الخوخة... «نافذة الضوء»

الخوخة... «نافذة الضوء»
TT

الخوخة... «نافذة الضوء»

الخوخة... «نافذة الضوء»

قبل أن تنفذ ميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح انقلابها على الشرعية في اليمن وانتقالها إلى معظم محافظات البلاد، كانت مدينة الخوخة الساحلية على البحر الأحمر التابعة لمحافظة الحديدة «أيقونة» الساحل وعروسه الصغيرة والجميلة. كيف لا وهي تتميز بشواطئها التهامية الخلابة المطرزة بأشجار النخيل ومصايفها التقليدية المبنية من عسف النخل، التي تمتد على طول الساحل، ويقصدها اليمنيون وغير اليمنيين من كل أصقاع الأرض.
إلا أن ميليشيات الانقلاب، كعادتها، لا تترك شيئا جميلا. وحقًا، لم تترك مدينة يمنية، تقريبا، إلا وأشاعت فيها الخراب والدمار. وهذا ما حصل للخوخة؛ إذ حولت ميناء الخوخة إلى قاعدة عسكرية وحولت مصايف المدينة الجميلة والبسيطة، إلى ثكنات، ومعها جعلت مختلف مؤسسات الدولة - ومنها المؤسسات التعليمية - مخازن أسلحة، أما مزارعها فصارت متارس.
يقال إن اسم «الخوخة» يعني فتحة الضوء أو النافذة الصغيرة. وعموما يقطن في هذه المدينة - المديرية قرابة 45 ألف نسمة، يعمل معظمهم في الصيد، وحاليًا تضم المدينة أكبر تجمع للصيادين في اليمن. كذلك يعمل بعض السكان في مجال الزراعة وآخرون في مجال السياحة وأعمال إدارية أخرى في الميناء الصغير التابع للمديرية، الذي كان ميناء للدولة الرسولية، وفقا للمراجع التاريخية. وللعلم، حولته الميليشيات إلى ميناء لتهريب الأسلحة الإيرانية التي تصل عبر دول القرن الأفريقي، حاله حال الموانئ المماثلة في شمال وجنوب البحر الأحمر.
الناشط السياسي والإعلامي عبد الله دوبلة، أحد أبناء الخوخة، أبلغ «الشرق الأوسط» أن المدينة «تضرّرت كثيرًا جرّاء الحرب لكونها كانت تعتمد على تصدير منتجاتها السمكية والزراعية إلى المملكة العربية السعودية، بدرجة رئيسية». وتحدث دوبلة عن معاناة سكان الخوخة من الحرب ومحنة النزوح الكبير التي تعرض لها سكان المُخا والقرى المجاورة، واصفًا الخوخة بأنها «ابنة عم المُخا»، ونافيًا نفيًا قطعيا أن تكون الخوخة، كغيرها من مدن الساحل التهامي الغربي، حاضنا اجتماعيا للحوثيين أو الميليشيات، مدللا بالحالة في المُخا والحُدَيدة بشكل عام.
وفي حين باتت المعارك، بين الجيش الوطني من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية من جهة أخرى، على مشارف مدينة الخوخة، فإن ثمة مخاوف، عبر عنها بعض المواطنين في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط»، من استخدام الميليشيات المدنيين دروعا بشرية، عبر التمترس في المنازل أو المواقع التاريخية، أو المؤسسات. وللعلم، فإن سكان المدن الساحلية في الساحل الغربي لليمن (تهامة)، مواطنون بسطاء ومسالمون لا يميلون إلى العنف، غير أنهم وقعوا ضحية أنظمة متعاقبة حكمت صنعاء وحوّلت مناطقهم إلى ساحات للجباية ومناطق لتقاسم النفوذ وللتهريب، وفقا للمواطنين الذي يطالبون بتجنيب مدينتهم الصراع المسلح، وبخروج الميليشيات.



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».