الشركات السعودية تنشط بقوة في سوق العقارات التركية

22 % زيادة في الأسعار بإسطنبول في يناير

تسمح الحكومة التركية لأجانب 183 دولة؛ من بينها السعودية، بتملك العقارات ومنحهم حق الإقامة (رويترز)
تسمح الحكومة التركية لأجانب 183 دولة؛ من بينها السعودية، بتملك العقارات ومنحهم حق الإقامة (رويترز)
TT

الشركات السعودية تنشط بقوة في سوق العقارات التركية

تسمح الحكومة التركية لأجانب 183 دولة؛ من بينها السعودية، بتملك العقارات ومنحهم حق الإقامة (رويترز)
تسمح الحكومة التركية لأجانب 183 دولة؛ من بينها السعودية، بتملك العقارات ومنحهم حق الإقامة (رويترز)

توقع خبراء أن تسهم زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للسعودية، التي جرت قبل نحو أسبوع، ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومباحثات رجال الأعمال الأتراك المرافقين له مع نظرائهم السعوديين، في دفع النشاط في كثير من القطاعات لا سيما العقارات والسياحة والطاقة.
وقال مصطفى كوكصو ممثل وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التركية في السعودية ومنطقة الخليج، والتابعة لمجلس الوزراء التركي، إن هناك 940 شركة سعودية تستثمر الكثير من القطاعات في تركيا يتصدرها قطاع العقارات، كما يأتي السعوديون في المرتبة الثانية في قائمة الأجانب الذين يتملكون العقارات في مختلف أنحاء تركيا بعد العراقيين.
وأوضح كوكصو أن حجم الاستثمارات السعودية في تركيا بلغ 6 مليارات دولار، وأن زيارة الرئيس التركي للسعودية ومع وفد كبير يضم رجال أعمال، ستدفع إلى المزيد من تعميق العلاقات المتنامية بين الجانبين.
ولفت إلى أن تراجع الليرة التركية في الفترة الأخيرة دفع رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين إلى التوجه نحو تركيا كونها أصبحت مركزًا استثماريًا مغريًا، كما أن الصادرات التركية أصبحت تنافس نظيرتها الصينية في السعودية ومنطقة الخليج بعد تراجع سعر صرف العملة التركية.
وفي إطار جهودها لتعزيز الاستثمارات الأجنبية، عمدت الحكومة التركية إلى إصدار قرار رسمي يمنح ميزات غير مسبوقة لشركات مقاولات سعودية عملاقة تعمل في سوق العقارات في تركيا.
وأصدر مجلس الوزراء التركي قرارًا جديدًا حظي بدعم الرئيس إردوغان، يسمح بمباشرة مجموعة «أك ذروة» العقارية التابعة لمجموعة القمم الاستثمارية السعودية، إحدى أضخم شركات المقاولات العربية، لأعمالها في مشروعات التحول العمراني في إسطنبول، كبرى المدن التركية.
وتضمن القرار الإعلان عن توصيف مجمع «نقليجيلار» السكني الضخم في إسطنبول، كمنطقة معرضة للخطر تمهيدًا لإعادة إعماره.
وكانت المجموعة السعودية اشترت العقار الضخم البالغة مساحته 156 ألف متر مربع، إضافة إلى عقار آخر في منطقة بهشلي إفلار، مقابل 500 مليون دولار، عام 2014.
ويتضمن القرار الذي أعطى الضوء الأخضر لبدء عمليات الهدم وإعادة الإعمار، ميزات للشركة السعودية؛ ومنها ميزة بيع المنازل بعد إنشائها، وكذلك منح الشركة المنفذة ميزة الإعفاء من الرسوم الضريبية، باستثناء فرض واحد في المائة كضريبة قيمة مضافة على المنازل التي ستُباع.
