القوات العراقية تسعى لتأمين جسر بين شطري الموصل

فككت عجلة مفخخة لـ {داعش} محملة بغاز سام

مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)
مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تسعى لتأمين جسر بين شطري الموصل

مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)
مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)

تسعى القوات العراقية في الجانب الغربي من الموصل لإقامة جسر حيوي فوق نهر دجلة للتواصل مع الجانب الشرقي الذي استعادته الشهر الماضي، بهدف زيادة الضغوط والإسراع باستعادة كامل المدينة. وتمكنت القوات بعد أسبوع من المواجهات التي تخوضها في إطار معركة استعادة الجانب الغربي من الموصل، حيث ينتشر نحو ألفي متطرف ويوجد قرابة 750 ألف مدني، من تحقيق تقدم.
لكن بعد أن حققت هذه القوات تقدماً سهلاً في مناطق على أطراف الموصل، تواجه الآن مقاومة شرسة من تنظيم داعش الذي يدافع عن آخر أكبر معاقله في العراق. وأشار ضابط في قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية، إلى توجه قوة إلى الجسر الرابع، أحد خمسة جسور رئيسية تربط جانبي مدينة الموصل. وقال العقيد فلاح الوبدان لوكالة الصحافة الفرنسية من حي الجوسق في غرب المدينة: «لدينا عملية مهمة هذا الصباح، التقدم باتجاه الجسر». وأضاف: «اجتزنا ساتراً كبيراً تحته أنفاق شيدها (داعش)»، مشيراً إلى أن المنطقة «كانت مليئة بالألغام وقواتنا قتلت 44 متطرفا الأحد».
ويرى الضابط أن تأمين ضفة النهر قرب الجسر الرابع يسمح لوحدات الهندسة بتركيب جسر حتى الجانب الآخر، ما سيمكن قواته من زيادة الضغوط على المتشددين. وقال الوبدان: «هذا مهم جداً؛ لأنه إذا سيطرنا على منطقة الجسر، فالوحدة الهندسية (...) ستكون قادرة على تركيب جسر انطلاقاً من الجانب الشرقي لنتمكن من نقل الإمدادات والذخيرة إلى ميدان المعركة».
وتركيب جسر تحت مرمى النيران عملية معقدة وخطرة، لكن القوات العراقية تلقت تدريبات من الأميركيين، ونجحت في استخدام هذه الاستراتيجية في معارك ضد «داعش» سابقاً، ومنها معركة تحرير الرمادي.
وأعلنت قوات الشرطة الاتحادية أمس أنها فككت عجلة مفخخة تابعة لتنظيم داعش محملة بغاز سام. وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت مفارز الإسناد الكيماوي التابعة للشرطة الاتحادية من تفكيك عجلة مفخخة تابعة لتنظيم داعش مزودة بأسطوانة كبيره سعة 1000 لتر تحوي غازاً ساماً، عثر عليها قرب مطار الموصل». كما حرر مقاتلو فرقة النخبة التابعة للشرطة الاتحادية أمس 10 عوائل كان التنظيم يحتجزها «داعش» كدروع بشرية في حي الطيران. وقتلت نحو 15 إرهابياً، وألقت القبض على 3 إرهابيين من العرب غير العراقيين. وبين الفريق جودت أن قواته أنقذت 25 عائلة من تنظيم داعش في حي الجوسق ونقلتهم إلى مخيمات النازحين.
إلى ذلك، قال النقيب علي يوسف، الضابط في قوات المغاوير، إن التنظيم «دفع بعدد كبير من الانتحاريين باتجاهنا أثناء تطهير حي الطيران، لأن وصولنا إلى منطقة الدواسة يعني أننا سيطرنا على مركز المدينة؛ لأن هذا الحي يحتضن مبنى محافظة نينوى والدوائر الحكومية الأخرى وهو مجاورة للمدينة القديمة، ودخولنا إلى مركز المدينة يعني انهيار (داعش) في كل مناطق الجانب الأيمن».
وساهمت طائرات التحالف الدولي والقوة الجوية العراقية ومروحيات الجيش في ضرب مواقع ومقرات «داعش»، وتدمير عجلاته المفخخة التي تشكل، إلى جانب العبوات الناسفة، أبرز العوائق أمام تقدم سريع للقوات الأمنية باتجاه مركز الموصل.
في غضون ذلك، وصل الآلاف من النازحين الموصليين من سكان الأحياء الأولى الهاربين من المعارك إلى مخيمات جنوب الموصل، وكشفت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن استقبالها لـ2380 نازحاً خلال الـ24 ساعة الماضية.
ونقل بيان عن وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد الجاف، أن الفرق الميدانية التابعة للوزارة استقبلت النازحين المقبلين من حي المأمون في مخيمي الجدعة الرابع، ومدرج المطار، التابعين لناحية القيارة جنوب الموصل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.