حملات لنزع أسلحة العراقيين لا تلقى استجابة

لا تشمل المسدسات والبنادق الخفيفة

أحد عناصر القوات الخاصة العراقية في غرب الموصل أمس (رويترز)
أحد عناصر القوات الخاصة العراقية في غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

حملات لنزع أسلحة العراقيين لا تلقى استجابة

أحد عناصر القوات الخاصة العراقية في غرب الموصل أمس (رويترز)
أحد عناصر القوات الخاصة العراقية في غرب الموصل أمس (رويترز)

أطلقت أجهزة الأمن المحلية في محافظات عراقية عدة حملات لجمع الأسلحة غير المرخصة من المواطنين، بعد إصدار رئيس الوزراء حيدر العبادي أمراً، قبل أسبوعين، بنزع أسلحة المواطنين المتوسطة والثقيلة، عقب استهداف «المنطقة الخضراء» في بغداد بصواريخ «كاتيوشا». لكنها تلقى حتى الآن استجابة محدودة، وسط توقعات بفشلها.
وأصدرت محافظات عدة تعليمات طلبت بموجبها من المواطنين تسليم أسلحتهم خلال فترة محددة، إذ دعت قيادة شرطة محافظة القادسية (180 كيلومتراً جنوب شرقي بغداد)، قاطني المحافظة إلى الإسراع بتسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة بحوزتهم. وقالت في بيان قبل يومين، إن «على كل المواطنين الذين يمتلكون أسلحة متوسطة وثقيلة تسليمها في أسرع وقت إلى أقرب مركز للشرطة ضمن الرقعة الجغرافية لمنازلهم، تنفيذاً لأمر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة». لكن قاطنين في المحافظة أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التعليمات «لم تلق استجابة تذكر من السكان».
وحذرت قيادة الشرطة في محافظة النجف (160 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة)، المواطنين من «تعرضهم للمساءلة القانونية» في حال عدم تسليم أسلحتهم خلال مدة أقصاها عشرة أيام. وأوضحت أن الأمر يشمل «تسليم المدافع ومدافع الهاون والقاذفات بمختلف أنواعها، والرشاشات الأحادية والرباعية، والأسلحة المتوسطة، والقنابل اليدوية، والأسلحة الكاتمة للصوت، والأعتدة».
وأبلغ عضو في اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى «الشرق الأوسط»، بأنها ستعقد اجتماعاً مع الجهات الأمنية الأحد المقبل، لوضع الآليات المناسبة لحملة نزع السلاح من المواطنين.
أما التعليمات التي نشرتها شرطة محافظة ذي قار (400 كيلومتر جنوب بغداد)، فأشارت إلى أنواع الأسلحة المشمولة بأمر رئيس الوزراء، وهي «قذائف الهاون بمختلف العيارات وقاذفات الصواريخ بمختلف أنواعها وأعتدتها»، مما يعني أن الأسلحة الخفيفة مثل المسدسات والبنادق غير مشمولة بالقانون.
لكن المحامي أحمد ساجت الذي يسكن مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، يرى أنه «من الصعب تطبيق تلك التعليمات رغم وجود قوانين تنظم تداول الأسلحة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إمكانية تطبيق هذا القرار تبدو مستحيلة» في ظل «رواج تجارة الأسلحة والحرب ضد (داعش)». وأعرب عن اعتقاده بأن «نزع الأسلحة من المواطنين يحتاج زمناً طويلاً يشعر معه المواطن بأن الدولة قادرة على حمايته».
ونفى عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي علمه بالأمر الصادر عن رئاسة الوزراء أو معرفته بوصول تعليمات بشأن نزع أسلحة المواطنين إلى المجلس. لكنه استبعد في حديث لـ«الشرق الأوسط» نجاح ذلك، معتبراً أن «ضعف هيبة الدولة والامتدادات العشائرية الطاغية في بغداد وفورة السلاح بعد صعود (داعش)، عوامل معرقلة». واعتبر أن وجود «جهات وجماعات مسلحة كثيرة وقوية يضعف قدرة الدولة على السيطرة على السلاح».
وفي محافظة البصرة (540 كيلومتراً جنوب بغداد)، يشكو معظم الأهالي من الانتشار المكثف للأسلحة التي تستخدم غالباً في الصدامات بين العشائر. وما زال سكان المحافظة يعانون من انتشارها، رغم الحملات التي تطلقها السلطات بين فترة وأخرى للتفتيش وجمع الأسلحة.
وكانت القوات الأميركية إبان وجودها في العراق بعد الغزو في عام 2003، تغض الطرف عن الأسلحة الخفيفة التي تجدها في منازل المواطنين أثناء عمليات الدهم والتفتيش، وتتشدد مع منازل المطلوبين لديها فقط.
ورغم سعي الدولة إلى السيطرة على عملية انتشار السلاح وسعي مجلس النواب إلى تنظيم عملية حمله من خلال تصويته على قانون «حيازة وحمل الأسلحة» قبل ستة أسابيع، فإن ذلك لم يحد من انتشار السلاح على نطاق واسع.
وترتبط عملية نزع الأسلحة بعوامل أمنية واجتماعية معقدة، إذ يكاد لا يخلو منزل في العراق من قطعة سلاح خفيف واحدة على الأقل. غير أن ما يثير قلق الدولة والمجتمع هو الانتشار المتنامي للأسلحة المتوسطة والثقيلة خصوصاً، سواء في بغداد أو في بقية المحافظات، وهو قلق تبرره الحوادث التي تحصل بانتظام، سواء على مستوى النزاعات العشائرية التي تستخدم فيها مختلف الأسلحة، أو على مستوى الخوف من الحوادث التي يسببها تخزين الذخيرة والعتاد وسط المدن بطرق غير آمنة، مثلما حدث في سبتمبر (أيلول) الماضي حين انفجر مخزن للعتاد الثقيل في حي العبيدي (شرق بغداد)، وأسفر عن مقتل وجرح العشرات، إلى جانب تدمير المنازل القريبة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.