نزوح المسيحيين من سيناء يخيم على لقاء ميركل وبابا الأقباط

نزوح المسيحيين من سيناء يخيم على لقاء ميركل وبابا الأقباط
TT

نزوح المسيحيين من سيناء يخيم على لقاء ميركل وبابا الأقباط

نزوح المسيحيين من سيناء يخيم على لقاء ميركل وبابا الأقباط

قالت مصادر كنسية إن «استهداف المسيحيين وتهجيرهم من سيناء خيم على اللقاء الأخير الذي جمع البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالمقر البابوي بالعباسية بوسط القاهرة»، مضيفة أن «البابا أكد ثقته في الجهود التي تقوم بها مصر لتخفيف الآثار الناجمة عن هذه الأزمة وعودتهم إلى أماكنهم».
يأتي هذا في وقت تواصل فيه أمس نزوح الأقباط الفارين من مدينة العريش بشمال سيناء على عدة محافظات مصرية، بعد تصاعد عمليات استهدافهم على يد تنظيم «ولاية سيناء»، وذكرت المصادر الكنسية أن «عدد الأسرة المهجرة من العريش حتى الآن بلغ 163 عائلة». وغادرت العشرات من الأسر المسيحية مدينة العريش بشمال سيناء منذ نحو أسبوع، بعد مقتل 8 مسيحيين على يد تنظيم «ولاية سيناء» الموالي لـ«داعش»، خوفا على حياتهم.
وأكد البابا تواضروس الثاني خلال لقائه ميركل، أننا «نعيش مسيحيين ومسلمين في مودة ومحبة وعلاقات اجتماعية مشتركة؛ لكن يحدث بين الوقت والآخر بعض المشكلات بسبب الفقر أو الجهل أو التعصب أو الازدحام.. وتحاول الكنيسة مع الدولة المصرية أن تحل هذه المشكلات في إطار الأسرة المصرية الواحدة».
وأكد بابا المسيحيين أنه «مع ثورة 30 يونيو التي قام بها المصريون مسلمين ومسيحيين، ظهرت ملامح جيدة على تحسن الوضع المسيحي المصري، مثل إقرار أول قانون لبناء الكنائس في مصر، وانتخاب 39 عضوا مسيحيا بمجلس النواب (البرلمان) مقارنة بعضو واحد سابقا، فضلا عن زيارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمقر الكاتدرائية للتهنئة بأعياد الميلاد، بالإضافة لاهتمام الدولة بإصلاح الكنائس التي أحرقت ودمرت في أحداث أغسطس (آب) 2014 (عندما تم فض اعتصام لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية)».
وكافحت السلطات المصرية عددا من الاعتداءات الطائفية، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بمحافظة المنيا بصعيد مصر، التي شهدت وحدها ما يقرب من 6 اعتداءات خلال شهرين فقط. وذبح مواطن مسيحي في الإسكندرية بواسطة أحد المتشددين، وأظهر فيديو تم تداوله على المواقع الإلكترونية قيام المتهم، وهو شخص ملتح، بإخراج سكين كبير من معطفه، وضرب القتيل بالسكين في رقبته أمام أسرته في الشارع.
وأكد بابا المسيحيين أنه ما زال في الطريق خطوات أخرى تعبر عن المواطنة الكاملة وعدم التمييز والمساواة. وقال: «حقا، إننا نعاني جميعا من هجمات الإرهاب والعنف التي تعرقل مسيرتنا؛ ولكنها لا توقف تقدمنا.. وإصرارنا على أن تحيا مصر في أفضل صورة». مضيفا: «نحن واثقون في الله الذي يبارك بلادنا.. واثقون في قدرة القيادات السياسية والاجتماعية والتشريعية في بلادنا».
وقالت المصادر الكنيسة نفسها إن «البابا تواضروس أكد لميركل خلال اللقاء أن أحداث سيناء الأخيرة أزمة عابرة».
ويرفض تواضروس تعبير تهجير المسيحيين من سيناء، الذي شاع في وسائل الإعلام.. ويؤكد: «نحن نسكن في الوطن، ويتعرض أبناؤنا في القوات المسلحة والشرطة ومؤسسات الدولة وأبناؤنا المصريون الأقباط، كما المسلمين، أيضا يتعرضون لهذا العنف، الذي نصلي أن ينتهي».
في غضون ذلك، قال مصدر أمني إن «قوات الشرطة قتلت 4 أشخاص مطلوبين أمنيا بمنطقة كرداسة بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)»، موضحا أن «هؤلاء الأربعة صدر بحقهم قرارات ضبط وإحضار في قضايا إرهابية بينها اغتيال ضباط، وأعمال عنف في نطاق القاهرة الكبرى (تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية)».
وتقع كرداسة بالقرب من أهرام الجيزة، ويشتهر أبناؤها بصناعة النسيج والمشغولات الفرعونية والريفية، لكن يوجد قطاع انضم للجماعات المتشددة، كما تعتبر المنطقة مقرا لجماعات أخرى من تجار السلاح والمخدرات. وكانت قد تفاقمت الأوضاع في «كرداسة» بعد حرق قسم كرداسة ومقتل 11 من جهاز الشرطة في عام 2013.
وأضاف المصدر الأمني أن «الشرطة عندما اقتربت من شقة يختبئ بها المطلوبون بادر هؤلاء بإطلاق الرصاص تجاه القوات، ما دفع الأخيرة للرد عليهم وقتلهم».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.