خلافات الإسلاميين والليبراليين تهيمن على اختيار رئيس جديد للحكومة الليبية

رئيس البرلمان طلب تمديد إجازته الطبية.. والثني يطمئن على أحوال الدبلوماسيين المختطفين

خلافات الإسلاميين والليبراليين تهيمن على اختيار رئيس جديد للحكومة الليبية
TT

خلافات الإسلاميين والليبراليين تهيمن على اختيار رئيس جديد للحكومة الليبية

خلافات الإسلاميين والليبراليين تهيمن على اختيار رئيس جديد للحكومة الليبية

فيما تسيطر الصعوبات على جلسة حاسمة يعقدها أعضاء المؤتمر الوطني (البرلمان) اليوم في العاصمة الليبية طرابلس لاختيار رئيس جديد للحكومة الانتقالية من بين سبعة مرشحين، يستمر غياب رئيس البرلمان نوري أبو سهمين عن حضور الجلسات، وسط تأكيدات لمصادر ليبية عن وجود مطالبات متزايدة للأعضاء لإقالة كل أعضاء طاقم رئاسة المؤتمر، بمن فيهم أبو سهمين نفسه، وتهديدات بالانضمام إلى أعضاء آخرين لمقاطعة الجلسات المقبلة للمؤتمر.
وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة إن هناك صعوبات في حصول أي من المرشحين السبعة الذين تقدموا لشغل منصب رئاسة الوزارة الشاغر على تأييد 120 عضوا من أعضاء المؤتمر وهو النصاب القانوني الذي تنص عليه لائحة المؤتمر التي تم تغييرها أخيرا. وإذا لم ينجح أعضاء المؤتمر في حسم خلافاتهم، فإنه من المرجح أن يطلبوا رسميا من رئيس الوزراء المكلف حاليا عبد الله الثني الاستمرار في منصبه إلى حين انتخاب مجلس النواب الجديد بعد نحو أربعة أشهر.
وأوضح حميدان أن أعضاء المؤتمر منقسمين فيما بينهم على اختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة بدلا من الثني، الذي عينه المؤتمر أول الأمر رئيسا مؤقتا للحكومة، ثم طلب منه إعادة تشكيلها لكنه اعتذر بسب تعرضه لاعتداء مسلح من ميلشيات محسوبة على التيار الإسلامي. موضحا أن المؤتمر الوطني والحكومة باتا ضحية ما وصفه بـ«الصراع والتجاذبات بين الإسلاميين والتيار المدني الليبرالي»، لافتا إلى أن الإسلاميين الذين تقودهم جماعة الإخوان المسلمين عبر حزب العدالة والبناء ذراعها السياسية يريدون تغيير حكومة الثني نظرا لانسحاب كل الوزراء المحسوبين على الجماعة من الحكومة.
وكان المؤتمر الوطني أجل اختيار رئيس الحكومة الجديد إلى جلسة اليوم، وذلك لغياب النصاب القانوني من عدد الأعضاء الذين حضروا جلسة يوم الأحد الماضي. فيما أشار حميدان إلى أن ملف اختيار رئيس للحكومة أُجّل أكثر من مرة، وذلك لإتاحة الفرصة للكتل المختلفة داخل المؤتمر لدراسة الملف باستفاضة، واستعراض المرشحين والتوافق حول أحدهم.
ويأتي ذلك في وقت علمت فيه «الشرق الأوسط» أن أبو سهمين طلب رسميا تمديد فترة علاجه في الخارج، فيما قالت مصادر ليبية رفيعة المستوى إن أعضاء في المؤتمر طالبوا أول من أمس بإقالة كل أعضاء طاقم رئاسة المؤتمر بمن فيهم أبو سهمين، وهددوا بالانضمام إلى أعضاء آخرين لمقاطعة الجلسات المقبلة للمؤتمر.
وفى بيان لافت للانتباه، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية إن «الاتحاد ينفي المزاعم التي أفادت بأنه يعارض إقالة رئيس المؤتمر الوطني من منصبه»، مؤكدة في المقابل أن «الاتحاد يعلن احترامه لأي عملية تتماشى مع الإجراءات الديمقراطية والمتطلبات القانونية في ليبيا».
