{جنيف 4}: المسائل الإجرائية طغت على التحركات مع قبول النظام والمعارضة الجلوس معاً

بانتظار تلقي دي ميستورا ردود الوفود السورية على «ورقته»

وفد المعارضة السورية إلى {جنيف 4} خلال المؤتمر الصحافي أمس (رويترز)
وفد المعارضة السورية إلى {جنيف 4} خلال المؤتمر الصحافي أمس (رويترز)
TT

{جنيف 4}: المسائل الإجرائية طغت على التحركات مع قبول النظام والمعارضة الجلوس معاً

وفد المعارضة السورية إلى {جنيف 4} خلال المؤتمر الصحافي أمس (رويترز)
وفد المعارضة السورية إلى {جنيف 4} خلال المؤتمر الصحافي أمس (رويترز)

ما زالت الجولة الراهنة من المباحثات السورية المنعقدة في جنيف، بسويسرا، تدور على المسائل الإجرائية والتحضيرية للمفاوضات المفترض أن تنطلق حقيقة بعد أن يتلقى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ردودا على «الورقة» التي سلمها أمس إلى الوفود السورية. وأمس، التقى منها ظهرا ومساء وفدي النظام و«الهيئة العليا للمفاوضات». وربما تكون النتيجة «العملية» الوحيدة التي حصل عليها دي ميستورا هي أن الوفدين المشار إليهما أعربا عن «استعدادهما» للوجود في الغرفة نفسها عندما تبدأ المفاوضات الخاصة بالمسائل الثلاث الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
لكن بانتظار ذلك، وبالنظر لما جاء في كلام السفير بشار الجعفري رئيس وفد النظام والدكتور نصر الحريري رئيس وفد «الهيئة العليا للمفاوضات»، وأخيرا في تصريحات دي ميستورا نفسه مساء، فإنه من الواضح أن الأمم المتحدة لم تستطع حتى الآن حسم أي من المواضيع، لا الإجرائية ولا بالطبع الخاصة بصلب المفاوضات.
وتندرج هذه النتيجة الإيجابية في إطار ما تدعو إليه «الهيئة العليا» التي كررت خلال اليومين الأخيرين على لسان الناطق باسمها، سالم المسلط، أنها تريد مفاوضات «مباشرة». وكذلك أعلن نائب وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، أن حكومته لا تمانع في مفاوضات مباشرة. بيد أن المشكلة أن بين الإعراب عن موقف مبدئي وترجمته على طاولة المفاوضات ثمة عقبات يتعين على المبعوث الدولي العمل على تذليلها. وأمس، لم تستبعد مصادره أن يعمل «في مرحلة أولى» «ساعي بريد» بين النظام والمعارضة من أجل تحضير الأرضية قبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة. وتجدر الإشارة إلى أن وجود النظام والمعارضة في قاعة واحدة خلال جلسة الافتتاح ليس له أي معنى سياسي؛ لأن الجميع اكتفى بالاستماع إلى كلمة دي ميستورا، والانصراف بعدها، عقب جولات من المشاورات والمساومات التي انتهت بقبول وفود المعارضة الثلاثة الدخول إلى القاعة الكبرى للاجتماعات في قصر الأمم.
