موسكو تتبنى عملية السيطرة على تدمر وتثني على فعالية «التمساح الروسي»

خبراء يرجحون حصول عمليات إنزال «مكلفة» في السخنة

تظاهرة في مدينة دوما بضواحي دمشق احتجاجا على انتهاك نظام الأسد وفق إطلاق النار واستهدافه المدينة التي تسيطر عليها قوى المعارضة (غيتي - الأناضول)
تظاهرة في مدينة دوما بضواحي دمشق احتجاجا على انتهاك نظام الأسد وفق إطلاق النار واستهدافه المدينة التي تسيطر عليها قوى المعارضة (غيتي - الأناضول)
TT

موسكو تتبنى عملية السيطرة على تدمر وتثني على فعالية «التمساح الروسي»

تظاهرة في مدينة دوما بضواحي دمشق احتجاجا على انتهاك نظام الأسد وفق إطلاق النار واستهدافه المدينة التي تسيطر عليها قوى المعارضة (غيتي - الأناضول)
تظاهرة في مدينة دوما بضواحي دمشق احتجاجا على انتهاك نظام الأسد وفق إطلاق النار واستهدافه المدينة التي تسيطر عليها قوى المعارضة (غيتي - الأناضول)

أعلنت موسكو، أمس، أن المستشارين العسكريين الروس «هم الذين خططوا لاستعادة مدينة تدمر من تنظيم داعش، وأشرفوا على ذلك، بينما لعبت القوات الخاصة والقوات الجوية الروسية، دوراً حاسماً في المعركة». وفي حين واصلت قوات النظام في الساعات الماضية عمليات التمشيط من الألغام والعبوات الناسفة، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن أكثر من 30 في المائة من المدينة الأثرية، الواقعة في ريف محافظة حمص الشرفي، ما زال تحت سيطرة التنظيم المتطرف.
وأشار رئيس إدارة العمليات في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية، سيرغي رودسكوي، إلى أن التخطيط لعملية تحرير تدمر من أيدي «داعش» جرى تنفيذها تحت إشراف مستشارين عسكريين روس، وكشف عن أن موسكو استخدمت خلال العملية العسكرية «مروحيات قتالية من طراز (كا – 52)، التمساح، التي أثبتت فعاليتها العالية في مناطق صحراوية وجبلية».
وأضاف المسؤول العسكري الروسي أن «التنظيم الإرهابي تكبد خلال المعارك خسائر تجاوزت ألف قتيل»، مشيراً إلى أنّه «في الوقت الراهن، تم تحرير المدينة بالكامل، وسيطرت القوات الحكومية الروسية على التلال الاستراتيجية، شمال وجنوب تدمر، وهي تواصل التقدم بالاتجاه الشرقي».
ثم أوضح أن وحدات الهندسة السورية (النظامية) بدأت الخميس بإزالة الألغام في تدمر، وتفقد المباني في المدينة، بحثاً عن المتفجرات، لافتاً إلى أن خبراء من مركز إزالة الألغام التابع لوزارة الدفاع الروسية سينضمون إلى زملائهم السوريين في أقرب وقت.
وفي حين بثّ الإعلام الحربي مشاهد قال إنّها لـ«دخول الجيش السوري إلى تدمر، ورفع العلم السوري على قلعتها الأثرية»، أكد رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات النظام لم تدخل إلا 70 في المائة من مجمل تدمر. وأفاد بأن مناطق في شمال وشرق وجنوب المدينة لا تزال تحت سيطرة «داعش» الذي تتحصن أيضاً بعض عناصره من الانتحاريين في داخل الأحياء.
واستهجن عبد الرحمن حديث موسكو عن مقتل ألف عنصر من «داعش» خلال المعركة، لافتاً إلى أن 250 من عناصره قتلوا خلال 40 يوماً، وأضاف: «كل ما حكي عن مواجهات برية شرسة غير دقيق، باعتبار أن الطائرات الحربية والمدفعية الروسية هي التي قامت بكل المهمة، ونُقل عن أحد عناصر التنظيم المتطرف قوله إنّهم لم يكونوا يعرفون ليلهم من نهارهم نتيجة القوة النارية الكبيرة التي استخدمها الروس».
من ناحية ثانية، تركزت غارات الطائرات الحربية، يوم أمس، على الأماكن التي ينتشر فيها عناصر «داعش» في محيط مدينة تدمر، والذين ما زالوا يسيطرون، وفق «المرصد»، على مساحات ممتدة من مسافة نحو 3 كلم، شمال مطار التي فور العسكري، وصولاً لمحيط المدينة تدمر، وعلى معظم الحقول النفطية الاستراتيجية في المنطقة.
بالمقابل، نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن مصدر عسكري تابع لنظام الأسد قوله إن «النظام والقوات الرديفة تقدمت مسافة 6 كيلومترات، شرق تدمر، وبدأت عملية قصف تمهيدي على منطقة الصوامع التي تبعد 10 كيلومترات شرق المدينة، وهي آخر المواقع التي يسيطر عليها تنظيم داعش قرب المدينة».
وفي الوقت الذي يرجح فيه خبراء أن تنتقل موسكو وقوات النظام بعد تدمر إلى منطقة السخنة، التي تعتبر عقدة مواصلات مهمة بين محافظات ومدن حمص والرقة ودير الزور، لم يستبعد عبد الرحمن أن يعاود «داعش» السيطرة على تدمر عبر «انتحاريين»، كما فعل في وقت سابق، في حال لم يتيسر حسم موضوع السخنة، وفي حال خسارته الموصل، مرجحاً أن يتم الاعتماد في السخنة على عمليات إنزال للكوماندوز الروسي، وأن تكون هذه العمليات مكلفة بشرياً.
بدوره، أشار عبد الرحمن الحاج، الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة، إلى وجود 3 أولويات في الوقت الراهن للنظام السوري، بعد اقترابه من السيطرة كلياً على تدمر، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن أولى الأولويات قطع طريق «درع الفرات»، ومنعها من الوصول إلى الرقة، والثانية هي استعادة الموارد النفطية، والثالثة السيطرة على الممر الذي يربط العراق بسوريا وإيران.
واعتبر الحاج استعادة «داعش» السيطرة على تدمر مرة جديدة «أمراً غير مستبعد، باعتبار أن النظام لا يمتلك أي إمكانيات أو قدرات بشرية لتنفيذ انتشار على نطاق واسع»، لافتاً إلى أنّه لولا المعونة الخارجية التي يتلقاها ما كان النظام استعاد المدينة.
وللعلم، كان التنظيم المتشدد قد سيطر على تدمر، المدرجة على قائمة اليونيسكو للمواقع الأثرية، مرتين: الأولى في مايو (أيار) 2015، ثم استعاد النظام السيطرة عليها في مارس (آذار) الماضي. والثانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ودمر التنظيم المتطرف عدة معالم أثرية في المدينة خلال المعارك بين الطرفين، منها قوس النصر الذي يرجع تاريخه إلى 1800 سنة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».