تصاعد وتيرة الجدل بمصر بسبب مشروع لتعديل قانون الأزهر

عضو بـ«كبار العلماء»: التغيير دعوة فاشلة... والهيئة مُكتملة التخصصات

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في قصر الاتحادية قبل ايام (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في قصر الاتحادية قبل ايام (رويترز)
TT

تصاعد وتيرة الجدل بمصر بسبب مشروع لتعديل قانون الأزهر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في قصر الاتحادية قبل ايام (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في قصر الاتحادية قبل ايام (رويترز)

تصاعدت حالة الجدل في مصر بسبب مشروع قانون داخل البرلمان يدعو لتعديل قانون الأزهر، بتوسيع دائرة اختيار أعضاء هيئة كبار العلماء لتضم آخرين مختصين في أمور أخرى ليست دينية فقط.
التعديل الجديد الذي يشرع في إعداده حالياً النائب محمد أبو حامد وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب (البرلمان)، يتناول إعادة النظر في بعض بنود قانون الأزهر وضمان وجود تنوع داخل «كبار العلماء». لكن الدكتور محمود مهني عضو هيئة كبار العلماء قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن تغيير بنود الهيئة «دعوة فاشلة»، مضيفاً أن «هيئة كبار العلماء في مصر يبدأ الانضمام إليها من سن 55 عاماً، شرط أن يكون المتقدم له رصيد علمي يربو على 50 مؤلفاً»، لافتاً إلى أن «كل التخصصات التي يحتاجها المجتمع، للرد على أي مسألة حياتية موجودة داخل الهيئة حتى تخصص علم النفس».
و«كبار العلماء» هي أعلى مرجعية دينية تابعة للأزهر، وأنشئت عام 1911 في عهد الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر حينها، ثم تم حلها عام 1961 في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وأعيد إحياؤها بعد ثورة «25 يناير» عام 2012 بموجب القرار بقانون الصادر من مجلس الوزراء آنذاك، وصدق عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره الحاكم للبلاد في ذلك التوقيت، وأسندت إليها اختصاصات لم تكن موجودة من قبل، وكان أهمها انتخاب شيخ الأزهر، وترشيح مفتي الديار المصرية، والبت في الأمور الدينية واعتبارها مرجعية لكل ما يتعلق بالشؤون الإسلامية.
وقال النائب أبو حامد إنه «أعد مشروع قانون لتعديل قانون تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961، يهدف إلى وضع مجموعة من القواعد والضوابط، تحكم تشكيل هيئات الأزهر، بهدف حوكمة اختيار أعضائها وتنظيم عملها»، مضيفاً أن تلك التعديلات تشمل قواعد اختيار شيخ الأزهر عند خلو منصبه، وكذلك قواعد اختيار مفتي الديار المصرية، وتنظيم العلاقة بين مشيخة الأزهر وكل من جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية.
ويرى مراقبون أن «التعديلات المقترحة بقانون الأزهر سوف تتيح ترشيح أعضاء للهيئة من خارج الأزهر، من البرلمان والمؤسسات الدينية الأخرى، وتفتح طريقاً لاختيار شيخ للأزهر يخلف الدكتور أحمد الطيب في حالة خلو منصبه».
وينص قانون الأزهر الذي صدر في عام 2012 بإعادة تشكيل هيئة كبار العلماء، في المادة الخامسة منه على أنه عند خلو منصب شيخ الأزهر، يختار من يشغله بطريق الانتخاب من بين أعضاء الهيئة المرشحين لشغل المنصب، واضعة فيه شروطاً أهمها أن يكون مصرياً من أبوين مصريين مسلمين... ونص الشرط الثاني على أن يكون من خريجي إحدى الكليات الأزهرية المتخصصة في علوم أصول الدين والشريعة والدعوة الإسلامية واللغة العربية، وأن يكون قد تدرج في تعليمه قبل الجامعي بالمعاهد الدينية الأزهرية، وأن يكون ملتزماً بمنهج الأزهر علماً وسلوكاً.
وكان النائب أبو حامد قد أشار في تصريحات سابقة له إلى أن «هيئة كبار العلماء جانبها الصواب خلال قرارها بوقوع الطلاق الشفوي خلال بيان أصدرته، فهي لم تسعَ إلى حل المشكلة الخاصة بالطلاق كما وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي».
وكانت «كبار العلماء» قد أقرت بالإجماع في فبراير (شباط) وقوع الطلاق الشفوي دون اشتراط توثيق أو إشهار. ورفضت الهيئة دعوة أطلقها الرئيس المصري لإصدار قانون ينظم الطلاق الشفوي خلال كلمته في احتفال عيد الشرطة في يناير (كانون ثاني) الماضي.
لترتفع وتيرة الأحداث بعد ذلك، وتزعم صحف مصرية وجود خلاف بين الرئاسة والأزهر، وهو ما نفته المشيخة، مؤكدة عدم وجود أي خلاف مع مؤسسة الرئاسة حول موضوع «الطلاق الشفوي»، متهمة إعلاميين بتحريف عبارات السيسي وتصدير وجود أزمة.
وجاء لقاء السيسي بالطيب قبل أيام - بحسب مراقبين - لينفي مزاعم وجود خلاف، وقال السيسي خلال اللقاء إن «الأزهر هو منارة الفكر الإسلامي المعتدل... وإن المسؤولية الملقاة على عاتق الأزهر وشيوخه وأئمته كبيرة في تقديم النموذج الحضاري الحقيقي للإسلام في مواجهة دعوات التطرف والإرهاب». وعقد الأزهر مؤتمره الأخير «الحرية والمواطنة» قبل أيام برعاية الرئيس المصري.
من جانبه، رفض الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون‏ بجامعة الأزهر، التعديل المقترح الذي ينادي به البعض رداً على موقف «كبار العلماء» من قضية الطلاق الشفوي، معتبراً أن ذلك غير مقبول، لأنها أمينة على الدين وعلى تطبيقه، وعندما اختارت الرأي الذي يرى وقوع الطلاق الشفوي فهي متبعة في ذلك جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن بعض من يهوى الاصطياد في الماء العكر يعمل على الوقيعة بين مؤسسة الرئاسة والأزهر، ويعملون على زعزعة استقرار الأزهر.
في ذات السياق، يوضح النائب محمد أبو حامد عضو البرلمان، والمتقدم بمشروع تعديل قانون الأزهر في تصريحات خاصة أن الهيئة بتشكيلها الحالي مقتصرة على أعضاء معينين دون غيرهم نتيجة القانون الحالي، منوهاً بأن أعضاء الهيئة في تناقص، فالعدد العام لأعضاء الهيئة 40 عضواً، الموجود منهم فعلياً لا يتعدى 12 عضواً، وهو ما يمثل احتكار تشكيل الهيئة، وهو ما يتعارض مع مطالب المجتمع بتجديد الخطاب الديني.
لكن علي محمد الأزهري عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، قال إن «القانون الجديد يريد إدخال غير المختصين في الهيئة، سواء من تيارات علمانية أو ليبرالية، فضلاً ًعن عزل كل من بلغ الثمانين»، معتبراً أن سن الـ55 هو السن المناسب جداً للانضمام للهيئة.
من جهته، قال الدكتور محمود مهني إن «كل التخصصات موجودة داخل الهيئة؛ من الفقه، وعلوم القرآن، والسنة، وعلوم السنة، وأصول الفقه، وعلم الأحكام، والقراءات، واللغة العربية، والفقه المعاصر (الواقع)، حتى علم النفس موجود، إلا أن هناك أناساً أرادوا أن يتدخلوا في عمل الهيئة، كنوع من الظهور الإعلامي»، لافتاً إلى أن «هناك حملة على الأزهر والهيئة، وقد تواصلت مع رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان الدكتور أسامة العبد قبل يومين، وقلت له إن (الأزهر أمانة وعلماء المسلمين أمانة في رقبتك)، فأكد لي أنه (لن يمس أحد الأزهر، ومصر بلا أزهر تساوي صفراً)».
وأكد النائب محمد أبو حامد أنه انتهى من المسودة الأولى للمشروع، ويعمل الآن على عقد اجتماعات مع بعض القيادات الدينية لاستطلاع وجهة نظرهم حول هذه التعديلات، تمهيداً لتقديمها لمجلس النواب خلال الأسابيع المقبلة، وأنه قد حصل على دعم العدد القانوني من توقيعات النواب اللازم لتقديم مشروع القانون.
لكن الدكتور مهني أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلب من ظهروا في الفضائيات للحديث حول تعديل قانون الأزهر كانوا يخطئون في اللغة العربية وفي القرآن، ثم يطالبون بتغيير بنود الهيئة، وإدخال أشخاص آخرين للهيئة ليسوا بعلماء».



المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
TT

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)

حَمَّلَ التقرير الجديد لفريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن، الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، وعرقلة جهود تحقيق السلام وإنهاء الحرب، واتهم الجماعة بتسخير الموارد الضخمة للأغراض العسكرية.

ووفقاً للتقرير الذي يغطي الفترة الممتدة من 1 سبتمبر (أيلول) 2023 إلى 31 يوليو (تموز) 2024، فإن التهديدات والهجمات المنتظمة التي يشنها الحوثيون على السفن المبحرة عبر البحر الأحمر، منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تسببت في تعطيل التجارة الدولية والاقتصاد اليمني.

مزاعم الحوثيين بنصرة غزة أدت إلى عرقلة جهود السلام في اليمن (إ.ب.أ)

وأدت الهجمات -وفق التقرير- إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين وتأخير وصول البضائع إلى اليمن، وهو ما ترجم بدوره إلى زيادة في أسعار مختلف السلع، ولا سيما السلع الأساسية.

وأوضح الخبراء في تقريرهم المقدم إلى مجلس الأمن أن استمرار الحظر الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط الخام تسبب في خسارة في الإيرادات بنسبة 43 في المائة؛ ما أدى إلى انخفاض قيمة الريال اليمني، وارتفاع حاد في معدلات التضخم، وأثر على قدرة الحكومة على تزويد الشعب بالخدمات الأساسية مثل دفع الرواتب وتوفير الكهرباء والمياه والتعليم.