من جهته، كشف رئيس الحكومة الليبية المكلف عن وجود تواصل مع مختطفي السفير الأردني والدبلوماسيين التونسيين، مؤكدا أنهم يتمتعون بصحة جيدة، وأنه سيطلق سراحهم. ولم يحدد الثني موعدا للإفراج عن الدبلوماسيين العرب المخطوفين، لكنه قال في مقابلة بثتها قناة النبأ الليبية مساء أول من أمس إن «هناك مباحثات على مستوى عال، لا نريد البوح بها.. لكن نؤكد أن الدبلوماسيين الثلاثة جميعهم صحتهم بخير، وتوصلنا لمشاهدة شريط فيديو يثبت ذلك. وسيجري إطلاق سراحهم». وتابع: «نحن لا نريد استخدام القوة ضد الخاطفين»، الذين فضل ألا يحدد هويتهم، مؤكدا وجود تواصل معهم، وأنه «سيجري التوصل بالتأكيد لحلول سلمية بما يحافظ على أرواح السفير الأردني والدبلوماسيين التونسيين».
وأرجع عملية اختطاف الدبلوماسيين إلى الانفلات الأمني وكثرة انتشار السلاح، إلى جانب وجود تيارات مختلفة، لم يحددها، تعمل على وضع البلاد في منعرج خطير. مشيرا إلى أنه ليس هنالك أي رابط يتعلق بعمليات الاعتداء على السفارات في العاصمة طرابلس، وموضحا أن البعض منها جنائي بحت والآخر محاولات لممارسة ضغوط مقابل مصالح خاصة.
وتطرق الثني إلى الأوضاع الأمنية في مدينتي بنغازي ودرنة في شرق البلاد، ورأى أن الأوضاع الأمنية في بنغازي تشهد هدوءا بعد اتخاذ الكثير من الإجراءات التي تعزز الأمن بها. وفيما يتعلق بمدينة درنة التي تعد معقلا للجماعات الإسلامية المتطرفة، قال الثني: «إنها ما زالت تعاني»، وإن «المشهد الأمني في مدينة درنة لا يمكن حلّه بالقوة، لأن العدو مجهول».
وأكد الثني أنه سيواصل العمل كرئيس للحكومة التي تقوم بتسيير الأعمال إلى حين تكليف بديل من قبل المؤتمر الوطني، مشيرا إلى أنه اضطر للاعتذار عن مواصلة رئاسته للحكومة المؤقتة بعد حملة إعلامية مبرمجة وممنهجة ضده، إلى جانب تلقيه مجموعة من رسائل التهديد كان من بينها حجب البرلمان الثقة لأي حكومة يقدمها للاعتماد، إضافة إلى الاعتداء المسلح على بيته.
على صعيد آخر، أعلنت الحكومة الليبية عن إصدار وزير العدل صلاح المرغني قرارا بتشكيل لجنة حكومية تتولى التحقيق فيما إذا كانت هناك تجاوزات مالية وإدارية في بيع النفط منذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 وحتى الآن. ونص القرار على أن تتولى اللجنة التحقيق في الادعاءات بالمخالفات الإدارية للنظام القانوني للدولة أو خروقات رئيسة تتعلق بالإدارة قطاع أو عقود الاستثمار أو المشاركة في النفط بليبيا.
وعبر المرغني، في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس، عن أمله في أن يؤدي الاتفاق الخاص بفك الحصار عن الموانئ النفطية مع ما يسمى بالمكتب السياسي لإقليم برقة بزعامة إبراهيم الجضران، إلى حل للمشكلة، وإلى منع أي صراع على الموارد في ليبيا، منوها إلى أن الصراع على الموارد كثيرا ما ينقلب إلى صراع عنيف وهذا يجب ألا يقع فيه الليبيون.
ودعا المرغني إلى تجنب إراقة أي دماء ليبية من أجل الثروات، وأضاف أنه «لا مجال للقول بأن هناك أي بنود سرية أو غير سرية خارج الاتفاق الذي جرى التوصل إليه». كما أعلن انضمام متخصصين من الولايات المتحدة في جهود البحث المستمرة عن الطائرة العمودية المفقودة بخليج السدرة منذ مطلع شهر فبراير (شباط) الماضي.
وقال المرغني إن الفريق الأميركي قدم إلى ليبيا بجهود خاصة وليس بجهود حكومية، وإنه يجري الآن نقل المعدات والخبراء إلى منطقة العمليات بخليج السدرة، المنطلقة من البريقة. وفقدت الطائرة العمودية بينما كانت في رحلة عمل من ميناء السدرة بالقرب من مدينة البريقة إلى مدينة سبها وعلى متنها أربعة ضباط وضابط صف من العسكريين بسلاح الجو الليبي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.