ماكماستر يدرس إعادة هيكلة فريق السياسة الخارجية في البيت الأبيض

مستشار الأمن القومي يتمتع بسلطات أوسع من سلفه المستقيل

ماكماستر يدرس إعادة هيكلة  فريق السياسة الخارجية في البيت الأبيض
TT

ماكماستر يدرس إعادة هيكلة فريق السياسة الخارجية في البيت الأبيض

ماكماستر يدرس إعادة هيكلة  فريق السياسة الخارجية في البيت الأبيض

يعكف لفتنانت جنرال هيربرت ماكماستر، مستشار الأمن الوطني الجديد للرئيس دونالد ترمب، على دراسة إعادة تنظيم فريق العمل المعني بالسياسة الخارجية داخل البيت الأبيض، على نحو يمنحه المزيد من السيطرة على الأمن الداخلي ويتيح إمكانية الاتصال الكامل بالوكالات العسكرية والاستخباراتية.
في غضون أيام قليلة من انضمامه إلى البيت الأبيض، بدأ ماكماستر في دراسة إدخال تغييرات على مخطط تنظيمي كان قد أثار حفيظة الكثيرين لدى صدوره، الشهر الماضي. ومن بين المقترحات الجاري مناقشتها، إعادة العضوية الكاملة لمدير الاستخبارات الوطنية ورئيس هيئة الأركان المشتركة إلى لجنة ذات مستوى وزاري، تبعًا لما كشف عنه اثنان من المسؤولين شاركا في المناقشات الداخلية، شرط عدم كشف هويتهما. ومن بين التغييرات الأخرى المحتملة، إعادة دمج مجلس الأمن الداخلي تحت مظلة مجلس الأمن القومي، على النحو الذي كان قائمًا في عهد الرئيس باراك أوباما، حسبما أفاد به المسؤولان. وأشارا إلى أن قرار فصل فريق العمل المعني بالأمن الداخلي كان الهدف الرئيس من ورائه تقليص نفوذ سلف ماكماستر، مايكل فلين، الذي استقال، الأسبوع الماضي. أما اليوم، ومع رحيل فلين وانضمام ماكماستر، ربما يعاود المجلسان رفع تقاريرهما إليه.
ومن بين الأمور التي لم تحسم بعد، وضع ستيفين بانون، كبير الاستراتيجيين المعاونين للرئيس، الذي اضطلع بدور كبير في صياغة السياسة الخارجية حتى هذه اللحظة. وفي ظل مخطط التنظيم الصادر الشهر الماضي، وُجهت الدعوة إلى بانون لحضور جميع اجتماعات مجلس الأمن القومي التي يترأسها الرئيس، إلى جانب كونه عضوًا منتظم المشاركة فيما يطلق عليه «لجنة الرؤساء، المؤلفة من الوزراء».
من جهته، أعرب أحد المسؤولين رفيعي المستوى الداعمين لبانون عن اعتقاده بأن هذا الوضع لن يتغير في ظل أي جهود لإعادة التنظيم. وأعلن شون سبايسر، المتحدث الصحافي للبيت الأبيض، هذا الأسبوع أن ماكماستر سيتمتع بكامل السلطة لتنظيم فريق العمل المعاون له، لكن أية تغييرات تطرأ على وضع بانون ستتعين الموافقة عليها من طرف الرئيس.
من ناحية أخرى، وجه مسؤولون من إدارات سابقة وأعضاء كونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي انتقادات لقرار إشراك بانون في «لجنة الرؤساء»، محذرين من أن هذا يحمل مخاطرة إضفاء صبغة سياسية على الأمن القومي. جدير بالذكر أن كارل روف، المستشار رفيع المستوى المعاون للرئيس جورج بوش، بقي بوجه عام بمنأى عن اجتماعات الأمن القومي الحساسة. أما ديفيد أكسلرود، المستشار رفيع المستوى للرئيس أوباما، فحضر بعض اجتماعات اللجنة، لكن لم يمنح مكانة رسمية بها.