وذكر التقرير، أن عبث الحوثيين بالاقتصاد طال المؤسسات الحكومية التي استغلوها لتمويل أغراضهم وأنشطتهم العسكرية، حيث اعتمدوا عدداً من التدابير غير القانونية لخلق موارد كبيرة لأغراضهم العسكرية، واستغلوا سيطرتهم على قطاع الاتصالات والمدارس في مناطق سيطرتهم؛ لطلب الأموال من السكان من أجل تعزيز قوتهم الجوية عبر الطائرات المسيّرة والدفاع الساحلي.

شبكات مختلفة

وتطرق التقرير الأممي إلى العمليات المالية الحوثية الخارجية، وأشار إلى أن تحقيقاً أجراه الفريق كشف عن أن الحوثيين يستخدمون شبكات مختلفة من الأفراد والكيانات التي تعمل في ولايات قضائية متعددة بما في ذلك إيران وتركيا وجيبوتي والعراق واليمن؛ لتمويل أنشطتهم من خلال الاستعانة بعدد من البنوك والشركات الوهمية وشركات الصرافة والشحن والميسرين الماليين، لافتاً إلى تورط قيادات حوثية بارزة وكيانات في تسهيل الدعم المالي للحوثيين وتوفير احتياجاتها من العملة الأجنبية لشراء الواردات.

وعرض التقرير، صوراً من أنشطة الحوثيين المشبوهة في ميناء الحديدة، وأساليب تجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة من خلال المناقلة بين السفن أو إيقاف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن للحد من كشف المواني التي تزورها والطرق التي تسلكها.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون تحت سطوة القمع (أ.ب)

وأكد فريق الخبراء أن ميناء الحديدة كان مركزاً لعمليات تهريب منظمة لمواد غير مشروعة؛ مثل الأسلحة، والمخدرات، ومعدات الاتصالات، والمبيدات، والعقاقير المحظورة، والقطع الأثرية، وقال الفريق إن الهجمات الحوثية على خطوط النقل الأساسية أدت إلى زيادة إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

انتهاكات في كل اتجاه

وأشار المحققون الأمميون إلى تأثير الانتهاكات الحوثية وعمليات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري التي نفذتها الجماعة بحق العاملين في المجال الإنساني في مناطق سيطرتها، التي أدت بمقدمي الخدمات الإنسانية إلى تجنب مناطق سيطرة الجماعة؛ بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

واتهم التقرير الجماعة باستغلال الأحداث الإقليمية، وتحديداً أحداث غزة، لتعزيز استقرار نظامها واكتساب الشعبية، خصوصاً في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار السخط في مناطق سيطرتها، وأكد أن ادعاء الجماعة بأنها تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل غير صحيح، وأنها تستهدف بشكل عشوائي السفن المبحرة في البحر الأحمر وخليج عدن.

زعيم الجماعة الحوثية يحصر المناصب على المنتمين إلى سلالته (إ.ب.أ)

وتطرق التقرير إلى المساعي التي قام بها المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن لدفع عملية السلام قدماً من خلال الإعلان عن خريطة الطريق للسلام في اليمن في ديسمبر 2023، مؤكداً أن هذه المحاولة اصطدمت بهذه التطورات الإقليمية.

وأورد المحققون الأمميون أنه لا يمكن توقيع اتفاق خريطة الطريق إلا عند استقرار الوضع الإقليمي وتوقف الحوثيين عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر.

وتناول التقرير انتهاكات الحوثيين للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي شملت الهجمات العشوائية على المدنيين، والاحتجازات التعسفية، وحالات الاختفاء القسري، والتعذيب والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع والعنف الجنساني، وانتهاكات الحق في المحاكمة العادلة، وتجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع، واضطهاد الأقليات، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

وجاء في التقرير أن مصادر سرية أبلغت فريق التحقيق عن زيادة في تجنيد الفتيات من قِبَل ما يسمى «الزينبيات» (ذراع الحوثي النسوية) وإدماجهن في صفوف الجماعة عن طريق الاختطاف والتهديد، واستغلال بعض المختطفات في العمل المنزلي القسري، ووقوع أخريات ضحايا للعنف الجنسي.

المحققون الأمميون اتهموا الحوثيين بالتسبب في تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

كما اتهم المحققون الأمميون الجماعة الحوثية باستهداف الكيانات التجارية والأفراد المعارضين من خلال تجميد أصولهم ومصادرتها والاستيلاء عليها بشكل منتظم تحت مسمى نظام «الحارس القضائي».

وأشار التقرير إلى قيام الحوثيين باستغلال منصات التواصل الاجتماعي وانتهاك الجزاءات المفروضة بموجب القرار 2140 لبيع الأسلحة والتماس الدعم المالي والآيديولوجي والدعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز والعداء والعنف، داعياً كيانات ووسائل التواصل الاجتماعي ذات الصلة إلى اتخاذ تدابير عاجلة ومناسبة لضمان منع هذا الانتهاك.