رئيس مجلس محافظة نينوى يشكو من إهمال بغداد للمناطق المحررة

نقص الدعم الحكومي يُنشط فرق المتطوعين الشباب لتنظيف المدينة وتوعية أهلها

متطوعون يزيلون الأنقاض من أحد شوارع الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)
متطوعون يزيلون الأنقاض من أحد شوارع الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)
TT

رئيس مجلس محافظة نينوى يشكو من إهمال بغداد للمناطق المحررة

متطوعون يزيلون الأنقاض من أحد شوارع الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)
متطوعون يزيلون الأنقاض من أحد شوارع الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)

رغم مرور نحو أربعة أشهر على تحرير أحياء الجانب الأيسر من مدينة الموصل فإنها لا تزال تعاني من انعدام الخدمات، وعدم الاستقرار الأمني، الأمر الذي جعل عملية عودة النازحين إليها خجولة، بينما يصف مجلس محافظة نينوى الحكومة العراقية بالمقصرة في أداء واجبها تجاه هذه المناطق، مؤكدة على ضرورة تدريب وتأهيل الشرطة المحلية لتكون القوة التي تمسك الأرض بعد التحرير.
وقال رئيس مجلس المحافظة، بشار كيكي، لـ«الشرق الأوسط»: «من الطبيعي أن تكون هناك عودة ونزوح في المناطق المحررة، لكن الهم الأساسي لدى المواطن هو الأمن، فالمواطن يضطر إلى ترك منزله بحثا عن الأمان، لذلك هذا العدد من النازحين العائدين مرة أخرى إلى المخيمات لا تتعلق مشكلتهم بالخدمات بل ترتبط بالاستقرار الأمني التام، لكن نسبة النزوح تختلف من منطقة لأخرى».
ويرى كيكي أن ضبط الأمن في المناطق المحررة من الموصل يكون من خلال تعزيز وتقوية دور الشرطة المحلية وتنظيم موضوع الحشود، وتقديم الخدمات، مبينا: «قدمنا كل هذه المطالب خلال المؤتمر الأول لإعمار محافظة نينوى الذي عُقد في بغداد في 9 فبراير (شباط)، ونأمل في أن تأتي هذه الجهود ثمارها قريبا». وأشار كيكي إلى أن الحكومة الاتحادية في بغداد لم توفر حتى الآن أي تخصيصات للموصل، وقال: «ما ذنبنا نحن إذا لم تخصص وزارة البلديات في الحكومة الاتحادية أجوراً يومية للعاملين، لدينا في الجانب الأيسر من الموصل 25 عاملاً فقط، ولم ندفع منذ شهرين أي أجور لهم، لأن التخصيصات ليست من قبل المحافظة بل من الوزارات».
وعما إذا كانت الاستعدادات الإنسانية لاستقبال نازحي الجانب الأيمن حسب المستوى المطلوب، بين كيكي: «الاستعدادات الجارية مقبولة إلى حد ما»، مشيرا إلى أن كل منطقة وحي يُحرر من الموصل يُصبح منفذا لخروج المدنيين المحاصرين من المدينة، كاشفا في الوقت ذاته عن تهيئة الجسور العائمة لخروج المدنيين باتجاه الجانب الأيسر، وتابع: «الوضع الأمني والميداني هو الذي سيحدد وقت تنصيب هذه الجسور».
وتنشط داخل أحياء الساحل الأيسر من مدينة الموصل عدة فرق من المتطوعين الشباب من كلا الجنسين ومن أبناء الموصل الذين يعملون يوميا وبشكل جماعي في رفع الأنقاض وتنظيف الشوارع والمباني والمدارس والمستشفيات دعماً لعودة الحياء إلى مدينتهم. وقالت الناشطة المدنية دنيا عمار، مسؤولة فريق شباب نينوى للتآخي لـ«الشرق الأوسط»: «فريقنا يتألف من أكثر من 35 شابا موصليا، وبدأنا منذ تحرير الجانب الأيسر بنشاطاتنا المستمرة ضمن شبكة منظمات المجتمع المدني في نينوى، وشملت حملة (كلنا معا من أجل موصل أجمل)، وإطلاق حملات تنظيف الشوارع والمدارس والمستشفيات والدوائر الخدمية والجوامع والكنائس، إضافة إلى تنظيم دورات توعوية مستمرة لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية؛ لتحصين أفكار التلاميذ والطلاب من التأثر بالتطرف والإرهاب، ونبذ العنف، ونشر جذور المحبة والسلام».
بدوره، قال مسؤول إعلام شبكة منظمات المجتمع المدني في محافظة نينوى: «من الحملات التي أطلقناها كانت حملة جمع الكتب للمكتبة المركزية في جامعة الموصل التي أحرقها مسلحو (داعش)، وبالفعل جمعنا الكتب، وهي الآن موجودة في الموصل، وننتظر إعادة بناء المكتبة المركزية في الجامعة من قبل الحكومة الاتحادية كي نسلمها هذه الكتب». وأضاف: «حملاتنا لتنظيف أحياء الموصل وأزقتها مستمرة يوميا. الشباب المتطوعون يعملون يوميا من الصباح الباكر وحتى المساء لتنظيف مدينتهم وجعلها أجمل». ويكشف أن الفرق المتطوعة عملت على تأهيل مجموعات أخرى من الشباب داخل المدارس كي تحمل على عاتقها توعية الآخرين من أقرانهم. وتنظم هذه الفرق حالياً دورات للإسعافات الأولية ومعالجة الجرحى إثر المعارك، حيث يشارك في هذه الدورات نحو 120 شابا موصليا، وبعد الانتهاء من الدورة التي ستستمر 12 يوما سيقسم المشاركون بعدها على شكل فرق لإغاثة الجرحى من المدنيين الذين يصابون خلال المعارك في الجانب الأيمن، وكذلك لإغاثة المرضى من النازحين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم