الإدارة الأميركية تتخذ موقفاً متشدداً من العيسمي

ترمب يتهم نائب الرئيس الفنزويلي بالاتجار في المخدرات

الرئيس الفنزويلي (يمين) مصافحا العيسمي في القصر الرئاسي بعد مطالبته أميركا بتقديم اعتذار لنائبه ورفع العقوبات عنه (إ.ب.أ)
الرئيس الفنزويلي (يمين) مصافحا العيسمي في القصر الرئاسي بعد مطالبته أميركا بتقديم اعتذار لنائبه ورفع العقوبات عنه (إ.ب.أ)
TT

الإدارة الأميركية تتخذ موقفاً متشدداً من العيسمي

الرئيس الفنزويلي (يمين) مصافحا العيسمي في القصر الرئاسي بعد مطالبته أميركا بتقديم اعتذار لنائبه ورفع العقوبات عنه (إ.ب.أ)
الرئيس الفنزويلي (يمين) مصافحا العيسمي في القصر الرئاسي بعد مطالبته أميركا بتقديم اعتذار لنائبه ورفع العقوبات عنه (إ.ب.أ)

تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن فنزويلا لديها مشكلة أثناء استقباله لرئيس بيرو فتحت باب الجدل حول العلاقات المستقبلية بين البلدين وتحديدا التحديات التي تواجه العلاقة بين البلدين.
يعد منح طارق العيسمي، نائب الرئيس الفنزويلي، صلاحيات وسلطات رئاسية لا تقل عن خمس عشرة صلاحية، أمراً على قدر كبير من الأهمية لفت الأنظار إلى فنزويلا ورفع سقف التكهنات حول مستقبل البلاد بعد الرئيس الحالي مادورو.
مشاركة العيسمي للرئيس مادورو مهام متفردة، ووصول السلطة إلى يدي هذا الرجل في غضون أسابيع قليلة؛ جعلت منه الشخص الوحيد الذي يمكن استدعاؤه ليحل محل الرئيس في حالة غيابه إما بالتنحي خلال هذا العام أو في حال انعقاد الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقد بدأ الصعود القوي للعيسمي البالغ من العمر 42 عاماً داخل صفوف حركة تشافيز الحركة التي حوّلت دولة فنزويلا، من دولة ثرية في الماضي، إلى دولة غارقة في الأزمات بكافة أنواعها وأشكالها. ويُعرف العيسمي في البلاد بطبيعته الراديكالية المتطرفة التي لا تسمح بأي حلول وسط، أو مساومات، أو مواءمات؛ وهو في الواقع يعرّف نفسه في حسابه الشخصي على موقع «تويتر» بأنه «تشافيزي متطرف». يرتدي الملابس الرياضية في بعض الصور التي يظهر تماما كما كان يفعل الرئيس السابق هوغو تشافيز، الذي كان يشتهر بارتداء الملابس الرياضية بألوان العلم الوطني للبلاد.
ومن بين المهام الوظيفية الرسمية للعيسمي، الذي أصبح نائبا للرئيس في الأيام الأولى من عام 2017. حماية البلاد من أي انقلاب ضد النظام، والذي يعد من مخاوف نظام الحكم في البلاد. ومن بين الأهداف الأخرى، التي يسعى لتحقيقها، إصدار مراسيم وقرارات تتعلق بعمل تحويلات في الموازنة، ومصادرة أملاك، وتعيين نواب الوزراء، وغيرهم من المسؤولين. وتسمح له سلطة التعيين بإنشاء شبكة قوية من الحلفاء.
وبحسب جون ماغدلينو، المحلل السياسي الفنزويلي، الصلاحيات الممنوحة للعيسمي، والتي تشمل صلاحيات اقتصادية ومالية: «ليست قراراً اعتباطياً أو من قبيل المصادفة، فهي تمثل مشاركة في المسؤولية تجاه هذه الأمور الموكلة للرئيس، وتعد أيضاً بمثابة اختبار من مادورو ليعرف ما إذا كان من الممكن أن يصبح نائب الرئيس مرشحاً قويا خلال الانتخابات الرئاسية عام 2018».
العيسمي الذي أصبح محل ثقة للرئيس الحالي، والذي يرى أنه كان واحدا من المفضلين للرئيس الراحل هوغو تشافيز، وربما لعلاقته الوطيدة التي كانت تربطه بتشافيز، ينظر إليه كخليفة للرئيس الحالي، وإن كان أكثر تطرفاً، وأقل احتراماً لخصومه، أو أقل رغبة في التوصل لحلول وسط. ويوضح ماغدلينو أن هذا التوجه في حركة تشافيز «يمثل الجناح المدني الراديكالي المتطرف».
من جهة أخرى ترى مكونات في المجتمع الدولي أن هناك ما يدعو للقلق أن يصبح العيسمي الرئيس الفنزويلي الجديد بعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها العام المقبل، أو قبل ذلك في حالة انسحاب أو غياب الرئيس الحالي نيكولاس مادورو. وتنبع المخاوف من الاتهامات الخطيرة، التي تشير إلى تورط نائب الرئيس في تهريب المخدرات، وكذا من الصلات المزعومة التي تربطه بتنظيم «حزب الله». وقد يكون بعض أفراد هذا التنظيم قد حصلوا على جوازات سفر، وأوراق إثبات هوية فنزويلية تمكّنهم من السفر بشكل أسهل دون التعرض لمخاطر.
ويوضح جوزيف أوميري، الخبير الأمني، مدير مركز «من أجل مجتمع حر»، والذي حقق في أعمال «حزب الله» في أميركا اللاتينية إلى «الشرق الأوسط»، أن العيسمي وعائلته قد أقاموا إمبراطورية اقتصادية فيما يتعلق بتهريب المخدرات، وأشار أوميري أن صلاته تستند مع عالم تهريب المخدرات إلى المتمردين الكولومبيين في القوات المسلحة الثورية الكولومبية، و«حزب الله». ويعمل العيسمي عن كثب مع الجنرال هوغو كارباخال، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، والذي يعرف بأنه يضطلع بدور الوسيط السابق لدى القوات المسلحة الثورية الكولومبية.
وكانت اتهمت الولايات المتحدة في مايو (أيار) 2013. عبر المحامي العام لدائرة فلوريدا في الولايات المتحدة كارباخال بتهمة تهريب كوكايين. وفي يوليو (تموز) 2014. اعتقلت السلطات الهولندية كارباخال على جزيرة أروبا في البحر الكاريبي، وبعد إطلاق سراحه، ذهب العيسمي شخصياً لتحيته في المطار بعد وصوله إلى فنزويلا، مما يشير إلى العلاقة القوية بشخص صنفته وزارة الخزانة الأميركية «كزعيم» للمخدرات منذ عام 2008.
ويشير أوميري إلى أنه من غير الواضح من هو حلقة الوصل الأساسية التي تربط العيسمي بـ«حزب الله»، لكن في الوقت الذي كان يشغل فيه منصب وزير الداخلية، كانت تربطه علاقة وطيدة بعناصر «حزب الله» في فنزويلا.
ويقول المحلل السياسي جون ماغدانيليو لـ«الشرق الأوسط» إن التوجهات السياسية للعيسمي عندما كان طالبا أثارت الجدل وبدأت علاقته القوية بهوغو تشافيز خلال سنوات تعليمه في الجامعة، وكان ذلك من خلال معرفته بشقيق الرئيس الراحل تشافيز الذي كان معلماً له، وهو ما أوصله إلى السلطة، وسمح له بالترقي في المناصب بحركة تشافيز سريعاً.
وتم انتخابه عضواً في مجلس الشعب خلال عام 2015؛ وخلال الفترة بين 2007 و2008، شغل منصب نائب وزير لشؤون أمن المواطن، ثم قام تشافيز بتعيينه وزيرا للداخلية والعدل. وتم انتخاب العيسمي في عام 2012 ليكون حاكم ولاية أراغوا، وهو المنصب الذي كان يشغله حين صدر قرار بتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية.
ويرث العيسمي من والده زيدان الأمين الأصول السورية، كما ورث منه شغفه بالسياسة. وكان من المعروف عن والد نائب الرئيس تعاطفه مع الحركات اليسارية في البلاد، حتى أنه تم اعتقاله في 4 فبراير (شباط) عام 1992 حين حاول هوغو تشافيز، الذي كان ملازم أول آنذاك، القيام بانقلاب ضد الرئيس كارلوس أندريس بيريز. وفي النهاية استسلم تشافيز، ومن تلك النقطة بدأ حملته السياسية التي صعدت به بعد ذلك ببضع سنوات إلى سدة الحكم. ويشاع في فنزويلا أن والد طارق كان مدير ملف فنزويلا في حزب البعث العراقي، وهو ما مثل بداية علاقته المزعومة بتلك الدول. إلى جانب قناعاته السياسية، كانت طبيعته المزاجية راديكالية متطرفة، خاصة حين يتم توجيهها ضد خصومه.
ويذكر أليخاندرو ليدو، مصور شاب كان عضو في فريق الصحافة في الولاية التي كان العيسمي حاكماً لها، في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط»، أنه كان على وشك أن يلقى حتفه على أيدي جماعة من أتباع العيسمي، يزيد عدد أفرادها على خمسين شخصا، وذلك بأمر من طارق العيسمي في يونيو (حزيران) 2015.
ويقول إن هذا كان بسبب عمله في التقاط الصور الفوتوغرافية وعمل مقاطع مصورة لصالح خصومه السياسيين. كذلك أوضح أنه في عام 2015 وفي خضم احتجاج نظمه عمال في المجلس المحلي للولاية، قام هو وصحافي آخر بتصوير مقطع مصور للمظاهرة، وتلقيا تهديدات بسبب ذلك وبعد ذلك بدقائق قليلة اقتحمت الحشود المؤيدة للحكومة مكتب رئيس البلدية، وتم ضرب أليخاندرو ثم إلقاؤه من الطابق الثاني مما أدى إلى إصابة في المخ لا يزال أثرها على صحته باقياً. وكانت نتيجة التحقيق في هذا الهجوم شروعا في قتل، لكن الشرطة «استغرقت نحو عامين في التحقيق».
ويتذكر أليخاندرو أن تلك لم تكن المرة الوحيدة التي يتم اضطهاده فيها من جانب العيسمي، حيث يشير إلى أنه تم اعتقاله على أيدي أجهزة الاستخبارات في فنزويلا خلال عام 2014 «أثناء تصوير فيلم». وتم سجنه لمدة خمسة أشهر، لكن في الواقع صدر حكم ضده بالحبس لمدة خمس سنوات.
ومع توسيع نطاق نفوذ العيسمي مؤخرا يفتح الباب أمام واحد من أكثر الرجال نفوذاً من حركة تشافيز، والذي لديه حظوظ كبيرة ليصبح الرئيس القادم لفنزويلا.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.