكيو القابضة للطاقة الكهربائية» وشركة «تشوبو للطاقة الكهربائية» على حصة مشتركة بالمناصفة في شركة «رينيو» الهندية العاملة في قطاع الطاقة المتجددة، وكانت أكبر استثمارات خارجية تصل إلى الهند في مجال الطاقة النظيفة من جانب شركة «جيرا» اليابانية التي سوف تحصل على الأسهم الصادرة حديثًا في شهر مارس (آذار) عبر إحدى الشركات التابعة لها مقابل 200 مليون دولار.
وهناك استثمارات بقيمة 265 مليون دولار من جانب جهاز أبوظبي للاستثمار في شركة «رينيو» الهندية للطاقة، وفقًا إلى شركة «فينتشر» الاستشارية.
وتخطط الوحدة المحلية لشركة «سي إل بي» القابضة، المدرجة على قوائم البورصة في هونغ كونغ، لاستثمار نحو مليار دولار لإقامة مشروعات لإنتاج 1 غيغاواط من قدرات الطاقة الشمسية على مدى 3 إلى 5 سنوات المقبلة، كما أفاد بذلك ماهيش ماكيجا، مدير تطوير الأعمال لقطاع الطاقة المتجددة في مقابلة شخصية.
ولقد تأسست شركة «سي إل بي» القابضة في عام 1901 تحت اسم شركة الكهرباء والطاقة الصينية المحدودة، وسوف تتقدم بعطاء لإقامة مشروعات الطاقة الشمسية تحت مظلة بعثة جواهر لال نهرو للطاقة الشمسية الوطنية الهندية، وتخطط للاستثمار في المشروعات المملوكة لشركات أخرى كما قال السيد ماكيجا. وتنتج شركة «سي إل بي» الهندية أكثر من 3000 ميغاواط من الطاقة عبر مشاريع طاقة الرياح والفحم والغاز. وهي تدير محطة باغوثان للغاز الطبيعي في مدينة بهاروش بولاية غواجارات، ومحطة أخرى للفحم بسعة 1320 ميغاواط في مدينة جهاجار بولاية هاريانا.
وأعلن المستثمرون، أمثال صندوق التقاعد الهولندي، وصندوق التقاعد الكندي، وشركة «إينيل» الإيطالية للطاقة الخضراء، وشركة «إي جي إف» الفرنسية، عن التزامات استثمارية كبيرة في قطاع الطاقة الشمسية الهندي خلال العام الماضي وحده.
وقال فيناي راستاغي، المدير الإداري في شركة «جسر الهند» الاستشارية المعنية بالطاقة المتجددة: «الهند هي واحدة من أكبر أسواق الطاقة المتجددة في العالم، وهي تجذب استثمارات هائلة من الخارج. وهو السبب في أننا نشهد كبار المستثمرين يأتون إلى الهند من كل أنحاء العالم»، مشيرًا إلى صندوق الثروة السيادية في سنغافورة، وجهاز أبوظبي للاستثمار، وشركة «سي إل بي» القابضة من هونغ كونغ، وشركة «إي جي إف» الفرنسية، وشركة «سوفتبنك» اليابانية، إلى جانب شركة «جيرا» اليابانية كذلك.
حتى إن الشركات المحلية تستثمر هي الأخرى وبكثافة في قطاع الطاقة المتجددة. وهناك صفقات كبيرة أبرمت أخيرًا في مجال الطاقة النظيفة الهندية بما في ذلك شركة «تاتا» المحدودة للطاقة التي ابتاعت حافظة الطاقة المتجددة بقدرة 1.1 غيغاواط من شركة «ويلسبون» المحدودة للطاقة مقابل 1.4 مليار دولار. وهناك شركات أخرى، بما في ذلك شركة «اداني للطاقة» و«ريلاينس للطاقة»، التي التزمت باستثمارات بلغت 5 مليارات دولار لإقامة محطات الطاقة الشمسية في الهند.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.