حركة حزم المعارضة حصلت على الصواريخ الأميركية بعد شروط بينها إعادة مقذوفاتها

قائدها عودة يسعى لإظهار صورة مغايرة للفوضى التي تعم أغلب الفصائل المقاتلة

حركة حزم المعارضة حصلت على الصواريخ الأميركية  بعد شروط بينها إعادة مقذوفاتها
TT

حركة حزم المعارضة حصلت على الصواريخ الأميركية بعد شروط بينها إعادة مقذوفاتها

حركة حزم المعارضة حصلت على الصواريخ الأميركية  بعد شروط بينها إعادة مقذوفاتها

تحت قيادة أحد قادة المقاتلين الشباب المتمرسين، يتشارك الرجال، الذين اختارتهم الولايات المتحدة لمنحهم أولى مساعدات الصواريخ للمعارضة السورية، نفس الجهود الطموحة الرامية إلى تشكيل جيش جديد يعمل بطريقة احترافية.
يقول عبد الله عودة (28 عاما) أنه اختير وجماعته، التي أنشئت حديثا ويطلق عليها «حركة حزم»، لتسلم شحنة الأسلحة بفضل «آرائهم المعتدلة وانضباطهم». وفي قاعدة الحركة، التي تقع في منطقة صخرية غير مأهولة تغطيها الأشجار الكثيفة في محافظة إدلب، يرتدي عناصر «حزم» الزي العسكري ويخضعون لاختبارات طبية وينامون في أسرة من طابقين ويتدثرون بأغطية متطابقة، كما هو الحال في الجيوش النظامية.
ويبدو هذا المشهد الذي تظهر عليه حركة حزم بعيدا كل البعد عن الأنباء المتواترة عن حركات المعارضة بأنها فوضوية وغير منظمة وسقطت تحت سيطرة الإسلاميين المتشددين، وهي المخاوف التي أثارت قلق إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ومنعتها من تسليح المعارضة السورية لفترة طويلة.
غير أن وصول شحنة صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات إلى قاعدة حركة حزم الشهر الماضي أحيا الآمال وسط المقاتلين المعارضين بأن إدارة أوباما تسعى إلى التخفيف من رفضها إمداد المعارضة بمساعدات عسكرية كبيرة، وهو ما قد يؤدي إلى تعديل كفة الصراع لصالح المعارضة. وتعتبر شحنة صواريخ «تاو» أول سلاح أميركي متطور يرسل إلى سوريا منذ بداية الصراع.
ويقول مقاتلو المعارضة أن العدد الصغير من صواريخ BGM - 71، والتي صنعت من عقدين من الزمان وليست أفضل حال من الصواريخ الروسية والفرنسية المماثلة التي حصل عليها المقاتلون من الدول الحليفة أو السوق السوداء خلال العام الماضي، لن يحدث تغيير في القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وعلى مدار ثلاث سنوات من الحرب، استطاعت القوات الحكومية إبعاد قوات المعارضة عن الكثير من أكثر معاقل النظام أهمية، مؤجلة بذلك آمال المعارضة في تحقيق النصر حتى إشعار آخر.
غير أن عودة يقول إن «شحنة الصواريخ الأميركية تعد خطوة أولى مهمة»، خلال أول لقاء مع صحافية تزور قاعدة حركة حزم منذ وصول شحنة الصواريخ.
ولم تقدم الولايات المتحدة شحنة الأسلحة بشكل مباشر لحركة حزم، بل اضطلع «أصدقاء سوريا»، كما يقول عدوة بذلك الدور، في إشارة إلى تحالف القوى الغربية ودول الخليج المؤيدة للجيش السوري الحر المعارض. وكان يجب على عناصر حركة حزم التعهد بإعادة مقذوف كل صاروخ يطلق، وألا يبيعوا تلك الأسلحة ويحموها من السرقة.
ورفض عودة الكشف عن مزيد من التفاصيل عن مصدر الصواريخ، لكنه قال إن «المانحين أوضحوا له أن عملية التسليم جرت بموافقة أميركية، وإن مسؤولين أميركيين أكدوا أنهم أيدوا تزويد حركته بالصواريخ».
ويضيف عودة أن «الصواريخ في حد ذاتها ليست الأمر الأكثر أهمية، بل تغير السياسة هو الأهم»، إذ إن حصولهم على الأسلحة يعني تغيرا في الموقف الأميركي إزاء السماح لأصدقاء سوريا بدعم الشعب السوري، وهو أمر له أهمية من الناحية النفسية أكثر من المادية.
وتعتبر شحنة الصواريخ اختبارا لعودة، أحد القادة العسكريين غير المعروفين، والذي كان من بين أوائل الضباط الذين انشقوا عن الجيش النظامي عام 2011. ومنذ انشقاقه، شارك عودة في الكثير من كبريات المعارك، كان معظمها تحت راية «كتيبة الفاروق»، التي كان ينتمي إليها قبل تشكيل حركة حزم.
بلحيته القصيرة وشعره الطويل، الذي طواه تحت غطاء رأس زيتي اللون، يذكرنا عودة بتلك النوعية من المقاتلين الذين مثلوا العدد الأكبر من قوات المعارضة قبل دخول الجهاديين الأجانب وعناصر «القاعدة» بأعداد كبيرة إلى أرض المعركة في سوريا. ويتوافق إعلان عودة عن دعمه للديمقراطية مع آراء الولايات المتحدة التي قالت إنها «تود لو أن الكثير من المقاتلين السوريين اعتنقوها».
ويقول قادة عسكريون آخرون إن «عودة اكتسب شهرة كمقاتل متمرس، وأحد الذين لم تطالهم مزاعم ارتكاب جرائم خلال الحرب، وهي المزاعم التي شوهت سمعة الكثير من المقاتلين غير الإسلاميين».
ويتحدث أبو مصطفى، أحد قادة كتائب الجيش السوري الحر والذي يقضي معظم وقته حاليا في تركيا، عن عودة قائلا، «أعتبره واحدا من أبطال المعارضة، فهو معتدل وكان من أوائل الذين انضموا إلينا، كما أنه مقاتل جيد».
وساهم وصول شحنة الأسلحة إلى أرض المعركة – كما كشفت بعض مقاطع الفيديو على موقع «يوتيوب» الشهر الماضي – في زيادة شهرة عودة.
في يناير (كانون الثاني)، شكل عودة حركة حزم برعاية المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر، بعد انفصاله عن تشكيل أكبر من المقاتلين هو «جبهة ثوار سوريا»، التي كانت توصف بأنها الأمل الجديد للاعتدال في سوريا. ويقود الجبهة زعيم بارز هو جمال معروف.
وتسبب ذلك الانفصال في حدوث بعض التوترات. يقول عودة إنه «كان غير مرتاح للفوضى التي تسود كتيبة معروف، والتي اكتسبت سمعة سيئة جراء ممارستها أعمال الابتزاز والبلطجة». ويصف عودة معروف قائلا، «جمال معروف هو أحد أمراء الحرب. إنه رجل جيد، لكنه مدني، أما نحن عسكريون».
ويصف أحد مستشاري معروف عودة بأنه مقاتل محترم، لكنه اتهمه بالسعي «لتنفيذ أجندات خارجية، وهو ما يذكر بتلك الخصومات التي من الممكن أن تنجم عن بعض الجهود الرامية لتسليح المقاتلين».
وتضم حركة حزم 5.000 مقاتل، ولهذا تعتبر من أقل جماعات المعارضة عددا، لكن عودة أشار إلى أن هدفه التركيز على بناء قوة عسكرية تتمتع بتدريب عال، مؤكدا على تجنيد الأفراد السابقين في الجيش، الذين يتمتعون بخبرة عسكرية. ويتلقى أفراد حركة حزم رواتب شهرية تصل إلى 100 دولار لكل مقاتل، توفرها الجهات الحليفة للمقاتلين، مضيفا أن 150 من أعضاء حركته تلقوا تدريبا في قطر.
واصطحب عودة الصحافية في جولة داخل المعسكر لحرصه على التأكيد على انضباط وتنظيم واعتدال الحركة التي يقودها، أملا في تلقي المزيد من المساعدات الأميركية. ويشير عودة إلى وجود عدد قليل من المقاتلين في المعسكر لأن معظم عناصر الحركة كانوا ينفذون مهاما في خطوط القتال الأمامية على بعد عشرة أميال إلى الجنوب أو أبعد من ذلك إلى الغرب، حيث انخرط المقاتلون في معركة جديدة.
ولاحت في الأفق الكثير من الإشارات بشأن تقديم مساعدات في شكل أموال أو مساعدات أخرى غير قاتلة من الجهات الحليفة – بما في ذلك الولايات المتحدة – للمقاتلين. وصرح مسؤولون أميركيون بأن حركة حزم واحدة من بين ست فصائل مقاتلة جرت الموافقة هذا العام على تلقيها مساعدات أميركية غير قاتلة، بما في ذلك مركبات وإمدادات طبية، بعد أن جرى التحقق من آرائها السياسية وقدراتها والمجموعات الأخرى المرتبطة بها.
ويقول مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، «لقد اجتازوا الاختبار».
ويلقي عودة باللوم على الولايات المتحدة وحلفائها بشأن الانتكاسات التي شهدتها قوات المعارضة، مشيرا إلى أن أميركا وحلفاءها فشلوا في توفير المساعدة للمعارضة، في حين وفر حلفاء الأسد - روسيا وإيران - الكثير من المساعدات للحكومة السورية.
يقول عودة، «أصدقاء الحكومة (السورية) أكثر إخلاصا من أصدقائنا»، ويضيف أنه «متأكد من أن حركة المعارضة المقاتلة شهدت قصورا كبيرا».
ويقول عودة: «نعاني من مرض الفوضى. لقد تعب الشعب السوري من حالة الحرب والفوضى التي تبدو عليها التشكيلات العسكرية. لقد تعبوا حقا من الحرب، وتعبوا من غياب التنظيم». وهذا ما يأمل عودة في تغييره.
ويوجه عودة حديثه إلى الصحافية قائلا: «أخبروا العالم أننا مختلفون».
* خدمة «واشنطن بوست»



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.