غياب الاتصالات بين «14» و«8 آذار».. يرجح فشل البرلمان اللبناني في انتخاب الرئيس الأربعاء

مكاري لـ(«الشرق الأوسط») : حسنة التفاهم «المستبعد» على عون إلغاء دور جنبلاط

رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في صورة جماعية مع وفد من المجلس العام الماروني في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في صورة جماعية مع وفد من المجلس العام الماروني في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

غياب الاتصالات بين «14» و«8 آذار».. يرجح فشل البرلمان اللبناني في انتخاب الرئيس الأربعاء

رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في صورة جماعية مع وفد من المجلس العام الماروني في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في صورة جماعية مع وفد من المجلس العام الماروني في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

يجتمع البرلمان اللبناني غدا في محاولة ثانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، من دون أن يظهر في الأفق ما يؤشر إلى نجاح النواب في مهمتهم بسبب غياب التواصل بين فريقي «14 آذار» و«8 آذار»، اللذين يشغل كل منهما أقل من نصف مقاعد المجلس النيابي المؤلف من 128 عضوا، مما يمنح كلا منهما القدرة على تعطيل الجلسة، من دون القدرة على تأمين أكثرية تسمح بانتخاب رئيس، حتى لو تحالف أي منهما مع الكتلة الوسطية (نحو 16 نائبا).
ومبعث التشاؤم هو انقطاع تام للاتصالات بين الفريقين، مما يرجح خيار فقدان نصاب الجلسة التي يبقى فيها رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع مرشحا وحيدا لقوى «14آذار»، مقابل عدم وجود مرشح مضاد لدى فريق «8 آذار»، الذي يضم «حزب الله» وحلفاءه في البرلمان اللبناني.
وعلى الرغم من أن معلومات تداولت في بيروت عن اجتماع كان مقررا أن يعقد أمس في روما بين الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل موفدا من رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون لبحث الملف الرئاسي، إلا أن مصادر الطرفين لم تؤكد عقد الاجتماع، علما أن باسيل موجود في روما، فيما الحريري موجود في جدة، كما أشارت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط». وأكدت مصادر في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» أن «جعجع هو المرشح الوحيد لقوى «14آذار» وهي ذاهبة إلى البرلمان الأربعاء للتصويت له إذا ما توفر النصاب اللازم لعقد الجلسة».
ويتوقع مراقبون أن تذهب جلسة الغد إلى التأجيل في غياب الحوار المباشر بين الطرفين، وأشارت مصادر مواكبة للعملية إلى أن تيار «المستقبل» لم يتلق حتى الساعة أي اقتراحات تسوية بأسماء محددة، مشيرة إلى أن القرار بهذا الشأن لن يتفرد به «المستقبل»، لأنه قرار جماعي لقوى «14آذار».
وبدوره، استبعد نائب رئيس البرلمان اللبناني فريد مكاري حصول توافق بين «المستقبل» والتيار الوطني الحر يقضي بوصول ميشال عون إلى الرئاسة. مشيرا إلى أن عون ليس مرشح قوى «8 آذار» على الرغم من أنها لن تعارض انتخابه إذا ما جرى التوافق عليه، معتبرا أن «الحسنة الوحيدة لهذا التوافق هو إلغاء دور النائب وليد جنبلاط كبيضة قبان بين الأكثريتين في البرلمان»، في إشارة إلى كتلة جنبلاط البالغة 11 نائبا والتي تلعب دور المرجح في البرلمان بين الكتلتين.
وحذر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فريق «8 آذار» من «جسامة الاستمرار بهذه الحال»، معتبرا أن «الاستحقاق الرئاسي في خطر، وقد نصل إلى الفراغ، والأخطر من ذلك سنكون كمن نستجلب القوى الإقليمية والدولية إلى لبنان للضغط للوصول إلى رئيس ليس برئيس، سيمثل توازن قوى، ولن يمثل أي مصلحة لبنانية، وانطلاقا من هنا على فريق 8« آذار» أن يختار مرشحا للرئاسة وطرح برنامجه، ونذهب للجلسة ويحصل الانتخاب ومن يفوز نذهب جميعا لتهنئته ولا حل آخر سوى هذا الحل القانوني والدستوري».
ونفى جعجع فرضية سحب ترشحه قبل جلسة الأربعاء، مؤكدا الاستمرار بترشحه حتى النهاية. واعتبر أن «الفريق الآخر مصمم على تعطيل الجلسة باعتبار أنه لا يحق لأي طرف استخدام هذا الحق بطريقة عشوائية، فالورقة البيضاء ليست موضوعة لتعطيل الاستحقاق الرئاسي والانتخابات، ولكنها وللأسف، هدفت في الجلسة السابقة إلى تعطيل الانتخابات وصولا إلى المقاطعة في الدورة الثانية».
وشدد على «ضرورة احترام الغاية التي استهدفها التشريع في المادة 49 الداعية إلى انتخاب الرئيس وليس عدم انتخابه»، مشيرا إلى أن «قاعدة النصاب وضعت لتنظيم الانتخاب، ولا يمكن اتخاذ حجة النصاب حائلا قانونيا دون الانتخاب».
وردا على سؤال، نفى جعجع أن يتبنى تيار المستقبل ترشيح العماد ميشال عون مرشحا توافقيا على الرغم من اللقاء المرتقب بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل، مشيرا إلى أن هدف هذا اللقاء هو التطرق لمواضيع أخرى على بساط البحث ومجددا الترحيب بفتح قنوات الاتصال بين كل الأفرقاء.
وأضاف: «في حال قدم الفريق الآخر مرشحه، ولم ينل أي من مرشحي فريقي 8( آذار) أو (14 آذار) 65 صوتا (النصف زائد واحد)، حينها من الطبيعي أن ينسحب المرشح الثالث الذي يملك نسبة قليلة من الأصوات، لتصب هذه الأخيرة لصالح أحد المرشحين القويين، ولا أعتقد أن الفريق الوسطي (فريق جنبلاط) قدم ترشيح النائب هنري حلو من قبيل تسجيل موقف وليس بهدف التعطيل ولكن إذا ما وصلت الأمور إلى هذه الوضعية فلا يستطيع الفريق الوسطي الاستمرار على هذا المنوال».
وفي الإطار نفسه أكد حزب «الكتائب» مشاركة كتلته النيابية في الدورة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية، وفي كل الدورات اللاحقة، داعيا الأفرقاء جميعا إلى «اتخاذ القرار الواضح والصريح بالنزول إلى البرلمان والدخول إلى قاعة المجلس وتأمين النصاب وممارسة الواجب الدستوري، من دون تعريض موقع رئاسة الجمهورية لخطر الفراغ».
وفي المقابل قال عضو كتلة «حزب الله» النائب بلال فرحات إلى أن «ما نريده من رئاسة الجمهورية أن يكون للرئيس مواصفات تليق بهذا المقام لأن عليه استحقاقات وواجبات كثيرة، وكثير من المسؤوليات تجاه شعبه وتجاه ما تحقق من أجل صيانة هذا البلد، وعليه أن يصون دماء الشهداء التي نزفت على وحدة هذا الوطن وحررته من الاحتلال الإسرائيلي»، لافتا إلى أن «مواصفات الرئيس يجب أن تكون ظاهرة، وعلينا أن نعلم ماضيه وحاضره ومستقبله، وكما يحصل مع أي شخص يتقدم لوظيفة ما، عليه أن يقدم شهادة عن حياته فكيف إذن تكون الأمور في مقام رئاسة الجمهورية».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.