ويأتي القرار في إطار خطة التحول العمراني التي أطلقتها الحكومة التركية منذ عام 2012، والتي تسمح لوزارة البيئة ورئاسة إدارة الإسكان الجماعي، وضع أي قطعة أرض تحت بند «خطيرة» لتخضع لهدم ما عليها وإعادة إعماره.
قي الوقت نفسه، استفاد رجال الأعمال السعوديون من التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية لتشجيع رؤوس الأموال على الاستثمار في البلاد، من خلال سلسلة قوانين خاصة بالمستثمرين الأجانب؛ منها القانون الصادر أواخر عام 2012، الذي يتيح للأجانب تملك الأراضي والعقارات دون شرط الإقامة في البلاد.
وتسمح الحكومة التركية لأجانب 183 دولة؛ من بينها السعودية، بتملك العقارات ومنحهم حق الإقامة، بهدف استقطاب المستثمرين الراغبين في تملك العقارات في تركيا.
كما أعفت الحكومة التركية المستثمرين السعوديين من دفع رسوم ضريبية، وتدرس منحهم إقامات لمدة طويلة وإعفاءهم من تأشيرات الدخول، الأمر الذي أسهم في تدفق رؤوس الأموال السعودية إلى تركيا بشكل أكبر، والاستثمار في المجال العقاري.
ويعمل في تركيا، التي تعد من أكبر أسواق العقارات في العالم، نحو 300 شركة عقارية، برؤوس أموال سعودية من أصل 980 شركة سعودية تعمل في تركيا.
وأكد تقرير صادر عن هيئة الإحصاء التركية الرسمية مؤخرا أن المستثمرين من المملكة العربية السعودية تربّعوا على صدارة قائمة المستثمرين الأجانب في سوق العقارات التركي.
وأصدرت الحكومة التركية مؤخرا قانونا يسمح بمنح الجنسية التركية للمستثمرين ومالكي العقارات التي تصل قيمتها مليون دولار أو أكثر.
وأظهرت معطيات رسمية حديثة، أن 21 ألف أجنبي اشتروا عقارات في تركيا خلال 2016 لتستمر كواحدة من الوجهات المفضلة للمستثمرين الأجانب.
وبحسب بيانات من مديرية الطابو ومسح الأراضي، التابعة لوزارة البيئة والتخطيط العمراني التركية لعام 2016، فإن 21 ألفًا و178 أجنبيًا، تملّكوا 19 ألفًا و91 سكنًا، وألفًا و912 قطعة أرضية معدة للبناء خلال العام الماضي.
وتصدر العراقيون قائمة الأجانب الذين تملكوا عقارات وأراضي في تركيا خلال 2016، بـ3 آلاف و459 عقارا، تلاهم السعوديون بـألف و642 عقارا، واحتل الكويتيون المرتبة الثالثة بـألف و640 عقارا.
واحتل الأفغان المرتبة الرابعة بتملكهم ألفًا و518 عقارًا، تلاهم البريطانيون بألف و298 وحدة.
وأشارت المعطيات إلى أن 121 ألفًا و524 أجنبيًا وفي مقدمتهم مستثمرو دول الخليج العربي وبريطانيا، اشتروا 8 آلاف و796 قطعة أرض، و102 ألف و745 سكنًا، خلال السنوات العشر الأخيرة.
وخلال العام الماضي، حافظت إسطنبول (غرب) على كونها أكثر المناطق جذبًا للأجانب، وبيع فيها 6 آلاف و411 عقارًا، تلتها أنطاليا (جنوب) بـ4 آلاف و971 عقارًا، ثم بورصا (شمال غرب) التي بيع فيها ألف و344 عقارًا، ومن ثم أيدن (غرب) التي بيع فيها ألف و287 عقارا، ثم يالوفا (شمال غرب)، التي بيع فيها ألف و31 عقارا.
وكان سوق تملّك العقارات للأجانب في تركيا، شهد تطورا ملحوظا خلال عام 2015، خصوصا بعد تغيير قانون الملكية للأجانب عام 2012، وقد أخذ الخليجيون نصيب الأسد من تملّك العقارات والاستثمار العقاري في المحافظات التركية.
