البرلمان التونسي يقرر مساءلة حكومة يوسف الشاهد

جلسة تناقش الفساد في القطاع العام والصحة والتعليم والقطاع البنكي

البرلمان التونسي يقرر مساءلة حكومة يوسف الشاهد
TT

البرلمان التونسي يقرر مساءلة حكومة يوسف الشاهد

البرلمان التونسي يقرر مساءلة حكومة يوسف الشاهد

دعا محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي، إلى عقد جلسة عامة للحوار مع حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد، يومي 28 من فبراير (شباط) الحالي والأول من مارس (آذار) المقبل، وذلك في إطار الوظيفة الرقابية التي يقوم بها البرلمان على أداء الحكومة.
ومن المنتظر أن يحضر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة مع كامل الفريق الحكومي الجلسة البرلمانية، حسب ما ينص عليه الدستور والنظام الداخلي للبرلمان، إذ ينص الفصل 95 من الدستور على أن الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب، الذي يمتلك حق تنظيم جلسات برلمانية للوقوف على مدى التزام الحكومة بتطبيق برامجها في كل المجالات.
ويصادف هذا التاريخ مرور نحو ستة أشهر على تولي يوسف الشاهد رئاسة حكومة الوحدة الوطنية، خلفا لحكومة الحبيب الصيد إثر سحب البرلمان الثقة منها.
وبخصوص هذه الجلسة البرلمانية قال حسان الفتحلي، المكلف بالإعلام في البرلمان، إن نواب المجلس النيابي (البرلمان) سيوجهون أسئلة مباشرة إلى رئيس الحكومة، وإلى أعضائها كافة حول عدة قضايا اقتصادية وأمنية وسياسية، تتعلق بملفات الفساد في القطاع العام، وفي مجال الصحة والتعليم والقطاع البنكي. وتنعقد أول جلسة حوار مع الحكومة منذ توليها السلطة بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، في ظل تقلبات شهدها المشهد السياسي داخل البرلمان، وفي وقت تقلص فيه عدد النواب الداعمين للحكومة من 180 خلال جلسة التصويت لنيل الثقة، إلى أقل من 140 نائبا بعد انضمام نحو 40 نائبا إلى صفوف المعارضة البرلمانية (كتلة الحرة ونواب حزب الاتحاد الوطني الحر).
وكان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الحليف الأساسي لحزب النداء في الائتلاف الحاكم، قد دعا التونسيين إلى انتظار مرور ستة أشهر للحكم على أداء الحكومة وتقييم أدائها، ومعرفة مدى تنفيذها لما تضمنته «وثيقة قرطاج» من أولويات، وفي مقدمتها مقاومة الغلاء والفساد والإرهاب.
وخلال الفترة الأخيرة، تلقى مكتب البرلمان التونسي مجموعة من الأسئلة الشفوية الموجهة لعدد من أعضاء الحكومة، انسجاما مع وظيفته الرقابية على عمل الحكومة، ووجهت تلك الأسئلة إلى عدد كبير من أعضاء الحكومة، ومن بينهم وزراء الداخلية والتكوين المهني والتشغيل، والاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، والشؤون الخارجية، والتجهيز والإسكان، والفلاحة، والموارد المائية، والصناعة والتجارة، والمرأة والأسرة والطفولة، إضافة إلى وزيرة السياحة ووزيرة الشباب والرياضة.
وعلى خلفية هذه التساؤلات الملحة التي وجهها البرلمان إلى الحكومة، دعا محمد الناصر، رئيس البرلمان، إلى جلسة عامة مع الحكومة بجميع أعضائها للتطرق إلى الوضع العام في البلاد، في ظل تململ اجتماعي في عدد من الجهات نتيجة غياب التنمية والتشغيل.
ويرى مراقبون أن هذا الوضع يجسد توسع دائرة غضب أعضاء البرلمان على الحكومة التي يرأسها يوسف الشاهد، مما ينذر وفق متابعين للعلاقة التي تربط الطرفين، بحصول صدام وشيك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إضافة إلى تزايد غضب النواب من مختلف الكتل البرلمانية (من الائتلاف الحاكم والمعارضة) بسبب ما سموه «تجاوز حكومة الوحدة الوطنية لقواعد الاحترام المتبادل الذي بنيت عليه العلاقة بين المؤسستين السياديتين، ومحاولات تجاوز السلطة الأولى (التشريعية) في البلاد».
وفي هذا الصدد، قالت سامية عبو، نائبة عن التيار الديمقراطي المعارض، أمام أعضاء البرلمان، إن «يوسف الشاهد لم يحقق أيًا من الوعود التي أعلنها أمام البرلمان خلال توليه مهام رئاسة الحكومة»، مؤكدة أن رئيس الحكومة «ما انفك يبعث برسائل سلبية عكس ما تعهد به، حيث وعد بمكافحة الفساد ومحاربة لوبيات الفساد، لكن النتائج لا تزال غير معروفة على وجه الدقة، كما أعلن حرصه على دعم الحريات والشفافية، لكنه أصدر منشورًا للتضييق على الحريات، لذلك لا بد من مساءلته أمام البرلمان للوقوف على استراتيجيته المستقبلية وطمأنة التونسيين على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية».
على صعيد غير متصل، تضمن الفصل 35 من القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، الذي صادق عليه البرلمان يوم الأربعاء، منح «مكافأة مالية للمبلغين الذين أدى إبلاغهم إلى الحيلولة دون ارتكاب أي من جرائم الفساد في القطاع العام أو إلى اكتشافها، أو اكتشاف مرتكبيها أو بعضهم، أو استرداد الأموال المتأتية منها» وقدر حجم هذه المكافأة بنسبة 5 في المائة من قيمة المبالغ المسترجعة نتيجة التبليغ، أو خمسة آلاف دينار تونسي (نحو ألفي دولار) في الحالات الأخرى، ويتم إسنادها بمقتضى قرار من وزارة المالية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.