رضا لاري... أربعون عامًا من الكتابة العميقة

كتاب يرصد سيرة الصحافي السعودي الراحل

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

رضا لاري... أربعون عامًا من الكتابة العميقة

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

في الثالث عشر من سبتمبر (أيلول) 2013، أسلم الكاتب السعودي رضا لاري الروح، عن عمر ناهز 76 عامًا، قضى منه أكثر من 45 عامًا كاتبًا صحافيًا لامعًا، كتب في السياسة والاقتصاد والاجتماعيات، كان هاجسه الأول شباب بلاده من الجنسين، وضرورة تحصينهم من التغريب والتطرف دينيًا وأخلاقيًا.
بعد ثلاث سنوات، يعود عثمان جمعان الغامدي ليضيء جوانب أخرى من شخصيته في كتابه «رضا محمد لاري... بين قوسين»، ابتداء من طفولته مدينة جدة الساحلية، التي ولد فيها 1938، وكانت حينها تلوح طلائع التغيرّات الاقتصادية للمملكة العربية السعودية منبئة بمستقبل متغير، ونمط حياة مختلف.
تحدث الكتاب، الذي صدر من دار «جداول للنشر والتوزيع» عن بدايات رضا لاري وتلقيه وإخوته العلم في «كتاب» الشيخ علي هلال «سالكًا إليه أزقة حارة الشام»، وظل يتردد عليه، حتى أتم حفظ جزأَيْ «عمّ» و«تبارك»، «فإذا به يسعد كما سعد المنتسبون للكتاتيب من احتفالات تلت الحفظ أعدتها أسرته»، كما سعد بعدها بالسفر للقاهر على متن «الداكوتا» مع أشقائه، لينخرط في مدرسة «فيكتوريا كولج»، التي استمر بها حتى الصف الأول ثانوي، وعندما عاد إلى وطنه السعودية قرر عدم العودة لمصر لاستكمال الدراسة، مفضلاً العمل في وزارة التجارة، بيد أنه واصل دارسته بإحدى المدارس الليلية حتى حصل على الشهادة الثانوية، عاد بعدها إلى مصر ليدرس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حتى تخرج فيها لاحقًا في منتصف الستينات الميلادية ليلتحق بوزارة الخارجية ومحطاتها الثلاث؛ جدة، ومدريد، ودكار الأفريقية. بدأت علاقة الراحل بالصحافة في منتصف السبعينات الميلادية عندما أنهى عمله الدبلوماسي واتجه للترجمة بحكم إجادته للإنجليزية والفرنسية إضافة للإسبانية، فكانت محطته الأولى «عكاظ»، التي كان يرأس تحريرها صديقه الراحل عبد الله الجفري، حتى تم ترشيحه لاحقًا لإدارتها، ويقول: «وجدت نفسي مرشحًا لرئاسة تحريرها، وتحول هذا الترشيح بقدرة قادر، إلى حقيقة واقعة». كان رضا يمثل لـ«عكاظ» قاموسًا متعدد اللغات، بحكم أجادته لعدة لغات حية، إضافة لامتلاكه حصيلة سياسية واقتصادية جمة ناتجة عن دراسته الجامعية، مما أهله «عن جدارة» للترشح لرئاسة تحرير «عكاظ» التي كان التنافس حادًا بينها وبين «الرياض»، و«الجزيرة». وكانت البلاد حينها تعيش في عصر الطفرة، وفي ذلك الوقت صدرت الأعداد الأولى من صحيفة «عرب نيوز» التي تُعّدّ التجربة الأولى للصحافة السعودية باللغة الإنجليزية، التي وجدت لها لاحقًا صحيفة منافسة «عرب جازيت»، صادرة من مؤسسة «عكاظ»، واختير لاري رئيسًا لتحريرها.
استعانت «سعودي جازي» ببيت خبرة ألماني (إفرا) لدراسة وضعها، وعندما عاد الخبير الألماني الذي يتقن الإنجليزية، إلى بلاده، كتب تقريرًا يؤكد أن «(سعودي جازيت) لا تختلف شكلاً أو مضمونًا عن أي صحيفة عالمية تصدر باللغة الإنجليزية».
كان رضا لاري من أشد المعارضين لتحويل مقالات الكتاب وجمعها في كتب، فقد سُئِل يومًا عن عدم طرح مقالاته ونشرها في كتب، فقال: «لن تروا مقالاتي في كتاب، لأن إيماني بأن الكتاب له مواصفات في الكتابة، ومعايير في الطرح تختلف تمامًا عن مواصفات وكتابة المقالات في الصحف». في المجمل تُصنَّف مقالات لاري في كثير من الصحف التي كتب فيها بأنها سياسية، ترتبط في الغالب «قراءة وتحليلاً» بالحدث السياسي والأوضاع الدولية، لذا كانت تحليلاته السياسية عميقة ودقيقة، استطاعت توصيل القارئ إلى نتائج واقعية.
تناول أيضًا الكتابة عن شخصيات سياسية، مثل ياسر عرفات ورابين وحافظ الأسد، وغيرهم، كما كتب عن ألاعيب السياسية الأميركية، وعن التحولات والمواقف السياسية وعلاقات دول الشرق الأوسط في تلك المرحلة.
تخصص في كتابة المقالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فكتب في «عكاظ»، و«المدينة»، و«البلاد»، و«الشرق الأوسط»، و«الرياض»، لازمتها فترة بيات شتوي غير قصير، بيد أنه في مرحلة لاحقة بعقد من الزمان وقبل وفاته، عاد للكتابة في جريدتي «الرياض» و«المدينة»، حيث نعى كثيرًا من أصدقائه وزملائه، فكتب عن أصفيائه وزملاء دراسته الذين رحلوا عن الدنيا، مثل: عدنان سمان، ويوسف ناغي، ويوسف الخريجي، كما نعى قامات أخرى من أمثال: ضياء عزيز، ود. محمد عبده يماني، وعمر كردي، ود. عصام قدس، وعلي حسين شبكشي، وابنة عمه سميرة لاري، والشاعر العربي السوري نزار قباني. يشير الكتاب، الذي صدر في أكثر من 200 صفحة، إلى أن لاري قضى 48 عامًا من عمره في الكتابة، كتب في كل شيء تسمح به معرفته واطلاعه وثقافته، «فما ترك موضوعًا ما يمس حياة الناس، إلا وكتب فيه، وما تخلف عن مناسبة دولية أو عالمية أو محلية، إلا وشارك فيها بقلمه». وأدرج الغامدي في كتابه، مختارات من مقالات لاري الإنسانية والوجدانية، التي بدأها بمقال له يرثي فيه الكاتب السعودي الكبير أحمد قنديل، ثم يعود الغامدي متحدثًا عن شخصية الراحل رضا لاري، فيؤكد أنها كانت «تكتنز بديهة حاضرة سريعة، وظرفًا في كلامه وسلوكه، مع سعة الاطلاع وتعدد القراءة والثقافة»، وأن جلساته كانت «لا تخلو من البهجة والتجدد، كما لا تخلو من المعلومة والمعرفة والحكاية والتحليل».
في ختام الإصدار، نجد نصيحة ذهبية من الراحل بضرورة القراءة، تضمنها مقال بعنوان «أنتم لا تقرأون»، يؤكد أن القراءة «مسلك تربوي وحياتي، يبدأ من البيت، وتنميه المدرسة، ويؤصله الإنسان في ذاته عبر سنواته المختلفة، لتصبح صفة من صفاته لا يستطيع التخلص منها، وليست هواية أو عادة يبدلها مع مواسم الموضة».



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.