وجاء في المرتبة الأولى السعوديون، حيث سيطروا على الحصة الأكبر من تملّك الأجانب للعقارات في تركيا، بواقع 910 آلاف متر مربع، بعد أن كانوا يملكون 402 ألف متر مربع خلال العام الماضي، أي بزيادة تقدّر بأكثر من 110 في المائة، ليزيحوا بذلك الألمان الذين كانوا يتصدّرون القائمة في عام 2014.
ويتيح القانون التركي للأجانب تملّك العقارات في تركيا، سواء كان الهدف من الشراء بناء مشروع سكني أو تجاري أو سياحي أو صناعي أو مسكن أو مصنع أو محل تجاري، وجميع أنواع العقار غير المنقول، بشرط ألا يقع العقار داخل نطاق المناطق العسكرية أو في المناطق الريفية، كالقرى وما شابه، وأي أرض تابعة للحكومة التركية بشكل عام.
وكانت مبيعات العقارات للأجانب في تركيا عام 2004 بلغت 1.3 مليار دولار أميركي، لكنها ارتفعت لتصل في عام 2012 إلى 2.6 مليار دولار، وارتفعت في 2013 إلى 3 مليارات دولار، وبلغت العام الماضي نحو 5 مليارات دولار.
في سياق متصل، أعلن موقع «حريت» العقاري المعروف بأنه أكبر موقع عقارات في تركيا، نسبة الزيادة في أسعار العقارات في مدينة إسطنبول.
وكشف مؤشر العقارات بالموقع أن متوسط سعر المتر المربع في العقارات المطروحة للبيع وصل في شهر يناير (كانون الثاني) إلى 4 آلاف و491 ليرة، بزيادة بلغت 22 في المائة.
وبالنظر إلى بعض أحياء المدينة، يتبين أن «شيلا» سجل أعلى زيادة خلال العام الأخير بنسبة 26 في المائة، إذ يبلغ متوسط سعر المتر المربع في شيلا 3 آلاف و333 ليرة. وجاء أسكدار في المرتبة الثانية، بزيادة بلغت 25 في المائة، ووصل متوسط المتر المربع فيه إلى 5 آلاف ومائتي ليرة، بينما جاء سيليفري في المرتبة الثالثة بتسجيله زيادة بلغت 20 في المائة أدت إلى ارتفاع متوسط سعر المتر المربع فيه إلى ألفين و128 ليرة.
وخلال الشهر الماضي سجل حي باي أوغلو ارتفاعا في أسعار العقارات، بعدما لفت الأنظار بالتراجع المتواصل فيها، حيث ارتفع متوسط سعر المتر المربع فيه بنسبة 8.5 في المائة ليصل إلى 7 آلاف و71 ليرة. أما بيكوز فسجل زيادة بلغت 5.3 في المائة ليصل فيه متوسط سعر المتر المربع إلى 10 آلاف و178 ليرة.
وأثارت إسطنبول الانتباه خلال العام الأخير بعدم تسجيلها أي ارتفاع في أسعار العقارات داخلها، واستقر سعر المتر المربع في العقارات المطروحة للإيجار عند 12 ليرة. أما فترة سداد الدين بأكمله فبلغت 18 عاما.
وفي الوقت الذي سجلت فيه بعض أحياء المدينة تراجعا في الأسعار، ارتفعت أسعار الإيجار في كل من بيكوز وأرناؤوط كوي وأفجيلار وبيوك شكمجة، ففي بيكوز ارتفع سعر المتر المربع في العقارات المطروحة للإيجار بنسبة 12 في المائة مسجلا 25 ليرة، بينما ارتفعت في أرناؤوط كوي بنسبة 11 في المائة مسجلة 8 ليرات. أما أفجيلار وبيوك شكمجة فسجلا زيادة بلغت 11 في المائة، ليصل فيها سعر المتر المربع إلى 11 ليرة.
وتصدر حي بيرام باشا أحياء المدينة من حيث تراجع أسعار الإيجار، حيث انخفضت الأسعار داخل الحي في غضون عام واحد بنسبة 35 في المائة، ليتراجع سعر المتر المربع إلى 14 ليرة. وجاء حي ساريير في المرتبة الثانية بتراجع سعر المتر المربع إلى 14 ليرة ما يعادل 24 في المائة. وكانت المرتبة الثالثة من نصيب زيتين بورنو بتراجع الأسعار بنسبة 18 في المائة، لتصل إلى 19 ليرة للمتر المربع.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»