من جانبه، أعلن البيت الأبيض أن المخاوف إزاء دور بانون مبالغ فيها. إلا أن ترمب فوجئ بحدة الانتقادات التي أثارها المخطط الأول، واشتكى من أن فلين لم يشرح له بصورة كافية أهمية التغييرات أو كيف سيجري النظر إليها، تبعًا لما ذكره مسؤولون رفيعو المستوى.
جدير بالذكر أن لجنة الرؤساء، التي يترأسها مستشار الأمن القومي، تعد كيانًا محوريًا يتخذ قرارات بشأن قضايا السياسة الخارجية التي لا يجري تحويلها إلى الرئيس ويصوغ الخيارات المتاحة قبل اتخاذ القرار.
وكان المخطط التنظيمي الصادر الشهر الماضي، قد نص على أن كلاً من مدير الاستخبارات الوطنية ورئيس هيئة الأركان المشتركة سيحضران اجتماعات اللجنة، فقط «عندما تجري مناقشة قضايا على صلة بمسؤولياتهما ومجال خبرتيهما».
ومع أن قرار منح بانون مقعدا في اللجنة كان متعمدًا وعن وعي كامل، فإن فريق العمل المعاون لترمب لم يسع لتقليص دور مدير الاستخبارات الوطنية أو رئيس هيئة الأركان المشتركة، حسبما أفاد به مسؤولون. وأضاف المسؤولون أنه في خضم اضطلاع مساعدي ترمب بصياغة مخطط التنظيم، اعتمدوا حرفيًا على اللغة الواردة في مخطط التنظيم الخاص ببوش، الذي وضع مدير الاستخبارات الوطنية محل مدير وكالة الاستخبارات المركزية، الذي كان يترأس حينذاك وكالات الاستخبارات على مستوى البلاد. إلا أن الأمر الذي لم يدركه فريق العمل المعاون لترمب، حسبما ذكر مسؤولون، هو أن مخطط التنظيم الصادر عن أوباما جعل من هذين الاثنين أعضاء كاملي العضوية في اللجنة. وربما لم يهدف مساعدو ترمب لإحداث تغيير جوهري، لكن الرمزية السياسية وراء ترقية بانون، في الوقت الذي بدا أن ثمة تقليصًا من مكانة القيادات العسكرية والاستخباراتية، سرعان ما جذبت الأنظار.
وحتى من قبل تعيين ماكماستر، كان مسؤولو البيت الأبيض يتحدثون عن تنقيح مخطط التنظيم. وأثيرت القضية بعدما طلب ترمب من فلين تقديم استقالته الأسبوع الماضي بسبب تورط الأخير في تضليل نائب الرئيس مايك بنس ومسؤولين آخرين بالبيت الأبيض بخصوص ما ناقشه مع السفير الروسي خلال محادثة هاتفية جرت بينهما في ديسمبر (كانون الأول). وفي ظل قيادة فلين، أصاب التوتر صفوف فريق العمل داخل مجلس الأمن الوطني بسبب الإدارة الجديدة. واشتكى أعضاء المجلس من أنه جرى إقصاؤهم عن الاجتماعات التي تتناول مجالات مسؤولياتهم، ولم يجر إطلاعهم بصورة كاملة على سياسات الرئيس أو اتصالاته مع قيادات أجنبية. وأعرب البعض عن مخاوفهم من أن تكون محادثاتهم الهاتفية وبريدهم الإلكتروني خاضعة للمراقبة. في المقابل، يشتبه فريق المعاون لترمب في تورط أعضاء المجلس في تسريب معلومات بهدف تخريب خطط الرئيس الجديد.
أما فيما يتعلق بماكماستر، فإنه في الوقت الذي يتمتع فيه بخبرة محدودة في العمل داخل واشنطن، فإن تعيينه لاقى ترحيبًا واسعًا على الصعيد السياسي، باعتباره مؤشرًا على صياغة فريق عمل للأمن الوطني أكثر براغماتية وأقل آيديولوجية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».