وفي نهاية يوم طويل من الاتصالات والاجتماعات المتنوعة، كشف دي ميستورا عن أنه سيجتمع اليوم بوفدي منصتي القاهرة وموسكو. لكنه أفاد بأنه لا يتوقع «إعلانًا خاصًا» ليومي السبت والأحد، ما يعني أن الأمور ستبقى مجمدة حتى يوم الاثنين على أمل أن يتلقى من الوفود الأربعة «تصوراتها» لما ستكون عليه الترتيبات الشكلية وأجندة المفاوضات. ووفق مصادر مكتب المبعوث الخاص، فإنه وضع سقفا زمنيا للجولة الأولى من جنيف 4 هو السادس من مارس (آذار). لكن مصادر دبلوماسية غربية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» اعتبرت أنه بذلك «يكرر الأخطاء» التي ارتكبها في الجولات السابقة عندما كان يقرّر التفاوض لأسبوع أو عشرة أيام تتبعها، يعقبها غياب من فترة زمنية مماثلة ما يفتح الباب أمام التصعيد الميداني ومحاولات التخريب من كل نوع. وقالت هذه المصادر إنه يتوجب عليه «ألا يتركهم يغادرون جنيف لأننا لا نعرف ما إذا كان قادرا على إعادتهم» إلى المدينة السويسرية.
حقيقة الأمر ألا أحد في جنيف، بما في ذلك وفد النظام ووفود المعارضة، على بينة مما سيحصل في الأيام المقبلة. والانطباع السائد أن ثمة نسبة كبيرة من «الارتجال» في عمل المبعوث الدولي وفريقه لأن «المسائل الإجرائية والتنظيمية» كان يفترض أن تحل قبل الوصول إلى جنيف. والحاصل أن جنيف 4 لن تنطلق جديًا قبل التفاهم على أمرين: الأول، صيغة التفاوض (مباشرة أو بالواسطة، وفد واحد للمعارضة أو عدة وفود، تشكيل لجان فرعية...) والثاني أجندة أو جدول أعمال المفاوضات (تناول المواضيع الثلاثة المطروحة بالتوازي أو تناولها بحسب ورودها في القرار الدولي رقم 2254، الذي يضع تحت عنوان الانتقال السياسي ثلاثة بنود، أولها تشكيل حكومة جديدة شاملة غير طائفية).
ويرى وفد «الهيئة العليا للمفاوضات»، وفق ما أكده الدكتور يحيى العريضي، مستشارها السياسي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تقسيم العملية إلى ثلاثة مسارات يعنى كل منها بموضوع محدد هو مقاربة لن تجدي»، مضيفًا أن وفد الهيئة العليا جاء إلى جنيف من أجل الوصول إلى عملية انتقال سياسية التي هي «هاجسه الأول لكنه يعرف الصعوبات التي تعيق ذلك». وزاد العريضي: «بالنظر لتعقيدات الوضع الدولي، يمكن البدء بتطبيق جدّي لوقف النار، وإيصال المساعدات الإنسانية، وتكريس البعد الإنساني، وإطلاق سراح المعتقلين، وكلها أمور موجودة في القرارات الدولية ويتعين على الدول التي وقعتها أن تفرض الالتزام بها».
من جهة أخرى، حفل أمس بكثير من الاجتماعات الداخلية للوفود السورية وباجتماعات ثنائية دعا إليها المبعوث الدولي دي ميستورا في مقر الأمم المتحدة مبتدئا بوفد النظام الذي يرأسه بشار الجعفري. وبعد لقاء طال لنحو الساعة، أعلن الأخير في تصريح مقتضب للصحافة أن الحديث دار فقط على «شكل الجلسة»، «والمقصود بها شكل جلسات التفاوض القادمة». كذلك أفاد الجعفري بأن دي ميستورا سلمه «ورقة» لم يكشف عن محتواها لكنه وعد المبعوث الدولي بدراستها والرد عليها في الجلسة القادمة، التي لم يحدد تاريخها، ولكنه «سيتم التوافق حولها بالقنوات الدبلوماسية مع مكتب دي ميستورا». ولم يكن مفهومًا سبب إشارة الجعفري للقنوات الدبلوماسية بينما لا يبعد الفندق الذي ينزل فيه وفد النظام عن قصر الأمم سوى بضعة كيلومترات ما يسهل التواصل المباشر مع ممثل الأمم المتحدة.
