متحف القوات الجوية الملكية البريطانية محطة ضرورية للمهتمين بالطائرات الحربية وتاريخها

يعد متحف القوات الجوية الملكية البريطانية RAF Museum بشمال لندن مكانًا هامًا للزيارة لكل مهتم بمعرفة تطور صناعة الطائرات، خصوصًا تلك التي استخدمت في الحربين العالميتين الأولى والثانية. فكما هو الحال بالنسبة لكثير من المتاحف بلندن، فالمتحف مفتوح مجانًا للجماهير سبعة أيام في الأسبوع، باستثناء بعض العطلات الرسمية مثل الكريسماس، ورأس السنة الجديدة. يضم المتحف ساحة كبيرة لانتظار السيارات إلى جواره مقابل رسم زهيد. ويمكن الوصول إلى المتحف باستخدام مترو الأنفاق حتى محطة كولينديل ثم يستقل الزائر حافلة من هناك. يعرض المتحف تاريخ القوات الجوية البريطانية وتطور صناعة الطائرات والأسلحة حتى يومنا هذا. من مزايا المتحف أنه يسمح بالاقتراب من الطائرة، وفي بعض الحالات يسمح بدخولها ومشاهدتها من الداخل.
يتكون المتحف من قسمين، الأول مخصص للطائرات التي استخدمت خلال «معركة بريطانيا» عام 1940، والقسم الثاني يغطي باقي الفترات. اندلعت معركة بريطانيا في صيف عام 1940 عندما شن سلاح الجو الألماني «لوفتواف» سلسلة من غارات القصف العنيف على لندن وجنوب شرقي إنجلترا. وكان الهدف الأساسي هو تحطيم قدرات سلاح الجو البريطاني، وعندما فشل الألمان في تحقيق هدفهم، عمدوا إلى مهاجمة لندن. ورغم أن سلاح الجو الألماني كان يفوق نظيره البريطاني عددًا، تمكن الطيارون البريطانيون من تكبيد الطيران الألماني خسائر فادحة، ومنعوهم من مواصلة غاراتهم، وكان ذلك في سبتمبر (أيلول) 1940. ويظهر قسم «معركة بريطانيا» نموذجين من الطائرات الحربية التي استخدمت في تلك الحرب، الأولي طائرة «هوريكان»، و«سبيتفاير»، والثانية كانت تتميز بسرعتها ورشاقتها في المناورة، وكانت تستخدم في المواقف التي تستلزم مواجهة نظيرتها الألمانية التي ترافق القاذفات.
ورغم أن طائرة «هوريكان» ذات إطار خشبي، فإنها تتمتع بجسم قوي، وعملية إصلاحها أسهل بكثير وأقل تكلفة، مما مثل ميزة ضخمة بالنسبة لتشغيل الطائرات في وقت الحرب الذي قد يندر فيه وجود مهندسي الإصلاح المهرة والمعدات وقطع الغيار. كذلك يعرض معرض «معركة بريطانيا» نماذج للطائرات المقاتلة الألمانية التي استخدمت في مواجهة نظيرها البريطانية «سبيتفاير» و«هوريكان»، مما يعطي المجال للزائر للطواف حولهم والمقارنة بينهم.
وفي القاعة الأخرى، يستطيع الزائر مشاهدة أربع قاذفات ماركة «لانشستر» استخدمت في الحرب العالمية الثانية لشن غارت جوية بعيدة المدى على ألمانيا. كانت الطائرة قاذفة القنابل تطير فقط في الليل، ولذلك فهي مطلية باللون الأسود للتمويه، مما أعطى الطائرة مظهرًا مشئومًا. ويضم المعرض أيضًا تفاصيل عن الغارات الجوية التي شنت في مايو (أيار) عام 1943 عندما طارت 19 طائرة طراز «لانشستر» على ارتفاع منخفض لتفادي رادار العدو، وهاجمت ثلاثة سدود في ألمانيا، انهار سدان منهما ليتسبب الانهيار في فيضانات كاسحة نتج عنها تدمير محطات كهرومائية، مما أدى إلى تعطل المصانع والمناجم في المناطق المحيطة عن العمل لشهور. ولسوء الحظ، قتل نحو 600 مدني وألف عامل سوفياتي نتيجة للقصف.
من ضمن المعروضات قارب طائر طراز «ساندرلاند» يعمل بأربعة محركات لكن لم يكن به عجلات للهبوط، حيث إنه يهبط ويطير من فوق سطح الماء. وكان لهذه الطائرة فائدة كبيرة، حيث كانت تستخدم في التقاط الطيارين الذين أسقطت طائراتهم في الماء ويحتاجون إلى من ينقذهم. وكان لتلك الطائرات مجال طيران كبير، وكانت تستخدم في حماية الأساطيل البحرية عن طريق رصد ومهاجمة غواصات العدو، ولذلك فالتجول بداخلها ممتع للغاية. يستطيع الزائر أن يقضي أغلب ساعات النهار متجولاً في متحف سلاح الجو البريطاني.