عملية انتحارية فاشلة تعيد الجزائر إلى أجواء «سنوات الدم»

فطنة شرطي تجنب مدينة في شرق البلاد مجزرة حقيقية

عملية انتحارية فاشلة تعيد الجزائر إلى أجواء «سنوات الدم»
TT

عملية انتحارية فاشلة تعيد الجزائر إلى أجواء «سنوات الدم»

عملية انتحارية فاشلة تعيد الجزائر إلى أجواء «سنوات الدم»

عاد هاجس العمليات الإرهابية الانتحارية، ليقض مضاجع الجزائريين إثر محاولة فاشلة لاستهداف مركز للشرطة بشرق البلاد، وقعت الليلة الماضية. فبفضل فطنة شرطي، تفادى سكان عمارة يوجد بأسفلها مركز الأمن، مذبحة حقيقية. وأسفرت العملية عن مقتل انتحاري وجرح شرطيين تصدى أحدهما له.
وقال بيان لوزارة الداخلية أمس، إن انتحارياً كان يلف وسط جسمه حزاماً من المتفجرات، حاول أول من أمس، في حدود التاسعة مساء، الدخول إلى مركز الشرطة بحي «باب القنطرة» بمدينة قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة). وكان الهدف، حسب البيان، تنفيذ عملية انتحارية، مشيراً إلى أن «المعتدي فشل في تحقيق هدفه، وذلك بفضل فطنة رجل أمن، تصدى له، مما دفع بالانتحاري إلى تفجير الحزام الناسف خارج المبنى الذي يحتضن مركز الشرطة». وأوضح البيان أن الشرطيين، اللذين أصيبا بفعل تطاير شظايا الحزام الناسف، نقلا على جناح السرعة إلى مستشفى المدينة، حيث استفادا من العلاج. وبحسب مصادر طبية، فإن إصابتيهما لا تدعو إلى القلق. وندد بيان الداخلية بـ«هذه العملية الدنيئة التي جاءت في وقت يستعد فيه الشعب الجزائري، لأداء واجبه الانتخابي من أجل تعزيز الصرح المؤسساتي للبلاد». وتابع أن العملية الانتحارية الفاشلة «لن تثني الشعب الجزائري عن التصدي لكل محاولة، تهدف إلى المساس بأمن وممتلكات الأشخاص». واللافت في البيان، أن السلطات تربط العملية التفجيرية بانتخابات البرلمان التي ستجري في مايو (أيار) المقبل. ويعني ذلك، ضمناً، أن مدبر (أو مدبري) الاعتداء يبحثون عن إفساد الاستحقاق السياسي، حسب السلطات. وتؤوي العمارة، التي وقع بأسفلها التفجير، 10 عائلات انتاب أفرادها ذعر كبير إثر سماع الانفجار. وخرج غالبية سكان البناية من شققهم إلى شوارع قسنطينة، فيما ضربت قوات الأمن المكان بحزام وتنقلت عناصر الشرطة بزيهم الأبيض إلى موقع التفجير وبدأوا التقاط بقايا الانتحاري وشظايا المتفجرات، تمهيداً لإخضاعها للتحليل وتحديد هوية الانتحاري. وأصدرت مديرية الأمن بياناً، جاء فيه أن «مصالح الشرطة متمسكة أبداً ودائماً، بحماية الوطن والمواطن من كل ما يمكن أن يخطط أو يحاك ضده». من جهته، صرح وزير الداخلية نور الدين بدوي، الذي كان لحظة الانفجار ضيفاً بالتلفزيون الحكومي يشرح التحضير للانتخابات، بأن «كل الأجهزة الأمنية مستعدة وجاهزة للتصدي لكل محاولات المساس بأمن واستقرار البلاد، خصوصاً في الظروف الراهنة». وأشار إلى أن «هذا الاعتداء يؤكد لنا أننا مستهدفون كجزائريين، من الجماعات الإرهابية التي هدفها الأساسي إعادة الجزائر إلى الوراء»، في إشارة إلى سنوات الصراع مع المتطرفين، الذي خلف في تسعينات القرن الماضي، 150 ألف قتيل بحسب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأوضح الوزير بدوي أن «مختلف المؤسسات الأمنية ساهرة ليلاً ونهاراً، للدفاع عن هذه الأرض الطيبة، وعلينا توخي الحذر لصد كل المحاولات التي هدفها زعزعة استقرار الوطن، لا سيما ونحن بصدد التحضير للعملية الانتخابية المقررة في 04 مايو المقبل».
يشار إلى أنه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل 3 مسلحين شرطياً بالرصاص في مطعم في شمال قسنطينة، في هجوم نادر في الحضر، تعتقد مصادر أن عضواً محلياً في تنظيم داعش الإرهابي، كان وراءه.
وأصبحت الهجمات والتفجيرات أقل حدوثاً في الجزائر، منذ انتهاء سنوات المواجهة المعروفة باسم «سنوات الدم»، لكن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وفصائل صغيرة من المتشددين، المتحالفين مع «داعش» ما زالوا نشطين ومعظمهم في الجبال النائية والجنوب الصحراوي. وأعلن الجيش في نهاية 2014 القضاء على عبد المالك قوري، زعيم «جند الخلافة بالجزائر» وهو تنظيم انشق عن «القاعدة»، معلناً ولاءه لـ«داعش».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.