أنقرة غير مرتاحة لمحاولات واشنطن تحجيمها في معركة الرقة

إردوغان: اختلفنا حول المناطق الآمنة... ومنبج هدفنا

أنقرة غير مرتاحة لمحاولات واشنطن تحجيمها في معركة الرقة
TT

أنقرة غير مرتاحة لمحاولات واشنطن تحجيمها في معركة الرقة

أنقرة غير مرتاحة لمحاولات واشنطن تحجيمها في معركة الرقة

لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى استمرار الخلافات مع واشنطن بشأن مشاركة القوات الكردية في عملية منتظرة لتحرير مدينة الرقة معقل «داعش» في شمال سوريا، ما بدا أنه تباعد في المواقف بشأن المناطق الآمنة المقترحة في المنطقة، في الوقت الذي بدأت فيه عملية «درع الفرات» التي ينفذها الجيش السوري الحر بدعم من تركيا، تواجه صعوبات حقيقية ومحاولات لتحجيمها بعد أن نجحت مؤخرا في تحرير مدينة الباب في ريف حلب الشرقي من سيطرة «داعش».
وجدد الرئيس التركي استعداد بلاده للعمل مع حلفائها لاستعادة مدينة الرقة بشرط عدم مشاركة القوات الكردية في هذه العملية، وقال خلال تصريحات في «مطار أتاتورك» في إسطنبول قبيل توجهه إلى إسلام آباد في زيارة لباكستان أمس: «إذا كان حلفاؤنا صادقين حقا، فإننا نقول لهم: سنعمل معكم ما دمنا سنقوم بتطهير الرقة من (داعش) ونعيدها إلى أصحابها الأصليين... لكن تركيا لن تقاتل إلى جانب عناصر (الاتحاد الديمقراطي) و(وحدات حماية الشعب) الكردية» الذين تعدهم إرهابيين.
وقال إردوغان إن عمليات الباب «أنجزت»، «لكن هذا لا يعني أن العمل انتهى... أنقرة توصلت إلى اتفاق مع قوات التحالف على اتخاذ خطوات تتعلق بالرقة، وتتحدث مع موسكو»، لأن «تضامننا مع روسيا مهم كذلك». الحملة التركية في سوريا كلفت تنظيم داعش «ثمنا كبيرا»، وأكثر من 3 آلاف منهم قتلوا خلال العملية.
وأشار إردوغان إلى أنه أجرى مع رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار تقييما للوضع في الباب والرقة ومنبج التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، خلال لقاء معه في إسطنبول الاثنين.
وكان إردوغان استدعى كلا من وزير الدفاع فكري إيشيك ورئيس الأركان خلوصي أكار من أنقرة إلى إسطنبول، أول من أمس، وعقد لقاءين منفصلين معهما، كما التقى رئيس الوزراء بن علي يلدريم في اليوم نفسه مع رئيس الأركان بشكل مفاجئ، وسط أنباء عن استمرار الدفع بتعزيزات من القوات التركية إلى الحدود التركية - السورية.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة تشعر بعدم الارتياح للتحركات الأخيرة من جانب قوات النظام السوري والقوات الكردية في جنوب الباب ومنبج، وإن الاجتماعات التي عقدت الاثنين بين المستويين السياسي والعسكري كان الهدف منها الوقوف على الخطوة المقبلة التي قد تكون استمرار عملية «درع الفرات» وتوجهها إلى منبج لإخراج عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى شرق الفرات.
وأضافت المصادر أن أنقرة لا تشعر بالارتياح تجاه الموقف الأميركي، وأنها لا تلمس أي تغيير عن سياسة إدارة أوباما السابقة فيما يتعلق بعملية الرقة أو إخراج العناصر الكردية من منبج بموجب تعهدات أميركية سابقة، «لكنها تواصل اتصالاتها بهذا الشأن مع واشنطن، كما تستمر في التواصل مع موسكو التي دعمتها في مراحل سابقة خلال عملية الباب».
وقال إردوغان إن منبج غالبية سكانها من العرب، وإن تركيا لن تسمح بأن تسيطر عليها القوات الكردية وأن تحدث فيها تغييرات ديموغرافية بغرض إقامة ما سماه «ممراً إرهابياً» شمال سوريا.
من جانب آخر، قال إردوغان إن أنقرة وواشنطن اختلفتا في وجهات النظر حول المنطقة الآمنة شمال سوريا، وحول برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية؛ وإن الإدارة الأميركية فضلت دعم «قوات سوريا الديمقراطية» مؤكدًا أن استخدام «تنظيم إرهابي» في مواجهة تنظيم إرهابي آخر ليس حلاً منطقياً.
من جانبه، قال إلينور شفيق، كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن تركيا لن توافق على إنشاء مناطق آمنة في المناطق التابعة للأكراد في سوريا حتى لا يستخدمها المقاتلون الأكراد.
وأضاف شفيق أن «الأمر يتوقف على أين تريد إنشاء المنطقة الآمنة؛ إذا كان ذلك في الجزء الكردي، فإن الاقتراح سيكون مرفوضًا، لأنه في السابق في العراق عندما وافقنا على منطقة حظر طيران، ما حدث أن حزب العمال الكردستاني توجه إلى هناك، لأن هذه المنطقة كانت آمنة ولن يمسهم فيها أحد. ازدهر حزب العمال الكردستاني في هذه المناطق، ولا نريد أن يتكرر هذا».
وأوضح أن بلاده حصلت بالفعل على منطقة آمنة في سوريا بعمق 35 كيلومترا بطول 90 كيلومترًا على محور جرابلس - أعزاز، قائلا إن هذه المنطقة الآمنة لا أحد يستطيع الهجوم عليها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم