رئيس الوزراء المصري يفتتح مؤتمر «الإرهاب والتنمية» في جنوب سيناء... وشمالها يغلي

الجيش أعلن مقتل 6 من العناصر التكفيرية خلال حملة مداهمات

رئيس الوزراء المصري يفتتح مؤتمر «الإرهاب والتنمية» في جنوب سيناء... وشمالها يغلي
TT

رئيس الوزراء المصري يفتتح مؤتمر «الإرهاب والتنمية» في جنوب سيناء... وشمالها يغلي

رئيس الوزراء المصري يفتتح مؤتمر «الإرهاب والتنمية» في جنوب سيناء... وشمالها يغلي

افتتح شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري أمس، مؤتمر مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب حول «الإرهاب والتنمية الاجتماعية»، في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، فيما يغلي شمالها الذي يرزح منذ سنوات تحت وطأة الفقر والإرهاب. وفي معركة تدور رحاها قال مسؤول في الجيش المصري إن عناصر من الجيش والشرطة قتلت «6 من العناصر التكفيرية» خلال مداهمة أمنية بشمال سيناء.
وشهدت الأيام الماضية تطوراً نوعياً في شمال سيناء مع نزوح عشرات الأسر المسيحية من مدينة العريش كبرى مدن المحافظة، على خلفية استهدافهم من قبل تنظيم داعش المحلي.
وتدفقت الأسر المسيحية على مدينة الإسماعيلية، وثلاث محافظات أخرى، ليواجهوا مصيراً مجهولاً لكن أهالي العريش من المسلمين الذين ظلوا في المدينة ليسوا أفض حالاً.
ويشكو أهالي مدن الشيخ زويد ورفح والعريش من ضيق الحال، في ظل حظر التجوال المفروض على المدينة منذ أواخر عام 2014.
ويقول ناشط سيناوي لـ«الشرق الأوسط» إن «عدداً غير قليل من أغنياء المدينة سبقوا الأقباط وغادروا المدينة خوفاً من الفوضى التي تضرب المدينة... من وقت لآخر تسقط صواريخ مجهولة المصدر على بيوتنا... أو تكون عرضة للخطف على يد التكفيريين، أو يتصادف مرورك قرب عبوة ناسفة تستهدف قوات الأمن».
تتعدد الروايات حول صعوبة الأوضاع المعيشية والأمنية في مدن شمال سيناء التي تشهد تركزاً للتنظيمات الإرهابية، ويقول محامٍ في العريش إن «معظم السكان موظفون في الدولة، وليس لديهم مصادر أخرى للدخل، وما نسمعه عن التنمية مجرد كلام».
وأنشأت الحكومة المصرية جهاز تنمية سيناء والذي يتبع مجلس الوزراء، كما قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تخصيص 10 مليارات جنيه لتنمية شبه الجزيرة ووضعها تحت تصرف اللواء أسامة عسكر الذي تولى منذ مطلع 2015 قيادة الجيشين الثاني والثالث لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
وتحدث رئيس الوزراء أمس أمام مؤتمر الإرهاب والتنمية الاجتماعية، مشيراً إلى «جهود الحكومة المصرية للتعامل مع قضية الإرهاب، الذي أصبح متحولاً»، لافتاً إلى الحاجة إلى التصدي له بآليات مختلفة، وبخاصة منذ عام 2011.
وأوضح إسماعيل جانباً من الجهود القانونية التي بدأتها مصر لمواجهة الإرهاب، لافتاً إلى المادة 243 من الدستور المصري التي تتعامل مع الإرهاب على أنه تهديد لأمن الدولة وأمن المواطنين.
وتابع: «كما أصدرنا قانون الكيانات الإرهابية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. وأصدرنا قبله قانون مكافحة الإرهاب، الذي يجعل سياسات المكافحة عملية منضبطة وأكثر وضوحاً».
وقال رئيس الحكومة إن استراتيجية بلاده لمكافحة الإرهاب، تهتم بتحليل السياسات المتعلقة بالتعامل مع الإرهابيين أنفسهم، والسياسات الخاصة بالتعامل مع المتضررين من الإرهاب، ومن عمليات مكافحة الإرهاب، بهدف الحيلولة دون تحول هؤلاء المتضررين إلى أعضاء في جماعاتِ الإرهابيين، أو أن تتحول محال وأماكن إقامتهم إلى بيئة حاضنة لهم.
لكن مراقبين ونشطاء في سيناء يقولون إن تصريحات إسماعيل لا ظل لها على الأرض. وخلال الشهر الماضي تشكلت في مدينة العريش لجنة لقيادة حركة معارضة للممارسات الأمنية في المدينة، وتقود تلك اللجنة حالياً حركة عصيان مدني احتجاجاً على مقتل 6 من أبنائهم، يقولون إنهم كانوا محتجزين لدى الأمن، قبل أن تعلن وزارة الداخلية مقتلهم في مواجهات مع الشرطة.
وفي غضون ذلك، قال المتحدث باسم القوات المسلحة إن قوات الجيش قتلت 6 عناصر «تكفيرية» خلال مداهمة أمنية بشمال سيناء.
وأضاف المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية العقيد تامر الرفاعي، في بيان نشر عبر صفحته على «فيسبوك»، أنه «استمراراً لجهود القوات المسلحة في مداهمة وتمشيط باقي البؤر الإرهابية وملاحقة العناصر التكفيرية، قامت القوات بشمال سيناء بمداهمة عدد من البؤر الإرهابية».
وتابع: «أسفرت أعمال المداهمات عن مقتل 6 فرد تكفيري والقبض على 18 من المشتبه بهم، وتفجير مخزنين للمواد المتفجرة، واكتشاف وتدمير 8 عبوات ناسفة كانت معدة ومجهزة لاستهداف القوات».
وقال المتحدث إن «قوات إنفاذ القانون تواصل تنفيذ مهامها بكل إصرار وعزيمة لاقتلاع جذور الإرهاب والقضاء على العناصر التكفيرية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.