من جانبه، وصف نصر الحريري، رئيس وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» الاجتماع المطوّل مع دي ميستورا بأنه كان «إيجابيًا» وأن الأخير قدّم «اقتراحات وأفكارًا متحمسة أكثر من السابق للخوض بجدية في عملية الانتقال السياسي». غير أنه استدرك ليقول إنه «حتى اللحظة لا توجد خطوات محددة، لكنها نقاشات وترتيبات تتعلق بالتحضير للأيام المقبلة من المفاوضات التي تهدف لتحقيق الحل السياسي العادل». وفي إشارة إلى أن المحادثات مع دي ميستورا ما زالت في المراحل التمهيدية، أعلن الحريري أنه يجري البحث في «شكل المفاوضات» وهو «جزء من الترتيبات التي تجري راهنا مناقشتها مع كل القضايا الإجرائية الأخرى». وبعدما أشار رئيس وفد «الهيئة» إلى التضارب بين فهم النظام وفهم «الهيئة العليا للمفاوضات» لمفهوم عملية الانتقال السياسي، عمد إلى التذكير بمضمون قرار جنيف والخطوات التنفيذية له الواردة في القرارين الدوليين 2218 و2254. وحسب رأيه، فإن المطلوب من دي ميستورا «تنفيذ القرارات الدولية كما هي واردة» وليس أخذ رأي هذا الطرف أو ذاك.
وأما عن مضمون «الورقة» التي تسلمها من دي ميستورا، فأعلن الحريري أنها «تتناول القضايا الإجرائية، ولكن أيضا بعض الأفكار التي طرحها من أجل البدء في العملية السياسية».
هذا، وفي السياق نفسه، يؤخذ على المبعوث الدولي تناوله لهذه الجولة الرابعة وكأنها الجولة الأولى؛ إذ قالت مصادر في وفد «منصة القاهرة» في جنيف لـ«الشرق الأوسط» إن على المبعوث الدولي «أن يتوقف عن التلطي وراء تشكيل وفد واحد للمعارضة ورمي الكرة في ملعبها، وأن يعمد بدل ذلك إلى طرح نصوص والطلب بالدخول إلى صلب المناقشات» ولتكن مادة للتفاوض حولها قياسا لما قدمه كل طرف من أفكار وطروحات في الجولات السابقة.
وحقًا، بعد يومين من المشاورات والمناقشات التي لا تنتهي، لم يعرف ما إذا كان السوريون، نظاما ومعارضة، سينجحون في استغلال «الفرصة التاريخية» التي تحدث عنها المبعوث الدولي في كلمته بمناسبة الجلسة الافتتاحية. وكانت هذه الجلسة قد اتسمت بمناخ «جليدي»، ولم تنعقد إلا متأخرة لساعات وبعد لحظات درامية.
وكشفت مصادر وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» في لقاءات مع «الشرق الأوسط» عن أن الوفد هدد حقيقة بمقاطعتها، ولو فعل لكان من الصعب على دي ميستورا أن ينجح في تنظيمها. كذلك لم تفد «شطارة» دي ميستورا وفريقه في التغلب على الصعاب من خلال ابتداع صيغة «جغرافية» توهم بوجود وفد معارضة موحّد عن طريق جعلهم في جهة واحدة بمواجهة وفد النظام. ذلك أن الحقيقة أن ثلاثة وفود حضرت، أكبرها وفد «الهيئة العليا» الذي احتل الطاولة الكبرى، بينما أعطيت لوفدي منصتي القاهرة وموسكو طاولتين صغيرتين. وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية رافقت الاتصالات المكثفة إن دي ميستورا، بهذه الطريقة «أرضى» الطرف الروسي الذي يضغط ليكون للمنصتين المذكورتين تمثيل مستقل بحجة الحرص على «تمثيل حقيقي» للمعارضة المتنوعة، بينما الغرض المقصود، وفق المصادر نفسها: «إضعاف» وفد «الهيئة» وتطويعه استباقا للمواقف المتباعدة التي لا بد أن تظهر لاحقا عندما تبدأ المفاوضات الجدية - في حال بدأت - .



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.